hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

فضل الله: لممارسة أقصى درجات الانضباط في التعبير عن مشاعر الفرح

الجمعة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٦ - 14:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصانا به الإمام زين العابدين قبيل رحيله، الذي مر علينا في الخامس والعشرين من شهر محرم الحرام، حين قال: "أيها الناس، اتقوا الله، واعلموا أنكم إليه راجعون...". ثم خاطب كل واحد منا قائلا: "يا ابن آدم... إن أجلك أسرع شيء إليك، قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك، ويوشك أن يدركك، فكأن قد أوفيت أجلك... وصيرت إلى قبرك وحيدا، فرد عليك روحك... لمساءلتك وشديد امتحانك، ألا وأن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده، وعن نبيك الذي أرسل إليك، وعن دينك الذي كنت تدين به، وعن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن إمامك الذي كنت تتولاه، وعن عمرك فيما أفنيت، وعن مالك من أين اكتسبته وفيما أنفقته، فخذ حذرك، وانظر لنفسك، وأعد الجواب قبل الامتحان والمسألة والاختبار، فإن تك مؤمنا عارفا بدينك، متبعا للصادقين، مواليا لأولياء الله، لقاك الله حجتك، وأنطق لسانك بالصواب... وبشرت بالجنة والرضوان من الله، واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان... ذلك يوم مجموع له الناس، وذلك يوم مشهود، يجمع الله فيه الأولين والآخرين يوم ينفخ في الصور، ويبعثر فيه القبور، وذلك يوم الآزفة إذا القلوب لدى الحناجر كاظمين... اليوم الذي لا تقال فيه عثرة، ولا تؤخذ من أحد فدية، ولا تقبل من أحد معذرة... فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده، ومن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده... وأسأل الله لنا ولكم العون على تزود التقوى والزهد في الدنيا، وجعلنا الله وإياكم من الزاهدين في عاجل هذه الحياة الدنيا، الراغبين في آجل ثواب الآخرة، فإنما نحن له وبه، والسلام عليكم ورحمة الله".

اضاف: "هذه هي الوصية التي تركها لنا الإمام. وحتى نعبر عن الحب والولاء والوفاء له، علينا أن نكون جادين في هذه الحياة الدنيا، أن لا نراها عبثا ولهوا. وعندما يأتينا الأجل الذي لا بد منه، نكون جاهزين للقاء ربنا بقلب سليم، وعمل سليم، ونية سليمة، وبذلك نقدر على مواجهة التحديات".

وقال: "البداية من لبنان، حيث يستعد اللبنانيون لملاقاة اليوم الذي كانوا ينتظرونه منذ أكثر من سنتين ونصف السنة، يوم ملء الشغور في رئاسة الجمهورية والخروج من حالة الفراغ التي هددت مفاصل البلد، وكادت توصله إلى حافة الانهيار السياسي والاقتصادي والمعيشي، وأدت إلى إرباك الوضع الأمني.لقد كنا نأمل، ولا نزال، أن لا يكون هذا الاستحقاق سببا لما تشهده الساحة الداخلية من انقسام سياسي حاد، بل أن يكون عنوانا لتوحيد الساحة الداخلية وزيادة مناعتها، في وقت هي أحوج ما تكون إلى ذلك.ولكن يبدو، وكما هو المسار الطبيعي للأمور، أن هذا الاستحقاق سيحصل وفق ما تقتضيه اللعبة الديمقراطية الداخلية وحسابات الأكثرية والأقلية، وبفعل الرعاية الخارجية التي ترى أن أولوياتها في لبنان هي تحقيق حالة من الاستقرار، بسبب انشغال هذا العالم بملفات أكبر باتت ترسم خرائط المنطقة من خلالها، والأعداد الكبيرة من النازحين السوريين الموجودين في لبنان، الذين يريد هذا العالم لهم الاستقرار فيه، وأن لا يكونوا عبئا عليه، وهذا ما يضمنه الاستقرار السياسي والأمني. وأمام هذا الاستحقاق الذي سيحصل، ندعو من سيتولى المسؤولية إلى العمل الحثيث لإزالة الهواجس التي أنتجها التاريخ، أو الموجودة الآن، لإعادة وصل ما انقطع، ولترتيب البيت الداخلي اللبناني، الذي لا يمكن ترتيبه إلا ببناء الثقة وتحقيق التوافق، ولو بالحد الأدنى، لا على أساس توسعة دائرة تقاسم الجبنة أو على أساس المحاصصة، بل وفق السبيل الأنجح للنهوض بهذا البلد وإخراجه مما يعانيه والعمل على معالجة الاستحقاقات القادمة، بدءا بتأليف الحكومة، مرورا بقانون انتخابي عادل، وصولا إلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي والخدماتي، وتعزيز الأمن ومواجهة الفساد المستشري".

