hit counter script

- بروفسور غريتا صعب - الجمهورية

المواجهة تنحسر بين ترامب ويلين... والتجديد وارد

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٦ - 06:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تاريخياً، غالبا ما تنشأ توترات بين الرؤساء وحكام المصارف المركزية سيما في شأن الاولويات. وما شهدناه منذ فترة بين دونالد ترامب وجانيت يلين ليس بالغريب، ولكن يبدو أن الامور بدأت تلين بين ترامب ويلين، لأن أهدافهما باتت متوافقة.يسعى الرئيس الاميركي الجديد الى خفض البطالة وزيادة سرعة النمو، وهذا ما توافقه عليه رئيسة الفدرالي الاميركي، طالما ان التضخم منخفض وتحت السيطرة. وعلى عكس ما كان يحصل تاريخيًا حين تتضارب اولويات الرئيس مع اولويات حاكم الاحتياطي، تبدو اولويات ترامب ويلين متقاطعة.

قد يكون ذلك انطلاقًا من ان يلين لديها ايمان راسخ بمنحى فيليبس والذي ترى فيه ان انخفاض البطالة اقل من المعدل الطبيعي قد يدفع بالاسعار والاجور نحو الاعلى سيما وانه حسب مسؤولو مجلس الاحتياطي الفدرالي ان المعدل الطبيعي للبطالة هو ٤،٨ بالمائة، وقد تراجع الى نسبة ٤،٥ بالمائة وهو امر محبّذ، سيما ان التضخّم مازال دون المرجو اي ٢ بالمائة.

اما التفاوت في وجهات النظر فيتركّز على الدولار الذي تحسّن منذ الانتخابات مع توقع ارتفاع اسعار الفوائد. وقد يؤدّي ذلك الى زيادة في العجز التجاري الاميركي وهو امر يثير قلق ترامب.

ولكن سياسة عدم الانتقاد العلني لرئيسة الاحتياط الفدرالي قد ولت على ما يبدو. وقد هاجم ترامب في مراحل عديدة سياسة الفدرالي واتهمه بالتسييس لمساعدة باراك اوباما، مشيرا الى ان الفدرالي تحيّز خلال الانتخابات الرئاسية. وذهب ترامب بعيدا من خلال القول انه سيعمل جاهدا للتقليل من سلطة الفدرالي ومراجعة حساباته امام الكونغرس.

وقال: «انها ليست من الحزب الجمهوري (يلين) وعندما ينتهي الوقت لن أُعيد تعيينها...» لكن وعلى ما يبدو وبعد رفع اسعار الفوائد عادت الامور الى التحسّن بين الاثنين، سيما وانه يمكن اعتبار يلين حليفا لترامب في تسريع النمو.

هذا الوضع يعني ان ترامب قد يجدد ولاية يلين لاربعة اعوام اخرى، والتي تنتهي في ٣ شباط ٢٠١٨. كل هذا لم يمنع يلين من ابراز موقفها الصلب حيال عدة امور اهمها قد يكون استقلالية مجلس الاحتياطي الفدرالي سيما حيال امور عديدة اهمها السياسة المالية وما يتأتى عنها من بطالة وتضخم.

كذلك اوضحت يلين انها ستبقى في مركزها الى حين انتهاء فترتها اي في العام ٢٠١٨ وانتقدت كلام ترامب عن Dodd Frank وقوانينه كذلك فانها غير مقتنعة بمضاعفة الناتج ليصل الى نسبة ٤ بالمائة حسبما أعلن الرئيس المنتخب.

لذلك نرى انه لا بد من مراجعة جملة امور قد تعيد مسار التلاقي بين الاثنين وان اختلفا حول التوقيت انما تلاقيهما حول الامور الاهم يبقى عاملًا ايجابيًا يساعد على بقاء يلين لغاية ٢٠١٨ ومن غير المستبعد اعادة تعيينها لاربعة سنوات اخرى، وهو امر سبق لعدة رؤساء اميركيين ان فعلوه خصوصا مع الآن غرينيسان.

تظهر العلاقة مشوشة في تعاطي المركزي الاوروبي ورئيسه دراغي مع صنّاع القرار في المانيا والذين لديهم تحفظات كثيرة على السياسة المالية التي يتبعها مما يعني جملة امور اذا ما وصلت لطريق مسدود تجعل من الصعب السير قدمًا في السياسات المالية المتبعة ونجاح تطبيقها.

هذا الوضع ينطبق على وضعية لبنان وتطابق الافكار بين رئيس الدولة وحاكم البنك المركزي والتي يجب ان تكون على احسن ما يرام رغم انه
وفي المطلق البنك المركزي ادارة مستقلة ضمن الدولة ولكن هذا لا يمنع ان اي تعارض في الافكار والاداء يضر باقتصاد البلد وسياسته المالية والاقتصادية.

ومن جملة الامور التي يجب التوافق عليها ليس فقط السياسة المالية والنقدية انما توجهات البنك المركزي في دعم قطاعات معينة والتي قد تكون وفي بعض الاحيان على حساب قطاعات اخرى. هذا الواقع يجعل من الصعب احيانًا ترجمة هذا الدعم بحيث يصل الى عنق زجاجة وهذا ما يحصل مع قطاع البناء والعقارات.

ومن الطبيعي ان تكون اجندة عمل رئيس الجمهورية شمولية غير مجتزأة سيما وان اقتصاد البلد على المحك والوضع في سوريا يجعل من الصعب، وفي كثير من الاحيان، الاعتماد على الاستثمار الأجنبي في البلد.

لذلك لا بد من ان تتقاطع الخطط الاقتصادية للدولة، مع توجهات المصرف المركزي لأن التناغم بين هكذا خطة وتوجهات المركزي ضروري جدًا من اجل انعاش الاقتصاد وايجاد فرص عمل وتحويل الارباح الهائلة التي تدر على المصارف لتشمل قطاعات اخرى ما زالت تعاني تخلفا وتراجعا.

وهناك غياب للخطة الانمائية وسياسة ضريبية فاعلة وتراجع حاد في صادرات لبنان مما يجعل عجز الميزان التجاري يشكل عبئا متزايدا ليس فقط على الخزينة انما ايضا على طبقات المجتمع، ويترجم بطالة وسوء ادارة وما الى ذلك من نتائج تجعل مسيرة العهد منتقصة غير كاملة سيما كون الأمور الاقتصادية ضرورة ملحة.
بروفسور غريتا صعب - الجمهورية

  • شارك الخبر