hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - وائل عبد الفتاح

أبطالكم تسلطوا عليكم؟!

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٦ - 06:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

لم يحضر جون كيري إلى القاهرة وحده، اصطحب رؤساء شركات ومستثمرين (بلغ عددهم ما يقرب من 120) تابعتهم وسائل الإعلام المصرية بالمديح والسعادة من «بشائر» الرخاء الموعود...
وسائل الإعلام ذاتها ستذكر وزير الخارجية الأميركي على صعيد آخر في إطار «مؤامرة» على مصر.
بين البشارة والمؤامرة تكمن ملامح أي نظام ينتظر من رئيسه أن يكون «سوبرمان» خارقاً، منقذاً، بطلاً، ولا بدّ من أن «يحميه الشعب...» كما طالبت افتتاحية صحيفة مصرية شهيرة.
السوبرمان يحتاج إلى حماية الشعب؟
السؤال أثار حيرة المتابعين لانتقال المصريين في اللحظة المربكة بين «الوعد» و«الرعب..»... لمواجهة جنون ارتفاع الأسعار الذي ينقلهم من «رعايا» دولة إلى «ضحايا..» انهيارات اجتماعية تضفي مناخاً سوداوياً يصاحب ارتفاع التوتر الأمني باغتيال قائد الفرقة التاسعة والعودة إلى بروفة «يوم القيامة» بالدعوة الغامضة إلى «ثورة الغلابة..».
ومع اختفاء سلع أساسية (مثل السكّر..) وتحوّل الدولار إلى «سلعة حكم..» تؤثر على استقرار الجنرال السيسي على مقعده، فإن الانتقالات من الساخن إلى البارد أو من النقيض إلى النقيض، تخلق حالة من «تفكك» الأعمدة الرئيسة لخطاب هيمنة النظام على جماهيره.. كيف ينظرون إلى السعودية على أنها «عدوّ» بعدما كانت «الأخ الأكبر» وملكها «كبير العرب» على حدّ أوصاف الرئيس السيسي نفسه؟ ثم كيف ستفسر الفرق الإعلامية الانتقال الحذر إلى معسكر «الممانعة» بما في ذلك التقارب مع إيران...؟
وهل الحركة وفق «المصالح» ستكون مقنعة بدون «قناع» المبادئ؟ كيف سيفسرون مثلاً أن «إسرائيل» كانت حاضرة في الاتفاق المثير للجدل مع الملك سلمان على «تيران وصنافير»؟ وكيف ستمرّ فكرة «الدعم الإيراني» لمصر بعد محاولتها «عقاب» مصر على انحيازها للقرار الروسي؟
السعودية خاسر كبير في المسافة مع مصر (التي لن تصل للقطيعة غالباً..)، لكن الحسابات المعقدة داخل وخارج المجموعة الضيّقة المحيطة بالسيسي واضطراره إلى التحرك من موقع «الأزمة»، ستضاف إلى عوامل ارتباك «نظام» استقبلته قطاعات واسعة من «المشتاقين للاستقرار، الخائفين من التغيير» استقبال الأبطال، المنقذين، المخلّصين...
ـ 2 ـ
ولكن، كالعادة سيتحول سوبرمان إلى عبء على الدولة لا إلى حلّ لمشاكلها..
والحفاظ على السيسي الآن هو الشغل الشاغل للأجهزة الأمنية، ومؤسسات الدولة التي شكلت فرقاً «خفية» تتحرك باتجاه «تزميم» غير معلن للاقتصاد (لتكون الثروة في قبضة الدولة) والإعلام (شركات تستثمر أموالاً سرّية لمؤسسات تتبع الأجهزة السيادية استحوذت على أكثر من 80% من ملكية وسائل الإعلام بمليارات لا يعرف أحد عددها)
السيسي نفسه تعامل بروح البطل ـ المخلّص الذي أنفق 91 مليار دولار على ما تخيله «مشروعات كبرى» تصنع له مجداً يضاهي بناة دولة مصر الحديثة.
وهذه الروح أغفلت بناء الدولة بمعناها الأوسع من إنجازات التشييد والمقاولات والتجارة في كل ما يمكن بيعه، ولكن في إعادة بناء جهاز الدولة وتحريرها من «عفن» تراكم بالعلاقة السلطوية طويلة المدى...
لم ينجح السيسي في استكمال مشاريع الخلود (حلم كل أبناء سلالة الحاكم، أنصاف الآلهة) كما لم يحقق الأمان لقطاعات دفعت فواتير ثنائية الفشل والإصلاح...
النجاح الكبير للسيسي كان في تخفيف التزامات الدولة تجاه قطاعات واسعة وهو ما لم يجرؤ عليه حاكم مصري من قبله، وهذه نقلة ضخمة في علاقة المواطن بالدولة... لكنها نقلة في الفراغ... أو سير إلى الجدار... والمدهش أنه ليس أمام الدولة والقابضين عليها إلا استخدام «الوعد» و «الرعب..» أو البشارة والمؤامرة... وبينهما: أنا أو الخراب..؟
ـ 3 ـ
يقولها السوبرمان المهزوم دائماً: أنا أو ..... «ويضع البلد الذي يضع بصمته عليه»..
وفي هذا إغلاق للحلول وسد للأفق... وتفجير للبلاد التي وصلت الآن إلى وضع «عدوّة نفسها»..
كل الاختيارات تؤدي إلى الجدار - الفراغ نفسه... ولا أحد يواجه أننا كي نعبر لا يمكن اعتماد انتظار وعد من السوبرمان ولا نتعامل على أننا «ضحايا» مؤامرة كونية... لا السوبرمان سينقذنا... ولا المؤامرة تنجح إلا لأننا جزء منها.

  • شارك الخبر