hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ندوة في معهد عصام فارس عن ضحايا جرائم الابادة

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٦ - 17:14

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عقدت في "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" اليوم، لمناسبة اليوم العالمي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنعها، ندوة بعنوان "جريمة الإبادة الجماعية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: عبر في سبيل الحؤول دون هذه الجريمة والحماية منها"، نظمتهاالجمعية الخيرية العمومية الأرمنية بالتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة و"معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" في الجامعة الأميركية في بيروت، و"مؤسسة حقوق الإنسان والحق الإنساني".

استهلت الندوة بكلمة الرئيس العالمي للجمعية الخيرية العمومية الأرمنية بيرج سيتراكيان اشار فيها الى أن "تقاعس المجتمع الدولي وعدم فاعلية ردود فعله حيال إبادة الأرمن قد أديا إلى عدد كبير من جرائم الإبادة الجماعية".

وقال: "في حال لم يتخذ المجتمع الدولي موقفا جديا لفرض احترام حقوق الإنسان ووقف تكرار الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة، فإن العالم سيشهد في القرن الثاني والعشرين لائحة أخرى من الإبادات".

أضاف: "الأرمن سيستمرون في المطالبة بحقوقهم، ولن نتخلى عن مطالبنا أبدا، فواجبنا كأعضاء في المجتمع الدولي أن نؤدي دورنا كاملا في جهود هذا المجتمع كي يحقق الهدف الذي نسعى إليه جميعا وهو احترام حقوق الإنسان".

من جهته، لفت الممثل الإقليمي للمفوض السامي لحقوق الإنسان الدكتور عبد السلام سيد أحمد الى أن "جرائم الإبادة الجماعية عادت لتطل في هذا العصر مع مزيد من الدم والقتل والتشريد"، واصفا جرائم الإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم الحرب بأنها "أخطر أنواع الجرائم من وجهة نظر قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، فهي تترك أثرا يدوم وتلحق الضرر بسلامة المجتمعات وأمنها بعد عقود من ارتكابها". وذكر بأن "المجتمع الدولي أشار بوضوح الى أن منع هذه الجرائم والتحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها هي إجراءات مركزية في مكافحة الإفلات من العقاب".

وقال: "تاريخنا الإنساني مليء بالمجازر التي ارتكبت من قبل الدول على المستويين الداخلي ضد شعوبها والخارجي ضد الشعوب الأخرى ولكثرة مجازر الإبادة الجماعية كانت الحاجة إلى منعها ومعاقبة مرتكبيها موضع اهتمام المجتمع الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وعرفت الإبادة الجماعية بأنها جريمة بموجب القانون الدولي في اتفاقية الإبادة الجماعية 1948 (اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها). إذ تجعل هذه الاتفاقية من ارتكاب الإبادة الجماعية أو التخطيط أو التآمر لارتكابها، أو التحريض أو دفع الآخرين إلى ارتكابها، أو الضلوع أو الاشتراك في أي عمل من أعمال الإبادة الجماعية، جريمة من الجرائم".

أضاف: "جميع الحكومات اليوم ملزمة بحكم هذا القانون، سواء وقعت على الاتفاقية أو لم توقع عليها. ورغم الاتفاقية، حدثت فظائع هائلة منذ ذلك الحين وأصبح جليا أن الإبادة الجماعية ليست شيئا يحدث بين ليلة وضحاها أو دون سابق إنذار، بل هي في الواقع استراتيجية متعمدة تتزايد الفرصة في حدوثها في دول لها حكومات شمولية أو قمعية لا تقبض على زمام السلطة فيها إلا فئة واحدة، وعندما تسود بيئة من عدم احترام القوانين حيث يمكن أن تحدث المذابح بدون أن تلاحظ بسرعة أو توثق بسهولة أو أن تكون جماعة أو أكثر من الجماعات الوطنية أو العرقية أو العنصرية أو الدينية هدفا للتمييز، أو تستخدم كبش فداء لتحميلها مسؤولية الفقر أو غيره من المشاكل الاجتماعية. كما يحدث أن يكون هناك اعتقاد أو نظرية بأن مستوى الجماعة المستهدفة أقل من مستوى البشر وتبرر ارتكاب العنف ضدهم وتنشر الرسائل والدعاية التي تدعم هذا الاعتقاد من خلال وسائل الإعلام وخطاب الكراهية".

وتابع: "توافرت حاليا في عالمنا العربي شروط عدة لحدوث مثل هذه الجرائم. وما يثير حفيظتنا كمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ونسعى لتغييره هو القبول المتزايد بالانتهاكات المرتكبة ضد حقوق الإنسان للجماعة المستهدفة. وبسبب التاريخ المليء بجرائم الإبادة التي أفلتت من العقاب،أصبح هناك اعتقاد بأنه إذا أفلت آخرون بارتكاب الإبادة الجماعية في الماضي، فلن يكون هنالك عقاب هذه المرة والمرة المقبلة وهكذا دواليك".

ولاحظ أن "جرائم الإبادة الجماعية قد شلت الوطن العربي لهولها، وما يحدث في سوريا والعراق على سبيل المثال أكبر دليل على أن العنف الجماعي ضد المدنيين قد سبب أزمة نزوح عبرت الحدود الدولية، وغذى عدم الاستقرار على المستوى الإقليمي، وتسبب بالضرر على الاقتصادات عبر الحدود الوطنية".

