hit counter script

باقلامهم - مازن ح. عبّود

في العام الرابع وقداس البلمند وحلب ومسيرة التجدد

الثلاثاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٧ - 06:17

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بالامس قدم نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني ووزير الدفاع يعقوب الصراف ووزير مكافحة الفساد نقولا تويني الى البلمند للمشاركة في القداس الاول للبطريرك في لبنان في العام 2017 وفي قداسهم الاول معه بعد تسميتهم وزراء عن عائلة الروم الارثوذكس في حكومة العهد الاولى وذلك بغياب لافت لوزير الاقتصاد والتجارة الذي ينتمي الى عائلة الروم الارثوذكس ايضا على ما يبدو. اجتمعت الكنيسة في القداس حول البطريرك وبمشاركة ممثليها في الحكومة. فكان لقاء ما بين الطائفة والكنيسة في اروقة المؤسسة الكنسية.

البطريرك الذي احتفل بالميلاد في كنيسة النبي ايليا في حلب وبعيد رأس السنة في دمشق بدا مرتاحا في القداس، رحّب بالمشاركين وتكلم عن ادوار ابنائه التي يجب ان تتخطى الطائفة في سبيل البلد. وتكلم عن لبنان ومسيحي الشرق والمخطوفين وعن صليب تغييب المطرانين يوحنّا وبولس بعيد احتفال الكنيسة بذكرى فك سلاسل بطرس الرسول والم سوريا وفرحة العيد في حلب. كما انه لم ينسى ان يرسل تحية شكر الى رئيس الجمهورية. تكلم عن المصلوبية واستعار كلمات ذهبية للبطريرك هزيم في هذا الاطار، ودعا الوزراء الى حمل عذابات الناس ومشكلاتهم وقضاياهم. وذكرهم بأنّ عليهم ان يتعبوا ويسهروا ويعملوا كي يستريح المواطنون.
فالبطريرك يوحنّا بدا متجددا بعد ان كلل سنته الرابعة في السدة البطريركية بزيارة حج الى الطفل الالهي الذي وجده ما بين الاطفال المنكوبين في حلب، في المغارة التي كانت ما بين ركام الابنية والبيوت المقفرة في عتمة الحرب.
ذهب الى حلب وهي لم تفارقه يوما في الصلاة. ذهب اليها وثبت اناسها وتقاسم الخبز مع قديسيها، واساهم فاستمد منهم قوة تهزم الحرب والغي والجوع والقسوة والنار. ذهب اليهم حاملا لهم ما تيسر، حاملا اليهم فلس الارملة. شددهم وابلغهم بأنّ العيد في عيونهم. وجد العيد هناك ومضات التقطها وعاد بها تعزيات.
اني اعتقد بأنّ ما قام به هو جوهر ما يسأل عنه اي بطريرك في هذه الازمنة المظلمة من تاريخ المنطقة، فالمعذبون في حلب وكل مكان يبحثون عن ومضات وعن سير وعن مشروعات شموع.
اني اعتقد بأنّ زيارة حلب شكلت الومضة الابرز في مسيرة اعوامه الاربع. وقد قضى حبر انطاكية في المدينة المنكوبة خمسة ايام وخمس ليال، التقى الجميع، عانقهم وشددهم واستمع اليهم، فتحوّلت الزيارة الى ومضة، وحيث تكون الويلات تبان الومضات.
اني اعتقد بانّ ذهاب بطريرك الروم الى حلب في زمن الميلاد كان رحلة حج ومراجعة ذاتية لمسيرة اربعة اعوام ايضا، والله يغربل الايام ولا يبقي من الاحداث الا ما هو مفيد ونافع، والزيارة الحدث كانت مفيدة ونافعة وقد زرعت فيه التجدد. اني اعتقد بانّ السيد البطريرك وجد هناك الطفل الالهي. وجده ما بين الخرائب حيث العوز والفقر والدمار والخيبة والرجاء واسقط عنه في حضرته تعالى كل ما لا يتلاءم مع الفقر والوداعة والرجاء، وعاد.
ولما عاد الى المريمية، كي يحتفي بختانة معلمه وبالفي وسبعة عشر عاما على ولادة من اراد ان ينذر نفسه له فيصير على شاكلته كي يكون مثالا، وجد رجل دين مسلم معمم قد اتاه كي يتلو على مسامعه ومسامع القطيع الصغير كلام سلام ومحبة يليق بمدينة طوّعت الاحداث كي تبقى بواباتها مفتوحة للحضارة، وذلك كي يبقى باب شرقي بابا تتنفس منه المدينة تسامحا واعتدالا في مواجهة من خرج من تحت الارض لالتهام الارض كي يشرّع وضع اليد على الثروات كي تكون في خدمة شياطين العالم.
اعتقد بأنّ ما جرى في المريمية هذا العام شكل ملامح انتفاضة للاسلام الذي عرفناه بنسخته المعتدلة، وذلك ببغض النظر عن نظرة المسلمين لمشروعية هذا او ذاك من رجال دينهم في سوريا، وهذا ليس شأننا. ما اعرفه هو انّ تلك الخطوة اتت جرئية لا بل استثنائية وملفتة في ظروف استثنائية، وقد لاقاها البطريرك بكل ترحاب.
عاد البطريرك الى البلمند من سوريا، محملا بكل تلك الاحداث والومضات التي تشكل زوادته في مواجهة عصر الفردية، واني اعتقد بأنه قد صار مقتنعا بأنّ وحدة عائلته لا تتحقق الا بالفقر والوداعة والمحبة والصبر والخدمة والبساطة. عاد الى البلمند وقد ابلى بلاء حسن في معالجة ملف الحضور الارثوذكسي في الحكومة في لبنان. عاد وقد صار اقرب الى الاصلاح في الكنيسة الارثوذكسية بفعل كل ذلك. عاد وهو مقتنع بأنّ عدو كنيسته اليوم هو موت الحس والضمير. عاد البطريرك الى البلمند، وقد شعرت بأنّ الغطاس قد جدده وبأنّ الايام العجاف قد بدأت تنحسر.

  • شارك الخبر