hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

حداد ترأس قداسا لراحة نفس كبوجي في صيدا

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٧ - 20:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ترأس راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران ايلي حداد قداسا لراحة نفس النائب البطريركي الأسبق في القدس الشريف مثلث الرحمة المطران ايلاريون كبوجي، وذلك في كنيسة مار نيقولاوس في صيدا، وعاونه عدد من الكهنة، في حضور نواب وفاعليات.

وألقى المطران حداد كلمة تناول فيها المسيرة النضالية والفدائية للمطران كبوجي، دفاعا عن القضية الفلسطينية وقال: "نلتقي اليوم تحية لروح كبير من قومنا هو المثلث الرحمة المطران إيلاريون كبوجي. لقد تتالت القداديس والصلوات في كل أبرشياتنا لروحه الطاهرة. وها نحن بدورنا نقف لنصلي في أبرشيتنا الصيداوية، ومعكم أحباء المطران وأحباء القضية الفلسطينية لراحة نفس الراحل".

أضاف: "حملت بداية عام 2017، نبأ رحيل المطران هيلاريون كبوجي مطران القدس في المنفى والنائب البطريركي للقدس في روما عن 94 عاما. "المطران الفدائي" ناضل من أجل القضية الفلسطينية في شتى المجالات ومختلف الوسائل، حيث أصبح عنوانا بارزا من عناوين القضية الفلسطينية، وأحد أبرز المناضلين في صفوفها، ومجسدا حقيقة قدسية القضية الفلسطينية، وأنها لا تقتصر على أبناء فلسطين فحسب، ولا على المسلمين فقط، ولا على القيادات غير الروحية، ولا حتى على سن معينة، ولا جنسية، صانعا نموذجا فريدا من النضال من أجل أقدس القضايا. هذا هو المطران كبوجي، الذي تفتحت ذاكرتنا على اسمه، وعرفناه لاحقا عن كثب، سوري الجنسية، كاثوليكب المذهب، لبناني الهوى، وفلسطيني الانتماء. هذه النماذج لرجل الدين المولود في حلب ب2 آذار 1922، وانتقل في عام 1933 إلى دير الشير - قرب عاليه في لبنان، وبقي حتى عام 1944، فالتحق بدير القديسة حنة في القدس، وتابع دراسة اللاهوت وسيم كاهنا في عام 1947. ثم عين رئيسا عاما للرهبانية الحلبية في عام 1963، وسيم مطرانا في 6 تشرين الثاني 1965، وعين رئيسا فخريا لأساقفة قيصرية في فلسطين، ونائبا بطريركيا في القدس للروم الكاثوليك".

وتابع: "بعد الاحتلال الإسرائيلي لأول عاصمة عربية، مدينة القدس في عام 1967، كان للمطران كبوجي دور مهم في تثبيت المقدسيين في مدينتهم، مفشلا مخطط ضرب المسلمين والمسيحيين، بل مجسدا التلاحم بالتصدي لقوات الاحتلال، فتعدت عظاته ومواقفه الإعلامية إلى صياغة بيانات وتحركات كانت فيها بصماته واضحة، وصولا إلى دعمه للمقاومة ونقله السلاح للفدائيين".

واردف: "جرت محاكمة المطران كبوجي، وصدر بحقه حكم بتاريخ 24 أيلول 1974 قضى بسجنه لمدة 12 عاما، لكن بناء على طلب البابا بولس السادس أفرج عنه في تشرين الثاني 1977 مع إبعاده عن فلسطين، واشتراط عدم تدخله بالسياسة، فعينه الفاتيكان زائرا دينيا لأبناء طائفته في أميركا اللاتينية، حيث التزم بذلك، على ألا تتعدى المدة أكثر من 3 أشهر، وقد مرت من دون اتصاله بأحد، مدركا أن هناك مؤامرة لإبعاده عن فلسطين، لكن من رضع حليب الفداء ونصرة المظلومين، أصبح من أبرز الدعاة للقضية الفلسطينية، وفي شتى المجالات، فاستقل طائرة من الأرجنتين باتجاه سوريا التي وصلها بتاريخ 19 كانون الثاني 1979، ليشارك في أعمال المجلس الوطني الفلسطيني. ولم يمنعه تقدمه في السن من مواصلة النضال من أجل قضية فلسطين، فشارك في "سفينة الأخوة" بتاريخ 4 شباط 2009، منطلقا من شمالي لبنان باتجاه غزة لكسر الحصار عنها، حيث اعتقل مع عدد من المتضامنين، وأطلق سراحه عند بوابة الجولان. ثم شارك في أسطول الحرية بتاريخ 31 أيار 2010، الذي تعرض إلى هجوم من قبل قوات الاحتلال، مما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى في السفينة "مافي مرمرة"، فاعتقل وأبعد إلى الأردن، ومنها عاد إلى سوريا بتاريخ 8 حزيران 2010".