وإذ اعتبر أنها "أزمة لا يمكن احتواؤها في بلد واحد"، رأى أن "الأدهى من ذلك أن ثمة جرائم وحشية جماعية ترتكب، وليس هناك بالضرورة أي صدمة أو غضب أخلاقي حول هذا الموضوع، الأمر الذي يؤكد أن نقص الموارد وثقافة قبول الجرائم تعرقل أيضا الإجراءات السريعة لوقف هذه الجرائم".

وقال: "الحل يكمن في إيجاد ظروف ملائمة تدفع بالإرادة السياسية لمعالجة هذه الجرائم استنادا إلى المصالح المشتركة لأن الدول تميل إلى التصرف عندما يكون الأمر متسقا مع مصلحتها الوطنية. كما يكمن الحل في توليد الحوافز وتوظيف القيادة المسؤولة وتعزيز المعايير الدولية. ولا يخفى دور المجتمع المدني في الضغط من أجل خلق قواعد جديدة يمكن أن تساعد في توليد الإرادة السياسية اللازمة للحد من الجرائم الجماعية".

أضاف: "لم يعد المجتمع المدني منبها لأمة معينة فحسب، بل أثبت قدرته على أن يكون وكيلا للتغيير في المعايير والإبادة الجماعية. ان انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى ذات النطاق الواسع لن تكون استثناء".

وتابع: "النهج المستمر على المدى الطويل ضروري لمنع جرائم الإبادة الجماعية، وإلا سيستمر كما هو الوضع الحالي في محاولة إخماد الحرائق بعد اندلاعها، ولا غنى عن الديمقراطية. فعندما تبني كافة الدول أنظمة ديمقراطية راسخة لن تحتاج لتدخلات النظم الدولية بالقدر نفسه، وعندها سيكون هناك توجه أقل للنزاع وربما حاجة أقل لتدخل الأمم المتحدة".

وأردف: "ينبغي ألا يكون التركيز على العوامل المباشرة التي تؤدي إلى الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنساية والتطهير العرقي، ولكن ينبغي أن يكون التركيز حول الظروف الهيكلية والمادية العميقة، وتزايد خطاب الكراهية المؤدي إلى التمييز والعنف كما هي الحال في العديد من دول المنطقة".

وختم: "إنها قضية شائكة ولكننا مؤمنون بأن تواصل الجهود كافة من مؤسسات مثل الجمعية الخيرية العمومية ومعهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية ومؤسسة حقوق الإنسان، سيتيح بقاء هذه القضايا على أعلى سلم الأولويات بفعل العمل الحقوقي المشترك والهادف إلى تحقيق كرامة وأمن وسلامة الإنسان أينما وجد".

وقال رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر: "إن عبارة الإبادة الجماعية، لم تظهر رسميا إلا في العام 1944، إذ قبل هذا التاريخ كانت الجرائم العنيفة المرتكبة ضد مجموعة أشخاص بهدف إبادتها تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. لكن المادة 2 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 كانون الأول/ديسمبر 1948 عرفت الإبادة على أنها أي من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، معددة هذه الافعال".

أضاف: "أعيد الأخذ بهذا التعريف في المادة 6 من نظام روما في 17 تموز/يوليو 1998 الذي يعتبر النص المؤسس لمحكمة الجزاء الدولية والذي ينص بدقة على أن الإبادة الجماعية تتميز بشكل خاص بنية إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه، إهلاكا كليا أو جزئيا، وفي تظهير هذه الإرادة أو هذا القصد بشكل منهجي".

ولاحظ أن "القرن العشرين الذي عرف بقرن السرعة كان أيضا مع الأسف قرن النزاعات الأكثر دموية التي شهدتها البشرية من حروب عالمية وعشرات ملايين القتلى. وبسبب ذلك، ظهر مفهوم الجرائم الدولية، أي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والعدوان، والتي أضيف إليها في الآونة الأخيرة مفهوم جرائم الإرهاب الدولي".

وأشار إلى أن "أكثر من 15 مليون شخص عانوا شتى أنواع العنف وتم القضاء عليهم في مختلف أنحاء العالم".

وحيا الشعب الأرمني "كونه عانى في بدايات القرن الماضي من العنف والاضطهاد والمجازر العمدية التي لامست حد إبادته، وذلك بسبب إثنيته وديانته، وكونه شعبا ذا كرامة نادرة كافح قرابة القرن كي يعترف العالم بأسره بالإبادة وبشهدائه، ولإدانة من ارتكبها. وكذلك لكونه شعبا عرف كيف ينهض فوق المصائب التي ضربته هو بالتحديد، وكونه عمل على مدى 110 أعوام على إحياء ذكرى ليس فقط شهدائه، ولكن جميع ضحايا جرائم الإبادة الجماعية أينما وجدوا، والذي تمكن ان ينتزع من منظمة الأمم المتحدة في 9 كانون الأول/ديسمبر 2015 قرارا يعلن أن يوم 9 كانون الأول/ديسمبر من كل سنة هو يوم عالمي لإحياء ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية ومكافحة هذه الجريمة".

ثم عقدت جلسات ناقشت محاور عدة، منها تجارب الماضي بإخفاقاتها ونجاحاتها، ونظام الحماية الدولية ومدى مساهمته في تجنب جريمة الإبادة ومعاقبة مرتكبيها، وكيفية منع وقوع جريمة الإبادة وما يجب فعله للمستقبل، وخصوصا في المنطقة العربية.
 

  • شارك الخبر