hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - مازن ح. عبّود

قصة الشمس

الثلاثاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٧ - 06:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

حاول النظر الى الشمس، لم يستطع رؤيتها بسبب قوة انوارها. صمت اذ احتار في سرها، وسأل عن ماهية القرص المضيء في صحن السماء الزرقاء الذي كان يحتجب حينا خلف الغيمات ومن ثمّ يعود فيظهر براقا اكثر من اي شيئ. فكان ان اجبته بانّ هذا القرص هو قرص الانوار والدفء والحياة الذي نسميه شمسا. ابلغته بانّ الكوكب معتم ومن دون اغذية من دونه. عاد فتطلع بها على قدر ما استطاع، وسأل :"الا فابلغني يا ابي قصة الشمس، لم تشرق؟ ولم تغيب؟".

فأجبت: انّ الشمس قرص يولد صغيرا خلف الجبال صبيحة كل يوم وينمو في صحن السماء ويكتمل في الظهيرة قبل ان يعود فيصغر كي ينطفئ عند كل غروب ويغطس في البحار البعيدة، هكذا نراها يا بنيّ لكنها ليست هكذا بالحقيقة. ما نعتقد بانه الحقيقة ليس بالضرورة كل الحقيقة بل انه ما نستطيع ادراكه منها. لقد عبد القدماء الشمس يا بنيّ واعتقدوا بانها الاله، الا انها لم تكن الله يا صغيري بل كانت مرآة للشمس الحقيقية وهو الشمس الحقيقية. انّ الشمس يا ولدي تشرق وتغيب كي تبلغنا بانّ لكل شيء على البسيطة عمر، فحتى الادوار تبدأ صغيرة وبسيطة قبل ان تكبر ومن ثمّ تشيخ وتنطفئ.
تذّكر جيدا ذلك يا ولدي ولا تسكر ان كبرت شمسك فتخسر احباءك، لأنها حتما ستعود وتغيب كي تبدأ شمس احد غيرك. فكل شروق يليه غروب وبعد الغروب يأتي الليل الذي يفضي الى نهار جديد وشخصيات جديدة بأدوار جديدة. تحترق الشمس يا بني كي ترفد الارض وسائر الكواكب بالنار والنور. لا تستقبل الارض كل انوارها بل تعكس بعضها كي تنير من حولها بنور الشمس. بدأ كوكبنا يسخن عندما قرر زعماء البشر لا اراديا الاحتفاظ بالأنوار لأنفسهم وللكوكب، وما عاد الكوكب يعكس الكثير مم يتلقاه على المجرة، فكان ان ارتفعت حرارته وبدأت تزول عناصره الجميلة. فشحت المياه العذبة وازدادت الفيضانات، غمرت المياه الناس الا انها ما عادت تجد طريقها الى افواههم كي تروي عطشهم، كثرت في المجاري والبحار وقلت في التربة والينابيع والخزازين الجوفية وغير الجوفية والجداول والانهار، زبلت الغابات وتراجعت المساحات الخضراء لحساب الصفراء.
واضحى الاصفر يرتسم ابتسامات مخيفة على افواه بشرية تصحرت الى حدود الانتفاخ والانفجار. تعلم يا ولدي ولا تحتفظ بكل ما يصل اليك من اشعة ودفء وانوار وكنوز بل اعكسه على غيرك كي يصير خيرات فتسلم ويسلم من حولك، فيقال حينها بأنك مرآة للشمس الحقيقية المعطية للحياة والمواهب والدفء والغنى والانوار، والا فانك ستحتر وتحترق وتعطش وانت مغمور بالمياه وتموت عطشا.
تشرق الشمس يوميا يا ولدي كي تلقن البشر دروسا في النور والدفء والعطاء، تدعوهم ان يصيروا مرايا يعكسون الانوار. لا تنسى يا صغيري بانّ الشمس هي وحدها التي تدوم وكل شيء لا يتلاءم معها يسقط. سر يا عزيزي طالما انت في النور واعلم دوما انك لست النور. تذكر بانّ الشمس تذوب كي تنتج الانوار، فذب كي تكون ومضة في ظلمات هذا العالم. لا تحتفظ بما يبلغك كله والا احتررت واحترقت في طمعك. هذه الاقوال اقولها لك فأكتبها في حسك من نور كي لا تقع في الظلمات يوما.

  • شارك الخبر