hit counter script

أخبار محليّة

الراعي زار المدرسة المركزية في جونيه: التلاميذ نور في الظلمة

الثلاثاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٦ - 14:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

استهل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قبل ظهر اليوم، زيارته للمدرسة المركزية للرهبنة اللبنانية المارونية في جونية، بتبريك منزل رئيس الجمهورية الراحل العماد فؤاد شهاب قبالة المدرسة، والذي حولته الرهبنة اللبنانية المارونية الى متحف يجسد سيرة حياة الرئيس شهاب.

ورافق الراعي في زيارته، النائب البطريركي المطران جوزف نفاع، أمين سر البطريرك الأب بول مطر، ومنسق مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية الأب توفيق أبو هدير، ومدير المكتب الإعلامي في البطريركية المحامي وليد غياض.

وكان في استقبال الراعي عند مدخل المتحف، الرئيس العام للمدرسة المركزية في جونيه الأب انطوان سلامة، المدبر العام للرهبنة اللبنانية المارونية جوزف قمر ممثلا الرئيس العام للرهبنة قدس الأباتي نعمة الله الهاشم، ابن شقيق الرئيس شهاب امير عبدالله شهاب وعقيلته، جمهورالدير، طلاب المدرسة والهيئتين التعليمية والإدارية، اضافة الى فوج الكشافة. وقد رفعت الاعلام اللبنانية والبطريركية واعلام المدرسة ورايات الكشافة، ترحيبا بالراعي والوفد المرافق.

ورفع الراعي رتبة التبريك على شرفة المتحف، ثم جال في أرجائه، متوقفا أمام الصور المؤرخة للرئيس شهاب، والتي جسدت مختلف مراحل حياته منذ طفولته، مرورا بتسلمه قيادة الجيش، حيث عرضت صورة يقلد فيها سيف التخرج للتلميذ الضابط ميشال عون رئيس الجمهورية الحالي، وصولا إلى انتخابه رئيسا للجمهورية.

وفي ختام الجولة، وقع الراعي على السجل الذهبي، معبرا عن مدى تأثره بهذه المبادرة التي قامت بها الرهبانية المارونية، "تخليدا لذكرى علم من أعلام لبنان".

بعدها، توجه الراعي مع الوفد المرافق إلى المدرسة المركزية، في إطار الزيارات التي ينظمها مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية، حيث يلتقي طلاب الصفوف الثانوية في عدد من المدارس الكاثوليكية، ويمنحهم البركة الرسولية، ويستمع الى آمالهم وهواجسهم. ورفعت صورة عملاقة للراعي على واجهة المدرسة، واصطف التلامذة في الملاعب، رافعين الأعلام، ومرحبين بالتصفيق. ومنحهم الراعي بركته، وصافح عددا كبيرا منهم، ليدخل الى كنيسة قلب يسوع في المدرسة، على انغام التراتيل الميلادية التي انشدها طلاب صفوف الروضة، وقد زينت رؤوسهم تيجانا تحمل صورة العذراء مريم وطفلها يسوع.

بداية رفع عدد من التلامذة النوايا والتمنيات للراعي بدوام الصحة والعافية لأنه "خير رسول للمحبة والتواضع والعطاء".

وبدوره، منح الراعي البركة للتلامذة، متمنيا لهم "ميلادا مجيدا يولد فيه الطفل يسوع في قلوبهم".

بعدها، توجه الراعي إلى مسرح المدرسة، حيث كان لقاء حواري نظمه مكتب راعوية الشبيبة، والاخت ميشلين منصور مع تلامذة الصفوف الثانوية. وقبيل اللقاء، قدمت جوقة المدرسة بقيادة كلارا عقيقي اغنية ميلادية رحبت فيها بالراعي.

ثم ألقى رئيس المدرسة الأب انطوان سلامة كلمة قال فيها: "في صبيحة هذا اليوم المبارك، وهو من أسعد أيام المدرسة المركزية، لا بل من أجملها، اكتنازا للفرح، وحضورا في مفكرة وذاكرة دفاترها عبر خمسين سنة، نختتم يوبيلها الذهبي بحضوركم المشع، وتنال بركتكم الأبوية، وتستقبلكم للمرة الرابعة بلقاء استثنائي مع تلامذة الصفوف النهائية في حوار مباشر، حيث تستمعون الى صدق هواجسهم وقلق مستقبلهم وعفوية أفكارهم، وتقرأون من خلالهم ملامح معاناتهم، وهو شبيه بلقاء رب العائلة مع أولاده، حيث لا تكلف ولا تصنع، وفيه تعرفون حبهم اللامتناهي للكنيسة وللوطن، وأنتم المؤمنون يا صاحب الغبطة بقول البابا يوحنا بولس الثاني: الشباب فجر المستقبل".