واكد "إن من حق اللبنانيين المجهدين المتعبين على كل الذين سيتولون أمور هذا البلد، أن يحققوا الشعارات التي أوصلهم الناس على أساسها إلى ما وصلوا إليه. إن هذا البلد لن يتقدم إلا إذا خضع الجميع للجهاد الأكبر، الذي يعني أن يخرج المسؤولون من حساباتهم الخاصة وحساباتهم الطائفية وحسابات تقاسم الغنائم إلى حساب الناس والوطن.
ونحن نتحدث عن موعد قريب لتحقيق الاستحقاق الرئاسي، وفي ظل التشنجات والحساسيات التي تعيشها الساحة الداخلية، فإننا ندعو إلى ممارسة أقصى درجات الانضباط في الخطاب السياسي أو في التعبير عن مشاعر الفرح أو مشاعر الإحباط، بالشكل الذي لا يظهر وجود منتصر وآخر مهزوم، حتى لا نسمح للمصطادين بالماء العكر بأن يجدوا أرضا خصبة لهم.. إننا نثق بأن الوعي كفيل بتمرير هذا الاستحقاق والانطلاق بعده للعمل، رغم أنه لا يبدو أنه سيكون سهلا".

وتابع: "وإلى سوريا، التي تزداد معاناة إنسانها. وفي كل يوم، تحمل إلينا الأخبار مآسي جديدة، بعد أن تحول البلد إلى وقود للصراع الدولي والإقليمي المتفاقم، إما لتصفية الحسابات، أو لاستنزاف كل مواقع القوة، أو لتحقيق طموحات إمبراطورية لا تزال حاضرة لدى البعض، حيث لا يؤخذ بالحسبان كل هذه المشاهد الدامية للأطفال والنساء والشيوخ، وكل التدمير الذي يطال الأبنية والساحات، وإن كان هناك حديث عن ذلك، فهو يدخل في إطار استثمار المشاعر الإنسانية لغايات سياسية.ومن هنا، فإننا نعيد دعوة كل القوى المؤثرة إلى قراءة المعطيات القائمة بدقة، والتي يمكن أن تتطور إلى تكريس تقسيم بلداننا إلى مناطق نفوذ، أو إلى حرب إقليمية أو حتى دولية لن يسلم منها أحد، ما يفرض استباق مثل هذه التطورات غير المستبعدة برسم ضوابط لهذا الصراع يعيد صياغة تفاهمات سياسية تراعي الحساسيات العميقة للأطراف الإقليمية، وتدفع الشعب السوري بكل تنوعاته، إلى المزيد من تراص الصفوف وإنجاز المزيد من المصالحات، فهي الكفيلة بإخراج العابثين بهذا البلد".

اضاف: "وإلى العراق، الذي يتابع مواجهة الإرهاب موحدا، بجيشه وشعبه وحشده وعشائره، وهو يقدم التضحيات الكبيرة من دون الالتفات إلى الساعين للعبث بهذه الوحدة، من خلال إثارة النعرات المذهبية والطائفية والقومية والانقسامات الداخلية، وخلق أوهام من خلال تدخل هذا الفريق أو ذاك، أو هذه الطائفة أو تلك.إننا نثق بأن العراق الموحد سيكون قادرا على تحقيق آماله بالاستقرار والوحدة، ليعود له دوره وحضوره".

وختم فضل الله: "إننا نرى أن ما جرى في البحرين، من إسقاط جنسية العشرات، هو قرار غير مبرر، ويستند إلى حجج واهية، وندعو إلى إعادة النظر فيه.. ونحن لا نفهم كيف تستطيع السلطات أن تسقط الجنسية عن أكثر الناس انتماء إلى بلدهم وإخلاصا له، لمجرد أنهم في خط المعارضة لها.إننا ندعو السلطات في البحرين مجددا إلى العمل للخروج من هذا النفق الذي لن يكون لصالح هذا البلد، فخلاص البحرين يكون بالحوار المباشر والجدي، لا بالقرارات الظالمة، لأن الظلم لا ينتج إلا المزيد من الأزمات". 

  • شارك الخبر