hit counter script

أخبار محليّة

معركة حكومة العهد الأولى بدأت قبل انتخاب عون... رئيسا

الأربعاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٦ - 07:04

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم تعد حال التوهّج السياسي التي تنتاب المشهد السياسي في بيروت تعكس حقيقة المعطيات التي تتّجه الى انتخاب زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون رئيساً ثالث عشر للجمهورية اللبنانية الاثنين المقبل.

اذ ان هذا المسار صار محسوماً بالكامل، ولكن ما تبقّى من أيامٍ فاصلة عن موعد الجلسة الانتخابية في 31 اكتوبر الجاري ستشهد جهوداً مضاعَفة من الجهات المعارِضة لعون لجعل حجم التصويت ضدّه مرموقاً في الحدود الدنيا التي تكفل عدم انتخابه بسقفٍ مرتفع.

وبرزتْ في الساعات الأخيرة مجموعة تطورات إضافية توحي بأن المشهد الجديد الداخلي يتّجه الى مرحلة خلطِ أوراقٍ واسعٍ وربما جذري ستواكب انتخاب عون، بحيث يُتوقّع ان يُفتح فور انتخابه ملفّ تسمية زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري رئيساً للحكومة ومخاض تشكيل الحكومة الجديدة.

ولعلّ أبرز هذه التطورات تَمثّل في اتجاه الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط الى تبني انتخاب عون من دون ان تتضح بعد طبيعة توزيع أصوات كتلته التي يُستبعد ان يصوّت جميع أعضائها الـ 11 لعون ولا سيما منهم الوزير السابق مروان حمادة وبعض النواب المسيحيين المعروفين بمناهضتهم الحادة لعون.

ولكن بانضمام سبعة او ثمانية أصوات جنبلاطية على الأقلّ للتصويت لمصلحة عون ربما يقترب الرصيد الانتخابي للأخير من حافة الثمانين صوتاً، مع ان الاوساط العونية تذهب الى توقع انتخابه من الدورة الاولى في جلسة الاثنين المقبل وهي مسألة بدأت تثير ملامح إشكالية دستورية لا بدّ من حسمها قبل موعد الجلسة وإلا هدّدت بمفاجآت.

ذلك ان الاوساط العونية بدأت منذ يومين بالتركيز على ان انتخاب عون يجب ان يحصل في الدورة الاولى باعتبار انها عملياً الثانية اي يحتاج المرشح للفوز فيها الى أكثرية 65 نائباً (النصف زائد واحد) على ان يكون انعقادها بنصاب الثلثين اي 86 نائباً، وذلك من منطلق اعتبار ان أولى جلسات الانتخاب مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية العام 2014 انعقدت بنصاب دستوري كامل وحصل فيها تصويت تَوزّعت معه آنذاك الأصوات بين تلك التي نالها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع وبين أوراق بيضاء وضعها نواب عون وحلفاؤهم. وتالياً فان تلك الجلسة كانت الدورة الاولى التي يتطلب للفوز فيها الحصول على أكثرية الثلثين وليس النصف زائد واحد، فيما جلسة الاثنين المقبل هي الدورة الثانية تلقائياً التي تَستلزم فوز الرئيس بالأكثرية المطلقة، مستحضرة كلاماً لرئيس البرلمان نبيه بري نفسه بعيد انتهاء جلسة 2014 يؤكد فيها ان الجلسة المقبلة التي يتأمن نصابها ستنطلق من الدورة الثانية.

وتقول مصادر سياسية بارزة لـ «الراي» ان بتّ هذا الامر سينتظر كلمة بري سواء قبل الجلسة او خلالها، ولو انها تستبعد ان تتسبّب بمشكلة غير محسوبة في نهاية المطاف، لافتة الى انه في حالتيْ اعتبار الجلسة تنطلق من الدورة الأولى او الثانية فان النصاب يبقى الثلثين. ولكنّها تعتبر ان «التيار الحر» يفضّل ان يبدأ الانتخاب على انه من الدورة الثانية لاعتباريْن: الاول تفادي ظهور انه «رسب» في امتحان الحصول على غالبية 86 نائباً وما فوق الكفيلة منح انتخابه الطابع شبه الإجماعي، والثاني تلافي ان يصار الى لعب اي «اوراق مستورة» من مثل محاولة تطيير النصاب في الدورة التالية بما يجعله يحبّذ ان تُحسم الأمور من أول صندوق زجاجية تُمرَّر على النواب.

وأشارت المصادر الى ان المناخ السياسي المواكب للاستعدادات الجارية ليوم الانتخاب لم يعد يوحي بإمكان حصول أي تطور خارج الحسابات والتوقّعات بعدما امتلك عون فعلياً الأكثرية المرجحة لوصوله الى رئاسة الجمهورية. ولكن ذلك لا يحجب في المقابل بدء تَصاعُد الشكوك الكبيرة المتصلة بأول التحديات التي ستواجه «الجنرال» رئيساً وهو ملف تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس الحريري.