أضاف: "صاحب الغبطة والنيافة، حياتكم التي اتسمت بالجدية منذ أن دعاكم الله للتكرس في الرهبانية اللبنانية المريمية، وتقلبكم في الخدمات الرعوية والتربوية والأسقفية، لما تتمتعون من وزنات ومواهب، واختيار الروح القدس لتكونوا راعيا وأبا لكنيستنا، على غرار اسلافكم البطاركة العظام، إنها سيرة تستحق التأمل والإقتداء بها، وتمثل شهادة حية أمام أعين تلامذتنا، والتي تجسدونها اليوم عبر زيارتكم لمدارس لبنان في هذا الزمن بالذات، في التوقيت المناسب، حيث الشر يتفشى مستخدما ثورة التكنولوجيا، وقد غدت الوسائل الإعلامية بدون رقابة أو ضوابط تهدم مفاهيم القيم العائلية والأخلاقية والكنسية، وإن لم نقل تشوه المقامات، وتتطاول على الكرامات".

وتابع: "صاحب الغبطة، نحن نربي وننمي بالنعمة والحكمة والقامة على ضوء المجمع الفاتيكاني الثاني والإرشاد الرسولي والمجمع البطريركي، والارتباط العضوي بالمدارس الكاثوليكية. ولذلك، لا نخشى لأن عائلاتنا متجذرة بصلابة الإيمان وأبناءنا التلامذة يسيرون على خطى كنيستهم وأهلهم ومربيهم، لأن حياتهم عنوانها المسيح، والمسيح هو الحق، والحق يحرر الجميع، فلن تقوى، يا صاحب الغبطة، أبواق الشر والفساد والإلحاد والبدع على زعزعة إيماننا، فحياة قديسينا وأديارنا ومناسكنا ومحابسنا وتطويع الحجر هي الجواب لأصحاب الظلمة والنور الطافح لأجيالنا".

بدوره، حيا الراعي الحضور وقال: "فرحنا كبير لرؤية الطلاب في هذه المدينة التربوية الكبيرة، ونتمنى لهذه المدرسة المزيد من الازدهار والنمو لتخدم أجيالنا اللبنانية، وأشكرها على ال50 سنة التي خرجت فيها أجيالا زرعتهم في الوطن وخارجه. ان المدرسة مكان مقدس فيها أسرة تربوية في خدمة كل واحد منكم، وقدسية المدرسة أن على مقاعدها فيها مستقبل كل واحد منكم. هنا، تتشكل شخصيتكم العلمية والروحية والوطنية لتنطلقوا في المستقبل الذي هو في انتظاركم. تهيأوا للمستقبل بالجهوزية لكل ما يخبئه لكم الغد. وكما يقول المثل اليوناني، فإن "الحظ هو للانسان الجاهز والمستعد،" فكونوا مستعدين".

ثم بدأ الحوار الذي حمل أربعة أبعاد: وطنية، روحية، كنسية وإجتماعية.
وفي البعد الوطني، وردا على سؤال عما اذا كان انتخاب الرئيس العماد ميشال عون سيعيد التوازن الى السلطة، قال الراعي: "إن انتخاب العماد عون تم من خلال تفاهم لم نكن نحلم به، وأهمه التفاهم مع القوات، وكذلك مع السنة الذين رشحوا الجنرال. الرئيس عون أتى بتوافق وطني ومصالحة مارونية مارونية ومارونية سنية. وانا اتمنى أن تكتمل هذه المصالحة الوطنية التي بدأت بانتخاب الرئيس عون بتأليف حكومة جامعة".

وعن استمرار لبنان في مواجهة الإرهاب، وما هي الضمانة للوجود المسيحي في الشرق، قال: "إن الجيش اللبناني هو ضمانتنا. ولذلك، يجب دعم هذه المؤسسة عتادا وعديدا لمواجهة هذا الزحف الإرهابي".

وحيا الراعي "الجيش اللبناني والقوى الأمنية الساهرين على حماية لبنان"، مقدما تحية تعزية إلى قيادة الجيش "بسقوط شهيد جديد لها على مذبح الوطن في بقاعصفرين، وهو يؤدي واجبه الوطني". ووجه إلى أهله تعازيه الحارة، سائلا الله ان "يسكنه ومن سبقه من الشهداء فسيح جناته"، وقال: "لولا تضحيات هؤلاء الأبطال لكانت الاوضاع مختلفة تماما".

كذلك، حيا الراعي "الجيش الموجود عند الحدود، وخصوصا في أعالي الجبال لجهة عرسال"، وقال: "إنهم يعيشون تحت الخيم والصقيع والبرد والخطر لكي يحافظوا علينا. ولذلك، يجب ان تكون عندنا روح وطنية، وننتمي إلى هذه المؤسسة لكي لا تكون هناك خروق من اصوليين وارهابيين".

أضاف: "إن ضمانة الوجود المسيحي تكمن في الاستقرار، وهذا ما نطالب به الأسرة الدولية. ونقول أوقفوا الحرب وعيب وعار على الأسرة الدولية الا تجد حلولا سياسية. وكذلك، فإن ضمانة الوجود المسيحي هي الكنيسة التي عمرها 2000 سنة بمؤسساتها ومدارسها وجامعاتها ومراكزها الإجتماعية".