وقال: "وهكذا الشغوف بتكحيل عينيه برؤية فلسطين وتنشق هوائها العليل قبل أن يغادر الدنيا، حقق له الاحتلال أمنيته مرتين، بعد أن اعتقل فيهما، وهو على متن سفن التضامن، ونقل من أقصى الجنوب الفلسطيني إلى شرقها وشمالها. وكما كان في مختلف مراحل حياته، زاهدا في العمل على الوحدة الوطنية والقومية والعربية، وأيضا على وحدة الصف المسيحية - الإسلامية، حقق ذلك بأن شارك في الصلاة التي أقيمت بعد الفجر على متن سفينة التضامن في عام 2010، مجسدا صورة عن التعايش بين الديانات التي أحوج ما نكون إليها في أيامنا الراهنة، حيث يتم القتل باسم الدين وهو منهم براء".

ولفت الى انه "جرى تكريم المطران الفدائي، في فلسطين ولبنان وسوريا، والعديد من الدول، التي أصدرت طوابع تذكارية تكريمية له. لقد شكل المطران الراحل نقطة تحول مهمة في تاريخ الصراع العربي - الصهيوني يحتذى بها، نظرا إلى تميزها في كل محطاتها ومفاصلها. اليوم، يرحل المطران كبوجي، وهو الذي اعتصر قلبه باستمرار الاحتلال الصهيوني لفلسطين، والجولان السوري، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا في لبنان، وحال التمزق التي تعيشها سوريا والعديد من الدول العربية، وهو الذي كان قد وعى باكرا مخاطر المخطط الهادف إلى تفتيت وإشغال الدول العربية خدمة للكيان الصهيوني".

أضاف: "يغيب المطران جسدا، وكله أمل بأن في الأمة العربية من سيواصلون النضال، بعدما تفتح وعيهم على ذاكرة الأمل، الذين يعرفون المطران الفدائي عن كثب، كانوا يجدون به ملجأ عند الشدائد. يرقد جثمان الراحل بحسب وصيته في حضن والدته في لبنان، التي احتضنها بعد وفاتها، وهو بذلك يؤكد على نموذج جديد بأن يوارى الثرى في بلاد الأرز، ليبقى مرابطا في بلاد الشام، ومطمئنا إلى لبنان في خياله، وعين على سوريا حيث الولادة وأخرى على فلسطين، حيث سار على درب الجلجلة طالبا الشهادة.

وأردف: "نستطيع أن نلخص مسيرة هذا الراحل الكبير بأنه رجل قضية اسمها الإنسان. لقد نذر ذاته لخدمة كل إنسان وبخاصة الفقير والمظلوم والبائس، فتلاقت القضية الفلسطينية مع نذوره الرهبانية، ووجد أن الإنسان في فلسطين هو مرسل من الله إليه ليحمل قضيته العادلة. لم يفرق بين إنسان مسيحي ومسلم، بين قضية وأخرى، فكل القضايا العادلة تجتمع في عمق تكرس الراهب، فيترفع عن الفئوية والمذهبية، ويصبح وطنه ليس من هذا العالم، بل الخدمة ليربح العالم الآتي".

وختم: "ربح المطران كبوجي قضيته في هذا العالم وربحها في العالم الآتي، حيث يلتقي وجه ربه اليوم مرتاحا، فيقول له الله تعالى: "لقد كنت أمينا على دعوتك في محبة الإنسان، وشاهدا للمحبة والعدالة. لقد جاهدت الجهاد الحسن وأكملت شوطك ببطولة فادخل إلى فرح ربك". باسمنا وباسم جميع أبناء أبرشيتنا كهنة وعلمانيين، أتقدم بتعازينا القلبية، لا بل بمباركتنا لكم بهذا البطل، الذي لم يمت اليوم، بل ولد كي تبقى ذكراه خالدة إلى الأبد. مع القديسين ارح يا رب نفس المثلث الرحمة المطران إيلاريون الراحل حيث لا وجع ولا حزن ولا تنهد بل حياة لا نهاية لها".

وبعد ذلك، تقبل المطران حداد التعازي بالمطران كبوجي في صالون الكاتدرائية من فاعليات صيدا والجوار.
 

  • شارك الخبر