hit counter script
شريط الأحداث

- ليبانون فايلز

رانيا الأشقر... عن فالنتينو الشغف والعشق والحبّ

السبت ١٥ شباط ٢٠١٧ - 20:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لطالما ذهلت البشريّة بأساطير العشق. ولطالما استعادت بالآداب والفنون قصص حبّ شغلت الناس والعصور. هو الحبّ في الحالة المقدَّسة التي لا تُفسَّر بمنطق، وعلى أبواب عيد قدّيسه وشفيعه فالنتينو، قاربته الإعلامية رانيا الأشقر بقالب علميّ نفسيّ بحثيّ وتشريحيّ من خلال إطلالة مبهرة في الشكل والمضمون في برنامجALIVE على محطّة "ام تي في" مع الدكتورة في علم النفس والمعالجة والأستاذة الجامعية ألين الحسيني.

"حبّو بعضن تركو بعضن"...ما هو الحبّ ولماذا وكيف نحبّ؟ وهذا الشخص الذي كان تبوّأ أعظم منازل العشق في القلوب كيف يصبح موضع كراهيّة؟ وهل ممكن خارج أحوال المشاعر وبالتحليل النفسي تفهّم ما يجري؟
تقرّ الحسيني بتعدّد "الحالات التي تقع نظرياً في خانة الحبّ، ومنها ما هو غريب عجيب. فالحبّ مجموعة من المشاعر المعقّدة، تحمل سمات انفعاليّة، ونزوات، وتناقضات، تغسل في بعضها آفات تدمير الذات أو العلاقة أو الآخر، وتقع في بعضها الآخر في نزوة الموت. الموت بالمعنى الشامل وفيه القهر والإلغاء. فبين بناء أو تدمير الآخر تظهر التدرّجات في إشكاليّة الحبّ".
الأشقر الآتية من خلفيّة تربويّة ومن تجربة ثقافيّة مستندة إلى إجازة في الأدب الفرنسي مع دراسات عليا في الإدارة التربويةّ وأخرى تنهيها قريباً عن عالم المراهق، أضاءت على الحلقة بشاعريّة وبدت محتفلة باللحظة. "كيف للشغف أن ينتهي"، سألت. "رأيي إنه يتجدّد في أشكال وتحوّلات". وهي إذ وافقت الحسيني على "حالات الإعجاب والرغبات والتعلّق والتبعيّة وحبّ الصورة التي يعكسها الآخر عن ذاتنا من خلال العشق"، إلاّ أنها بدت غير مقتنعة "بالشغف الذي إمّا يرتفع إلى مصاف الحبّ أو ينتهي بفاجعة خلال فترة تمتد ما بين ستة أشهر وسنتين"، على ما شدّدت عليه الحسيني.
رانيا الأشقر التي عوَّدت متتبعيها على الإبهار في الإعداد والحوار كانت تعرّفت من خلال الأدب والشعر على تجارب هيركليس وأشيلي اليونانييْن وقد ماتا شغفاً وعشقاً. وماذا عن روميو؟ وجاك في فيلم تايتانيك الذي صعق بالشغف منذ النظرة الأولى؟ ماذا عن ما خطّه راسين وشكسبير وغيرهما وغيرها من الحالات القائمة والمعاشة؟
طبعاً، لم تنف الحسيني فعل الشغف الكبير في مسار الحبّ. الشغف الذي هو حياة وتحدّ ورفض لليأس وطلباً للربيع، "لكن لا يستطيع الإنسان الإقامة الدائمة في الشغف. الشغف عليه أن ينضح ويتحوّل ويرتقي أو ينتهي. فالانصهار في الحبّ يعني ثلاثية الأنا والآخر والعلاقة، وهذه لا نجدها في الشغف. عظمة الشغف تكمن في سرّه. السرّ هو الفراغ الذي يرفضه الشخص في ذاته وروحه وعمق أعماقه وبالنتيجة في لا وعيه".
"في الشغف محو للذات. فيه تأليه للآخر. في الشغف لا يعود العاشق موجوداً، فقط الآخر. ولذلك، صحيح هناك ما نتفق على تسميته بالحبّ من النظرة الأولى"، تضيف الحسيني، "بينما في الحبّ هناك أكثر. هناك نوع من الترتيب مقابل الفوضى. في الحبّ إعجاب ورغبة وتنازلات وانصهار وتقدير وارتباط. الحبّ بحاجة إلى عمل وجهد وثقافة".
