hit counter script

مقالات مختارة - د.أنطوان ز.صفير - الجمهورية

المساواة في الحقوق

الخميس ١٥ كانون الأول ٢٠١٦ - 06:48

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يبدو أنّ المطالبة المستمرة من دون كلل بإلغاء المواد القانونية التي تُعتبر بمنزلة النصوص البائدة بسبب تعرضِها لكرامة الشخص البشري بغضّ النظر عن جنسه أو معتقده أو انتمائه السياسي والفكري والديني، أدت الى تغيير في النص وبالتالي تحقيق بداية تغيير في الذهنيات الراسخة عبر النصوص.

نعم، إنّ الحياة التشريعية في لبنان تحتاج إلى ورشة تحديث شاملة من دون توقف عند أعرافٍ بعضُها قد لفَظته التطوّرات العلمية أو أوضحته النصوص الدينية أو أقرّته النظم الدولية.

وتوجُه مجلس النواب الى إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني يعني أنّ المسار التصحيحي الشامل قد بدأت ملامحه مع مطلعِ العهد الجديد، وهذا قرار يجب أن يُعمَّم في سبيل الوصول الى نصوص تسهّل عملَ الإنسان وتطور قدراته وتنظم حياته العادية والمهنية، وتجعل التشريع يُقونن الضرورات المطلوبة والمقتضيات التي يفرضها تقدّم العلوم والشرائع الدولية، لكي يكون لبنان كما عهدته دول العالم سبّاقاً في «خلق» الحالات المميّزة والإيجابية في هذه المنطقة من العالم.

وإذا كانت المادة 522 المشينة بحقّ كرامة الإنسان البشري بغضّ النظر عن الجنس والعمل والتبعات الإنسانية والقانونية، سائرةً على طريق الاضمحلال، فإنّ قوانين أخرى تنتظر وينتظرها اللبنانيون لكي تتحسّن أحوالهم وتنحسر حالات الفساد المشرئبّ من دون حسيب أو حساب.

وأوّل القوانين المنتظرة قانون جديد للانتخاب بدأنا نَسمع أنه باقٍ ليواكب الطبقة السياسية التي أنجبَته وأنجبها، وهذا القانون هو قانون سياسي بامتياز يقونن الحياة السياسية من خلال تمكين الناخب من القدرة على التغيير والتطوير من خلال خياره الانتخابي.

ممّا يعني والحالة هذه أنّ أيّ تمييع لموضوع إقرار قانون جديد للانتخاب سيؤدّي إلى استيلاد الطبقة عينها مع بعض «الروتوش» من دون أيّ تغيير فعلي في المنطِق السائد أو الأداء المعهود، ممّا سيزيد الإحباط المستحكم بالجيل الشاب التائق إلى حياة سياسية متجدّدة عبر تثمير القدرات العلمية التي هاجر قسم كبير منها الى الخارج وليس له أيّ أمل بالعودة إلّا مستكيناً على أبواب من أنجَبتهم قوانين انتخاب غير متوازنة، وأصبحوا يتحكّمون بمقدّرات الدولة ومفاصلها من دون أيّ قدرة على التغيير والتطوير.

نعم، إنّ المساواة تمرّ بإلغاء وتعديل المواد التي تمسّ الإنسان بكرامته وحرّيته، ولكنّ هذه المساواة لا تستوي إلّا عبر إقرار رزمة قوانين تُجدّد العملَ السياسي وتثمّر العمل التشريعي وتطوّر الأداء الوزاري وتضع حدّاً نهائياً للفساد والإفساد عبر نصوص ونُظم تطبَق من خلال مؤسسات رقابية وعدلية حتى تعود الثقة بالدولة وبين أهل الوطن الذين يعانون من بعض القوانين الجائرة ومن كثير من التطبيقات غير العادلة والممارسات غير الشفّافة حتى وصلنا إلى أزمات مفتوحة والبعض لم يزل ينهش من جسم الدولة والمواطنين على السواء.
د.أنطوان ز.صفير - الجمهورية

  • شارك الخبر