hit counter script

الحدث - ملاك عقيل

من الضاحية الى البوسنة... مرورا بالجامعة اللبنانية!

الإثنين ١٥ كانون الأول ٢٠١٦ - 06:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ثمّة قرار ساري المفعول منذ أيار 2006 يقضي بمنع النشاطات السياسية في كليات وفروع الجامعة اللبنانية. الاجواء السياسية المشحونة بين قوى السلطة ترجمت إشكالات متعددة في "الجامعة الرسمية" ما فرض الذهاب نحو هذا الخيار، وإن تمّ خرقه في أكثر من مناسبة.

بالمنطق يجب ان تكون الجامعة اللبنانية خميرة للنقاشات والنشاطات السياسية كملعب واسع للتفاعل، لكن سوسة التحزّب والانصياع الاعمى لـ "الفريق" وليس لفكرة الدولة أقوى، وهذا الامر يسري على الجميع من دون استثناء. فكان قرار المنع، ومن يومها انجرّت الجامعة اللبنانية صوب الاسوأ، صوب الاحتكار والفرض والهيمنة والقمع. صارت تشبه الواقع اللبناني خارج باحة الجامعة تماما.
شئنا أم ابينا ثمّة فريق سياسي، هو الأقوى وبلا منازع على الساحة اللبنانية اسمه "حزب الله". دوره يبدأ من الضاحية لينتهي، بعد سوريا واليمن والعراق، في البوسنة والهرسك. هناك، قال السيد حسن نصرالله في ايار 2013، "كانت لدينا معسكرات. قدمّنا خيرة شبابنا. قاتلنا وسقط لنا شهداء، دفاعاً عن من، عن المسلمين السنة في البوسنة". سيكون أقل الايمان ان نراه إذا يدافع عن حق أم ثكلى بفقدان ولدها عبر إحياء ذكرى وفاته، مع مجموعة من اصدقائه، حتّى لو غنّت فيروز ليس في باحة الجامعة بل على رأس سطحها. اليست فيروز نفسها التي تنشد للمسيح في ذكرى الامه!
التوجه الى سراييفو لم يأت إلا ضمن استراتيجيا لدى "حزب الله" "بأن نكون حيث يجب ان نكون"، تماما كما في سوريا دفاعا عن نظام أقلوي، هو قلب المنطقة برمتها، ترى الضاحية أنه مهدّد بالشطب بأحزمة التكفيريين والمتطرفين.
لهذه الاستراتيجيا فريق مؤيّد وآخر معارض. هي تحتمل النقاش في مشروعيتها او زيفها، خصوصا ان الحزب الذي انطلق في مهمّة تطهير المنطقة من الارهابيين هو "حزب لبناني" على أراضي دولة كادت فعلا ان تكون لقمة سائغة في فمّ الوحش التكفيري.
هذا الفريق نفسه يقدّم اليوم أبشع صورة عن حماية الحريات والخيارات ضمن جغرافيا محدودة الأمتار اسمها الجامعة اللبنانية. هناك ما يظهر الى العلن من أحداث مشابهة لمنع أغاني فيروز في الباحة الخارجية للجامعة (وليس في القاعة الزجاجية) تزامنا مع ذكرى وفاة النبي محمد، وهناك ما يبقى طيّ الكتمان. خلال السنوات الماضية حكيّ الكثير عن "دويلة" مجمّع الجامعة اللبنانية في الحدث. ليس فقط عن النرجيلة في كافيتريا الجامعة أو تهديد طلاب لمدير كلية او مشاهد اللطم او صور الشخصيات الحزبية والدينية المنتشرة على حيطانها، بل أيضا عن أحداث فرض وهيمنة من قبل القابضين على مجالس الطلاب والفروع في الجامعة، ومن خلفها "مايسترو" شيعي "كلمته ما بتصير تنين داخل الجامعة". أما عن رئاسة الجامعة، فكوما خالصة!
في كانون الاول 2013 وأمام وفد من طلاب الجامعة الانطونية شدّد رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" آنذاك العماد ميشال عون ردا على قرار منع النشاطات السياسية في الجامعة اللبنانية فيها على "أهميّة العمل السياسي في الجامعات تحت رعاية إداراتها، لأنّها تعلّم الطلاب على التحاور في ما بينهم". وقال يومها أنه "بصدد تحضير كتاب لتوزيعه على الجامعات، وسأحمّل فيه مسؤوليّة المشاكل للإدارات التي تمنع الكلام السياسي الرسمي تحت رعايتها، على أن تكون هناك إجراءات صارمة في حقّ كلّ من يثير المشاكل من الطلاّب".
عمليا، قرار المنع بقي قائما. اليوم ميشال عون هو رئيس الجمهورية، اي في موقع هو قادر فيه على تغيير البوصلة في أمّ الجامعات إن لناحية إعادة ضخّ النقاش السياسي في عروقها، أو لناحية منع التجاوزات وقمع الحريات داخلها.
مناسبة الاحتفال بعيد ميلاد محمد حمادة الذي قضي في تشرين الاول الفائت بحادث سير محض انسانية. صوت فيروز نفسه يضفي المزيد من الانسانية عليها، جرعة صلاة برأي كثيرين. ربع ساعة من الاناشيد الفيروزية ممنوع في الجامعة اللبنانية، لأن اولياء النبي قرّروا ذلك. مسوؤلو التعبئة التربوية في "حزب الله" قدّموا تبريراتهم لما حصل. البعض اقتنع والبعض الاخر رفض الاخذ بها.
بالتأكيد المسألة ليست مسألة فيروز او جوليا او وديع الصافي... المشكلة تكمن في منطق الفرض وقمع الحريات في صرح يفترض ان يكون منبرا للحريات وليس مقرّا لغسل الادمغة والسيطرة الدينية والحزبية.
 

  • شارك الخبر