hit counter script

مقالات مختارة - مي الصايغ - الجمهورية

روسيا وإيران وتركيا: رئاسة ترامب وآفاق 2017

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٦ - 06:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تطوي 2016 فصلها الأخير على وقع تغييرٍ جذري، تَمثّل في وصول الملياردير الشعبوي دونالد ترامب الى البيت الأبيض، وهو ما سيلقي بظلاله على عدد كبير من النزاعات والملفات الأساسية على الساحة الدولية. والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف سيكون نهج الرئيس الأميركي المُنتخب، فهل سيتعامل ترامب بليونة مع روسيا، وببراغماتية مع تركيا وبشدة مع إيران؟ وهل سيُترجَم تبادل الودّ والمجاملات بين موسكو وواشنطن بحلّ للأزمة السورية التي تقترب من دخول عامها السادس؟قبل أشهر عدة، كان منسوب القلق من التصادم بين الولايات المتحدة وروسيا في الأجواء السورية مرتفعاً، غير أنّ انتخاب ترامب أزال هذا الهاجس، على حدّ تعبير مدير مركز «كارنيغي» في موسكو ديمتري ترنين.

ويقول ترنين خلال مؤتمر «نظام عالمي في طور التفكّك: آفاق العام 2017»، والذي نظّمه مركز كارنيغي للشرق الأوسط في فندق فينيسيا في بيروت أمس: «الأميركيون ينتخبون الرؤساء و الروس ينتخبون القياصرة. هناك فرق جوهري بين الرئيس في أميركا الذي هو جزءٌ من المؤسسات، في حين أنّ شخصية الرئيس في روسيا هي المؤسسة».

ويذكّر بأنّ «القومية الروسية بدأت بعد خروج الناس من صدمة سقوط الاتحاد السوفياتي، الرئيس فلاديمير بوتين يريد روسيا قوّة عظمى، وهو قد وجّه في بداية ولايته في 2001، سؤالاً الى مستشاريه، هل نذهب مع النخبة أو الشعب، ليعود ويختار الشعب».

ويشدّد ترنين على أنّ «روسيا في 2017 سوف تتّبع مصالحها الوطنية، وتريد أن يُعترَف بدورها الكبير على الصعيدَين السياسي والعسكري». ويقول: «ليس لدى روسيا إيديولوجية تريد فرضها بل مصالح تسعى إلى تحقيقها وحمايتها، ولا تفضيل لمكوّنٍ ديني على آخر، حلفاؤها ظرفيّون سواءٌ إيران أو نظام الأسد».

ويتوقع أن تتحوّل المواجهة بين موسكو وواشنطن إلى منافسة، أملاً في أن تكون هناك «لغة مشتركة» بين ترامب وبوتين.

ويستبعد أن تفعل روسيا شئياً للتقليل من النتائج الإيجابية للقاء الاول بين بوتين وترامب. ويذكّر ترنين الذي سبق وكان ضابطاً في الجيش الروسي أيام الاتحاد السوفياتي أنّ العلاقة الشخصية بين بوتين والرئيس باراك أوباما لم تكن سيّئة، وعلاقة الرئيس الروسي بجورج بوش الإبن كانت جيدة، لكنّ هناك أسباباً جوهرية أدّت الى تباعدهما. ويقول: «كانت أميركا تقود النظام العالمي، اليوم نحن في مرحلة تحوّل وأمام نظام عالمي مركّب. العلاقة الشخصية مهمّة، ولكن المطلوب أن تكون هناك لغة مشترَكة لحلّ بعض القضايا».

فجوهر المسألة حسب ترنين يتعلّق بدور روسيا العالمي وسعيها لفرض نفسها شريكاً للولايات المتحدة، مُتوقِعاً أن نكون أمام تشكيل تحالف بين البلدين لمواجهة «داعش».

ويقول ترنين لـ«الجمهورية»: «روسيا تريد اعترافاً بدورها، ويُتوقع أن تعمل مع الولايات المتحدة لوقف القتال في سوريا ووقف النار، وإبقاء حكومة الأسد في السلطة، والتحالف المشترك سيكون أمراً مرغوباً به، ولكنّني لستُ متأكِّداً من نجاح التعاون الروسي - الأميركي لحلّ الأزمة السورية في المدى القريب، لأنّ هناك شكوكاً لدى فريق ترامب بالإدارة الروسية».

