hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - الياس قطار

?تفاهم معراب?... نخب المسار والمصير!

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٧ - 06:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

البلد

انطوى عامٌ... وكأنه البارحة. انطوى عامٌ ولم تُطوَ المصالحة المسيحية التاريخية كما اشتهى كثيرون. انطوى عامٌ والمسيحيون يعيشون على أوكسيجين ذاك الحلم الذي تشارك فيه طرفان مسيحيان ما اعتادا التشارُك يومًا. انخفض منسوب الحقد في النفوس، هدأ المعترضون، ساهمت الثمار الملموسة في تبريد دمائهم الحامية... ورقة معراب صارت دستورًا. صارت إنجيلًا سياسيًا .

لا تهمّ التسمية التي اصطلح الفريقان بالتراضي على تكريس اسم معراب فيها تخليدًا لاسم المكان الذي شهد إعلان ترشيح القوات للعماد ميشال عون. لا تهم التسمية طالما أن أجزاءً طفيفة من الحلم الكبير تحققت وآخرها وصول عون الى قصر بعبدا. لا تهمّ التسمية طالما أن البطلين معروفان: أحدهما انتقل من “استشارية” الإعلام الى وزارته، وثانيهما ما زال يصارع في ملفات سياسية ومالية أخرى ويستعدّ لحصادٍ جديد في حقول المسيحيين.

تحفظ سير الأقدام ...

لم يعد ابراهيم كنعان وملحم رياشي رجليْن عاديَّين، وليس هما في الواقع رجليْن خارقين رغم أن ما حققاه لم يتوقعه ابنُ عاقل. لم يعد كانون الثاني باردًا. استحال شديد الدفء في مُرتَفعَي الرابية ومعراب. في المَوطِنَين لحظاتٌ لا تُنسى، زياراتٌ تحفظ لأصحابها سيرَ أقدامٍ أعلِن عن قليلها وبقي وافرُها سرًا تحفظه الكواليس وذاكرتان كنعانية ورياشيّة تخزّنان مسارًا غيّر مصيرًا مذ تبرعمَ في لحظاته الأولى قبل أن يستحيل مصالحةً تاريخية. مصالحةً لا يحتاج المشككون والمحاسبون الى التساؤل عما أتت به من ثمار حتى الساعة طالما أن طرفيها يعتبران أن ما تحقق حتى اليوم ما هو سوى البداية.

 

تفصيل أمام "المشروع الأكبر"

ليس ميشال عون وسمير جعجع هاويَي عزل ببساطة وإن كان تفاهمُهما يوظَّف بهذه الطريقة ويُظهَّر على أنه مسعًى صريح الى الاستئثار بمغانم الحصّة المسيحيّة. سقطت تلك النظرية جزئيًا في الانتخابات البلدية، وأمعنت في السقوط في التسوية الرئاسية التي استولدت حكومةً جامعة ما استثنت سوى الكتائبيين طوعًا وقسرًا رغم أن كثيرين حاولوا ربط بقاء الصيفي خارج المعادلة الحكومية بتصفية حساباتٍ خاصّة بينها وبين معراب. ربما قد تكون تلك المشهديات المُنجَزة مجرّد تفصيل أمام “المشروع الأكبر” الذي ينظر اليه الحليفان الندّان على المدى البعيد والمتجسّد في تطعيم الكلمة المسيحية بجرعةٍ من القوّة الفاعلة القادرة على قلب الموازين، والخروج من عباءةٍ وضعت على منكبَي المسيحية وناسها على أنهم “أهل ذمّة” وضحايا غبن وأقلية تستعطي حقوقها من الطائفتين الشريكتين.

 

ذات شتاء دافئ !

في الأمس أطفأ العونيون والقواتيون شمعة حبّهما الأول. شربا نخب الآتي. ذاك النخب الذي شرباه في معراب ذات شتاء دافئ. آلوا على أنفسهم أنّ ما يجمعه الصفحُ لا يفرّقه قانون انتخاب. بالنسبة الى معراب تفي الرابية بكلّ وعودها المنصوص عليها في ورقة المصالحة، كيف لا وهي التي استماتت مع رئيس الجمهورية من أجل منح القواتيين حصّة حكومية لا يحلم فيها طرفٌ آخر بالحجم التمثيلي لمعراب برلمانيًا. وعدُ الرابية دينٌ تمامًا كما لم تخِلّ معراب بوعودها واستماتت حتى أوصلت العماد عون الى سدّة الرئاسة الأولى. يتذكّر الرئيس عون حتمًا تلك اللحظة المصيرية، بعض الوجوه العابسة التي لم تهضم الأمر، بعض التعليقات القواتية القاسية التي ما استساغت تخلّي الحكيم عن ترشيحه لصالح عدوّه التاريخي المفترض “سرمدي”، تمامًا كما يتذكّر جعجع جيدًا بعض الهمس الذي ما عاد همسًا من عوائل شهداء الحرب اللائمين. ربما يفهم هؤلاء اليوم حقيقة ما فعله رجل معراب. ربما يفهم هؤلاء عندما يعون أن التفاهم المسيحي شلّ مجلسًا الى حين إقرار قانون استعادة الجنسية، وعلّق رئاسة الى حين انتخاب ميشال عون، وأرجأ تشكيل حكومة الى حين إنصاف القواتيين والعونيين في حصتهم. وأغلب الظنّ سيفهمون أكثر عندما يتمكّن المسيحيون من استعادة بعض النواب المسيحيين بأصواتهم أيًا يكن القانون المنتصر في نهاية المطاف.

 

هواجسُ يومية

على عبارة “أوعا خيّك” يصحو ابراهيم كنعان وملحم رياشي ومعهما معظم المسيحيين اليوم. هو مسارٌ طويلٌ صونًا للمصير. أنّى حلّا يستحيل اللقاء محطة لاستعراض ما قبل والتحضير لما بعد. هي هواجسُ يومية ترافق الرجلين اللذين نادرًا ما لا تجمعهما الأصبحة والمساءات. هواجسُ لا تُحصَر في قانون الانتخاب الذي علمت “البلد” بشأنه أن صيغةً مشتركة بين الرابية ومعراب تُعدُّ برويةٍ وكان من المفترض أن يتوجه كنعان وجبران باسيل الى معراب ليل أمس الأول بيد أن الجلسة التشريعية المسائية الماراتونية حالت دون ذلك، على ألّا يحول ذاك المطبّ الزمني دون خروج صيغةٍ مشتركة قريبًا تستكمل مسار التفاهم بينهما بالتنسيق مع تيار المستقبل وحركة أمل .

 

رجلان... وذاكرتان

كثيرة هي اللحظات التي سيتذكّرها المسيحيون على ما يبدو من لقاء قائدَيهم، وأكثر منها تلك التي تضجّ بها ذاكرتا رياشي وكنعان. ذاك الوزير الشعبوي العامل بصمتٍ والذي ما انفك قبل توزيره يقول للصحافيين: نادوني فخري الى أن أصبح وزيرًا؛ وذاك النائب الذي لا يمكن أن يُسقِط من شريط ذكرياته يوم قرأ النيّة في قداس شهداء القوات متأثّرًا كاسرًا بعضًا لا بل جُلًا من حدّة كأس التاريخ المُرّة ...

  • شارك الخبر