hit counter script

- روبير فرنجية

بين المفتي والمطرب

السبت ١٥ شباط ٢٠١٧ - 06:17

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كيف يكون التعايش الأصيل والانفتاح النبيل أكثر من هذا المثل الذى لا يشبهه أي مثيل: عبد الكريم الشعار ابن الفيحاء والمسلم ابن الأم المسيحية الذي يجود القرآن الكريم ويغني، هو شقيق مفتي الاعتدال وطرابلس والشمال، الشيخ مالك الشعار، ووالد المطربة رنين الشعار التي جسّدت السيدة العذراء على خشبة المسرح في عمل "السامرية".
والد يجود القرآن الكريم الذي تعلمه عند الحاج أبو العبد المملوك الذي كان لفترة طويلة يعلم التجويد في طرابلس، وابنة ترتل من وحي الانجيل: أليس هذا هو التعايش المنشود الذي يسبق في أحيان كثيرة عظات الكنائس يوم الاحد وخطب المساجد يوم الجمعة وخطابات بعض نجوم السياسة؟ عبد الكريم الشعار واحد من خمسة أشقاء في عاصمة الشمال وقع في صغره في غرام الغناء وأحب الكبار مثل سيد درويش وصالح عبد الحي والشيخ زكريا أحمد ومحمد عثمان ورياض السنباطي وأم كلثوم التي غنت في مدينة عشقت الفرح في الماضي والحاضر. أحب عبد الكريم الموشحات والقدود فكان يلحق بأميره صباح فخري حين كان يغني في طرابلس فيتلصص على قامته المطلة من المسرح عبر النوافذ الصغيرة، لانه لم يكن يمتلك ثمن تذكرة دخول إلى المكان. أحب الشعار العود والموسيقى والاشعار، الموسيقى البيزنطية والاغنية الطربية.
كانت أسرة بندلي المسيحية المسماة بالاسطول الفني جارته في شارع المعرض، ولم يكن قد فرشت أرضه بالإسفلت بعد. كان يتردد إلى دارة عميدها إدوارد بندلي كل ليلة وفي بهو المنزل حيث هناك نسيبهم عازف العود الشهير صليبا القطريب وبناته دورا وناديا ويولا وميشلين والشباب رنيه وروجيه وفادي يتناوبون على الغناء والعزف والآهات. هناك سمعه الفنان روميو لحود وأخذه إلى استديو الفن 1973 وكان بين الهواة يومذاك مواطنه الطرابلسي وليد توفيق وآمال طنب ومنى مرعشلي وعبدو ياغي. لمع اسم الشعار وانتزع الميدالية الذهبية. وبين خيار الاستغناء عن اسمه كما هو على بطاقة الهوية، عبد الكريم عبد الكريم (مكررا) الشعار، ليصبح نجما، والتمسك به لكي يبقى أصيلا لبيئته، فضل أن يخسر العروض والفرص وأن لا يخسر قيمته وقيمه.
هذا غيض من فيض في مسيرة هذه العائلة التي لا تختلف مواقفها بين شيخ وعمامة ومطرب بصلعته المحببة. مفتي الاعتدال والشراكة الشمالية الذي عمل على تأهيل الجسور المتصدعة بين طرابلس وزغرتا، فأحيا الجيرة العريقة، وبخطابه عمق الألفة والمودة ليعيش الشمال من جديد فرح امتزاج الفصح والفطر الأول مجيدا والثاني سعيدا .
 

  • شارك الخبر