ويتابع: «لديّ أمل ولكن لا تفاؤل في أن تترجَم الأجواء الإيجابية بين بوتين وترامب بحلٍّ للأزمة السورية، فقبل بضعة أشهر كان هناك تخوّفٌ من بدء حرب بين روسيا وأميركا.

ومجيء كلينتون كان ليعقّد المسألة لأنها كانت تطالب بمنطقة حظرٍ جوّي، وهذه المنطقة بمثابة دعوة لإطلاق النار بين الطرفين لو طُبِقت، فالحلّ في سوريا لن يكون في غضون سنتين، تحتاج المسألة الى سنوات، لانّها ليست فقط بين الروس والأميركيين، هناك الإيرانيون والسعوديون والأتراك».

ترامب «والنووي»

إيرانياً، يجد الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي كريم سجادبور أنّ الانتخابات الأميركية ستؤثر من دون شك في الداخل الإيراني المنقسم بين المتشدّدين الذين يمثّلهم المرشد الأعلى آية الله خامنئي والبراغماتيين الذين يتقدّمهم الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف.

ويعتبر أنّ انتخاب ترامب يشكّل خسارة للمجتمع المدني الإيراني، إذ سيقوّي خطّ المتشدّدين ويزيد القمع المحلّي، فسيّد البيت الأبيض الجديد ليس مهتمّاً بدعم المجتمع المدني وممارسة الضغوط على القيادة الإيرانية في هذا المجال.

ويقول: «في عام 1979 شهدت إيران ثورة من دون ديمقراطية. اليوم الجيل الجديد يريد ديمقراطية من دون ثورة، لكن يجب أن نصبر الى أن ينتهي حكم المرشد الأعلى حتى نشهد تغييراً». في الملف النووي الإيراني، يخشى سجادبور أنّ هذا الاتفاق لن يصمد.

ويقول: «إذا فشل الإتفاق النووي لن يعزل العالم إيران، قد تُجبَر أميركا و إسرائيل على تقبّل النووي في إيران، أو قد يتمّ اللجوء إلى القوة لمنع حيازة إيران قدرات نووية متقدّمة».

ويؤكّد سجادبور أنّ «إيران ملتزمة متابعة أنشطتها الإقليمية في سوريا واليمن والعراق ولبنان، والشعب في طهران يفضّل الجوع على أن يوقف دعمه لحزب الله»، لافتاً إلى أنّ في دوائر صنع القرار في واشنطن إجماعاً على أن لا سلام في الشرق الأوسط في ظلّ النزاع بين السعودية وإيران، والمطلوب تحقيق توازن بين القوّتين.

الإنطوائية التركية

وبالانتقال الى تركيا، يلفت سينان أولغن، الباحث الزائر في مركز كارنيغي في أوروبا إلى أنّ الشعبوية الداخلية و الرغبة بالعودة إلى العظمة العثمانية تؤثران في السياسة الخارجية التركية، معرِّجاً على الخطاب على مستوى المجتمع التركي والتجاذب بين مَن يجد ارتباطاً بين تركيا والقِيَم الغربية أو العودة الى الماضي بحيث تكون للعثمانية والإسلام اليد العليا.

ويشير أولغن الى أنّه في 2017 سنكون أمام ديناميات ستساهم في تشكيل السياسة الخارجية التركية. ويذكّر بأنّه في الماضي لم تكن السياسة الخارجية تقترن بالشؤون المحلّية،كانت تقوم بها مؤسسات، اليوم هناك تحوّل بحيث باتت السياسة المحلّية والشعبوية تؤثر في السياسة الخارجية.

ويقول: «كانت لتركيا شعبية كبيرة في المنطقة العربية، لكن بعد الربيع العربي باتت سياستها الخارجية عدائية، اليوم يجب أن تكون هناك روح من الواقعية». ويختم أولغن حديثه بأنّ «تركيا في خلال السنوات الثلاث المقبلة ستمارس سياسةً إنطوائية، الخطاب الشعبوي سيصبح أكثر قوّة في ظلّ وجود استحقاقَين داخليَّين أساسيَّين هما الاستفتاء على الدستور وانتخابات 2019»، مع التأكيد على أنّ العملية التركية في سوريا ستكون مرتبطة الى حدٍّ كبير بـ«التأييد المحلّي».
مي الصايغ - الجمهورية

  • شارك الخبر