hit counter script

باقلامهم - بقلم مازن ح. عبّود

النقمة تلد رئيسا

الثلاثاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٦ - 06:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في شتاء العام 2012 ومن ثمّ في العام 2015، غرّد السيد "دونالد ترامب"، فقال:

“It’s freezing and snowing in New York – we need global warming!”
اي بما معناه انّ "في نيو يورك جليد وثلوج، نحتاج الى احتباس حراري". تغريدة حلّت ثقيلة على البيئيين، فشكلت باكورة تصريحات المرشح الى الرئاسة الامريكية، وها هو اليوم يعلن عن عزمه كرئيس منتخب الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ التي صممت كي تتلاءم مع الوضع الامريكي وعلى مقاس الرئاسة كي لا يتم تمريرها على الكونغرس الجمهوري الذي توعد برفضها، فاتت فارغة من اي مضمون مفيد اصلا. واستكمل المرشح "دونالد" تغريداته التي اثارت الذعر في الناتو والمكسيك وفي اسواق النفط والخليج.
يدخل الرئيس "ترامب" اليوم الى حلبة السياسة العالمية وسط انقسام في الولايات المتحدة الامريكية وذهول اعلامي غير مسبوق، وقد سبقته الى البيت الابيض عاصفة. يدخل الرئيس المنتخب الى البيت الابيض من باب كي يخرج من البابا الاخر القوة الناعمة التي اتقن استخدامها سلفه، فطوّع العالم وبلغ الاهداف المرجوة من دون اي تبعات مالية او بشرية تذكر على المارد الدولي بل على سائر الدول التي تحوّلت الى ساحات واذرع تتشابك ام تتحارب لتحقيق الحلم الذي يلائم بعض الامريكيين والذي يسوق تحت تسمية "الحلم الامريكي". وانقاذ الحلم الامريكي دفع العوام الى انتخاب الرئيس "ترامب" العفوي والانفعالي والاقرب الى عقولهم وتصرفاتهم. الخوف والقلق دفع بهم الى انتخاب من اعتبروه منقذ الحلم، وخوفي من ان يتحول الحلم الامريكي الى كابوس مزعج. طبعا ليست كل مواقف الرئيس الجديد بعيدة عن الواقعية والحقيقة كما انّ عهده لن يكون اسودا.
يدخل الرئيس "ترامب" الى البيت الابيض مطلع العام المقبل، وتدفن مع رحيل سلفه مرحلة انصاف الحلول. يدخل الرئيس الجديد للمارد الكوني من باب البيت الابيض معلنا بدأ مرحلة الشعبوية التي تضع حدا ولو مؤقتا لحكم النخب التي انتجت لاعدالة غير مسبوقة في العالم. نعم، يعلن احد اركان النخب المالية العالمية بدء مرحلة جديدة، مرحلة نهاية حكم النخب.
يدخل الرئيس ترامب مطلع العام المقبل الى البيت الابيض على سجادة طرزت من ضجر العامي الابيض الانكلوساكسوني البروتستانتي في امريكا من كل الاضافات الحضارية والعولمة وانصاف الحلول والتملق. اعتقد انّ انتفاضة عوام امريكا احيت الخطة باء من المسلسل الطويل. قدرة الرئيس "ترامب" تجلت في تسلله الى قلوب بشر الهامبرغر، فاستفاد من غضبهم. وقد استطاع وبشكل مواز بثروته من تفكيك امخال الانظمة المشفرة للحكم، فتسلل الى البيت الابيض. ومعه صار يقال ان العولمة في تراجع، لكن هل هي حقا في تراجع؟ ام انّ نسخة جديدة منها وضعت في سوق السلطة كي تنطلق حروب الحضارات التي لا تنتهي؟
انتخابه اتى تنديدا بمكر وخبث وكذب النخب التي ما استطاعت ان تقدم شيئا الى الناس الذين وجدوا ثرواتهم تختفي من اياديهم ومستوى حياتهم يتدهور.
نعم اني اعتقد ككثيرين انّ الرئيس "ترامب" صنعته ازمة 2008 المعروفة بأزمة التقلص المالي، والتي لا تعرف ان تنتهي بالكلية قبل ان تنهي البشر وتهمشهم لحساب النخبة القليلة. نعم، تكوذن "ترامب" الرئيس في وول ستريت في 2008 وكبر في خوف الناس، فصار قصاص العوام من النخب المارقة، وهل يصير القصاص حلا وبديلا؟ اني ببساطة لا اعلم. ما اعلمه هو انّ الرئيس "ترامب" هو ابن النقمة، وقد اشعل انتخابه التوتر في امريكا والعالم، فهل يستطيع ابن نقمة وضع كوكب متوتر على طريق السلام والتنمية؟ ايماني بانّ كل شيء مستطاع عند الله. الاكيد ان رئيسا غير كلاسيكي قد وصل الى الحكم في امريكا. رئيس لا اعتقد بانه سيكتفي بحدود اللعبة والهوامش، فهل يتمكن من الاطاحة بها قبل ان تطيح به؟ اني لا اعلم ما اذا ما كان الرئيس "ترامب" قد اقتحم البيت الابيض على غفلة من الحراس، ام انه اوصل الى هناك كي يكون عنوانا لمشروع استراتيجي جديد للعالم اعدّ في اروقة مراكز الدراسات؟ واني على ثقة بانّ الزمن وحده هو الكفيل بالإجابة عن اسئلتي، والغد لناظره قريب.
 

  • شارك الخبر