وفيما تشير الأشقر إلى "القدر الكبير من الإدمان في العشق، والشغف القاتل والقلق من خسارة الآخر الذي هو قلق من خسارة الشعور بحدّ ذاته، والمراهقة في السلوكيات التي تطبع العشق والتي تحفَزه والذي تتخلّله موجات تصاعدية أو تراجعية، والحالة النفسية للعاشق وتصرفاته وردّات الفعل وطلب التجديد في التجربة والإرتقاء بها"، تؤكد الحسيني ذلك وتربط "كل هذه المشاعر بحاجة الإنسان إليها وبالحاجة إلى أن يُحَبّ، لتصبح الحالة محفورة بذاكرته العاطفية ولو تخللها ألم وشوقٌ وغليان وحميمية وتعلقٌ وتوقعات كبرى وقتل للروتين وإدخال ما هو غير مألوف وتقليديّ على العلاقة. فذلك كله يعود إلى مستوى الدفق في العلاقة التي تتراوح من بسيطة عاديّة إلى مميَزة ومتطلَبة. وإذا طالت، تتحول العلاقة إلى الالتزام وإلى تفاعليّة أكبر، فيكون الانتقال من المرحلة الشغفية الأولى إلى ما هو أشمل، ومن اللامنظور إلى المنظور في السلوك والشعور والإدراك، الذي يتحَّول عندها إلى الحبّ".
الأشقر شاركت الحسيني مرافعتها النفسيّة الكاملة عن الحبّ، الذي يقع أيضاً في منزلقات ويسقط.
وهي في قرارة ذاتها كما الحسيني تماماً يدركان المدى الضيَق الذي نحوز فيه على القدرة الواعية في تلمَس معرفتنا لذاتنا وهي لا تتجاوز ال 5 % من الوعي الدماغي، في حين تبقى 95 % من القدرات مستسلمة لما لا يمكن للمنطق إدراكه، وهنا يكمن العشق والحبّ.
فالنتينو بالنتيجة هو تجسيد لعلاقة تتكامل ما بين الشعور والأحاسيس والسلوكيات، والأفكار التي نعيها والتي هي وراء الشعور والسلوك، وفي ديناميكية العواطف، نحبّ الشعور بالعشق. فالعشق
هو حبّ شغفي. وشغف الحبّ هو العشق.
لكن ما لم ولا يجسر العلم على الإبحار في ما ليس له قدرة على تفسيره والمكاشفة بشأنه، هو الحضور الإلهي في الذات البشرية، والإقامة في عواصف وأنواء الروح، وهي مرايا وظلال مقدَّسة، أكان لها أن تتخذ في الكلمة تعابير "الشغف أو "العشق" أو "الحبّ"، أو حالاتها كلها، أو تجلَياتها مجتمعة، أو سلوكيَاتها على تنوَعها، أو ترجماتها الحسَية أو الغامضة، الواعية أو دون الوعي فيها، لا يهم، لأن المقدَّس قائم ومقيم فيها كلّها ولا داع إلى الحجَّة والبرهان في ما يعتري مسالكها. فليس ترفيهاً هو الشغف والعشق والحبّ، بل رغبة جامحة للإقامة ما بينهم وفيهم، بالعين أولاً، وبالأذن ثانياً، وبالبحّة ثالثاً، في الصوت الذي هو آيةُ. وها هو المشغوف والعاشق مقيم ما بينهم، وبما تتيحه له الروح وقدسيّة الحالة من فرادة الفهم وغرابة ولوج ما لا يولَج… إلاّ بالغرق. ولا حيلة له إلاّ بهما. ولا تراجع. ولا رجوع.
وكلّ فالنتينو مفترض ختاماً، إنما يرفع رتبة علاقته بالشغف وبالعشق إلى المقام المقدَّس الذي تحمله إليه أجنحة الحبّ. فالأعظم هو الحبّ. دون الحبّ، الدمار والموت والنهايات. وعندما يسعى العقل البشري إلى إيصال فكرة تلامس القلب من خلال الجدل والنقاش والتحليل، هذا يسمى ببساطة الابداع. 

  • شارك الخبر