وردا على سؤال عن دور بكركي في الحياة السياسية، قال الراعي: "نعم، تتمتع بكركي بدور وطني ودور سياسي، ولكن في الدور السياسي فهي تهتم بالمبادىء فقط، وليس بالعمل السياسي الذي هو للمدنيين. فدور بكركي الدعوة الى المبادىء والأخلاقية في العمل السياسي وخدمة الأهداف لتأمين الخير العام وخدمة المواطنين، في وطن حر سيد مستقل".

وفي البعد الروحي، وردا على سؤال حول الخطوات التي تعتمدها الكنيسة للحد من التفكك الأسري وتأثيره على الأولاد، قال الراعي: "مشكلة كبيرة هي قصة الزواج اليوم. دورات الزواج ليست كافية، ولكن لها قيمتها. والى جانب مراكز الدورات، هناك مراكز الاصغاء في الأبرشية التي تساعد على حل عدد من المشاكل. نلاحظ أن الممارسة الدينية خفت كثيرا عند الناس وسط فلتان في وسائل الإعلام والتقنية الجديدة والبرامج الهزلية التي كلها اباحيات، وللأسف كيف سيعيش الشباب وسط هذه الأجواء، حيث الروح الإلحادية المادية. علينا ككنيسة الاستمرار بالخدمة الراعوية وتوصية كهنة الرعايا بزيارة كل العائلات ليساعدوا من لديه مشكلة. ولكن علينا ان نصون أنفسنا ونحضر مستقبلنا. رحلة الزواج طويلة، وهي بحاجة إلى الإستعداد للمستقبل، لعيش حياة زوجية سعيدة يعيش فيها الأولاد حياة عاطفية. والأزمة في لبنان على المستوى السياسي والاقتصادي والتجاري انما هي أزمة العائلة لأن التربية الأخلاقية هي الأهم، وهذا ما بتنا نفتقده اليوم".

وعن البعد الكنسي ورأيه بدور الكنيسة لتحفيز الشباب على البقاء في لبنان، قال الراعي: "هناك عائلات تجد فرص عمل في المدارس والجامعات والمستشفيات والمراكز الاجتماعية المتنوعة التابعة للكنيسة. وكذلك، إن الأوقاف متوافرة لكل من يريد أن يستثمرها، فالكنيسة تؤمن الاستقرار من خلال الخدمات وفرص العمل التي تقدمها إلى الناس. وأكثر من 3 آلاف مسكن تم بناؤها للعائلات المسيحية. ونحن نطالب الدولة باستعمال مرافئها ومرافقها ومالها العام لأنها هي من يرفع الاقتصاد، وعليها ان تتحمل مسؤوليتها بتأمين حياة اقتصادية تحيي القطاع الاقتصادي وتوقف الفساد".

أضاف: "من بين الخدمات التي تقدمها الكنيسة في هذا الإطار، ما تقوم به مؤسسة لابورا بإدارة الأب طوني خضره، التي تهيء الشباب لمباراة الدخول الى الدولة، إضافة الى الجيش والقوى الأمنية".

وعن البعد الاجتماعي وكيفية الوقوف في وجه البدع والهرطقات، قال الراعي: "إن المواجهة تكون بالصلاة والممارسة الدينية. وهناك ثقافة نتعلمها من خلال الراديو والتلفزيون Tele lumiere، نورسات، صوت المحبة، TV Charity وغيرها من المجلات والكتب، ومن حياة البابوات، تقوي ايماننا. وهنا، أتمنى عليكم أن تدخلوا كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية والإنجيل الى قلب حياتكم لانهما يشكلان ضرورة لكم في بيوتكم".

وعن رد الكنيسة ضد الإفتراءات، قال الراعي: "نحن ضد التخاطب بالإساءة، فاليوم هناك حملة مبرمجة على الكنيسة من أعدائها. والحملة كما قيل لي ممولة من الخارج ضد الكنيسة لأسباب سياسية دينية ووطنية وغيرها، ولكن الحقيقة تظهر دائما في وقتها".

وفي الختام، ألقى الخوري توفيق بو هدير كلمة باسم مكتب راعوية الشبيبة قال فيها: "إن الشبيبة فرحون لأنهم اكتشفوا في غبطتكم ما لم يكونوا يعلمونه. لقد اصررتم على لقائهم في مدارسهم، فكان هذا اللقاء للتأكيد أن ما من هوة بيننا وبين أبينا البطريرك الراعي الأب المحب والمثال الأعلى من حيث الجهوزية والانفتاح واحداث الفرق".

ثم قدمت الهدايا التذكارية باسم الراعي الى الطلاب، وتضمنت نسخة الانجيل، ونص رجاء جديد للبنان، وقد وقعهما الراعي، اضافة الى نص توصيات الشبيبة في المجمع البطريركي الماروني.

ثم قدم رئيس المدرسة إلى الراعي هدية تذكارية تخلد الذكرى.  

  • شارك الخبر