فهذا الملف بات على الطاولة حتى قبل انتخاب عون في ظل الالتباس الكبير الذي يطبع موقف «حزب الله» من الحريري، اذ يمضي الحزب في الضرب على موقف استفزازي يَعتبر فيه انه يقدّم «تضحية كبرى» في قبوله بالحريري بما يعني انه قد لا يسميه لرئاسة الحكومة، كما يرسم ذلك علامات شكوك عما اذا كان الحزب سيسهّل تشكيل الحكومة.

واذ تردّدت معلومات عن ان عون طلب من السيد حسن نصرالله في اللقاء الذي جمعهما ليل الاحد في حارة حريك المساعدة في تذليل عقدة معارضة الرئيس بري لانتخابه بما يسهّل طريق تشكيل الحكومة، أشارت المصادر السياسية البارزة لـ «الراي» الى ان الايام القليلة المقبلة ستكفل تظهير القطبة المخفية بين حزب الله وبري في شأن حقبة بداية عهد عون، باعتبار ان مفاوضات جارية يومياً بين الثنائي الشيعي في هذا الخصوص يتولاها المعاون السياسي لنصرالله حسين الخليل والمسؤول الأمني البارز في الحزب وفيق صفا من جهة، ومعاون بري السياسي وزير المال علي حسن خليل من جهة اخرى وتتناول كل تفاصيل ملف انتخاب عون وتشكيل الحكومة وترتيب اولويات المرحلة الجديدة بين الحليفين.

وثمة معطيات في هذا السياق، عن ان «حزب الله» الذي وقف بجانب عون حتى خط النهاية من السباق الرئاسي وصوّت له بمعزل عن رأي بري، لن يكون في وارد التخلي عن الأخير في «معركة الحكومة» وهو سيفعل ما يلزم لضمان الاستجابة لشروط رئيس البرلمان ذات الصلة بالتوازنات وضوابط إدارة السلطة في مرحلة ما بعد الانتخاب الرئاسي.

وكان بارزاً ما قاله بري من جنيف من «اننا على بُعد خطوات ان شاء الله من انتخاب رئيس للجمهورية في 31 الشهر الجاري»، معلناً «طبعاً هذا الأمر وحده ضروري ولكنه غير كاف، لأن بعده هناك الجهاد الأكبر المتعلّق بالاستحقاقات اللبنانية وخصوصاً ما يتعلق بقانون انتخاب يقوم على العدالة بالنسبة للمرأة (كوتا) وفي نفس الوقت يكون قائماً على النسبية (...) وعلينا ايضاً أن لا ننسى ان الأزمات التي تحوط بمنطقتنا والتي جعلت من لبنان منزلا في حديقة والنار تشتعل حولنا (...) ما جعلنا نتحمل لأول مرة في التاريخ ما لم يتحمله شعب او دولة من جراء وجود ما يوازي نصف عدد سكان بلدنا من لاجئين ومن نازحين، وكل هذه الأمور تنتظر معالجات وبالتالي إحياء المؤسسات التي عطلناها بأيدينا».

وفي مقلب آخر من المشهد الرئاسي، تترقب الأوساط السياسية مضمون خطاب القسَم الذي سيلقيه عون فور انتخابه كما هو متوقع الاثنين المقبل والذي يفترض ان يحمل أجوبةً على سيل من الأسئلة والشكوك والاعتراضات التي يثيرها انتخابه داخلياً وخارجياً. اذ ان عون لم يعلن حتى الساعة اي موقف من شأنه ان يبدّد الشكوك والمخاوف حيال وصوله الى قصر بعبدا، فيما تتصاعد مؤشراتٌ ديبلوماسية غربية قلقة في شأن انتخابه.

واعتبرت المصادر ان القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية قبل يومين في شأن ملاحقة عناصر في «حزب الله» المصنف ارهابياً في المملكة يبدو مماثلاً في أبعاده للموقف الاميركي الأخير الذي ذكّر بأن واشنطن تصنّف الحزب كمنظمة ارهابية، بما يعني ان المملكة التي لا تتدخل في الشأن الرئاسي اللبناني تنبّه ضمناً الى واقع تحالف عون والحزب وما قد يرتّبه ذلك من تداعياتٍ على المستوى الخارجي مع الاتجاه الى انتخاب عون رئيساً للجمهورية.

على ان البارز امس كان اول تحرك للسفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد في اتجاه فريق عون، من خلال زيارتها وزير الخارجية جبران باسيل الذي هو رئيس «التيار الحر» وصهر عون، حيث جرى البحث في «مستقبل العلاقات الثنائية بين لبنان والولايات المتحدة وسبل تطويرها وتثبيت وتعزيز الديموقراطية في مواجهة التحديات، كما جرى تأكيد ضرورة ترسيخ الاستقرار».
"الراي"

  • شارك الخبر