hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - مازن ح. عبّود

في مدلولات صناعة الرئيس لبنانياً

الثلاثاء ١٥ تشرين الأول ٢٠١٦ - 06:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لقد قضي الامر وفي غضون ايام معدودة، قد لا تتخطى الاسبوع، يصبح الزعيم الاكثر تمثيلا لدى المسيحيين رئيساً لجمهورية لبنان. هذا ان لم يستدع الله احدا او لم يحدث شيء خارج اطار المألوف. ومع وصول العماد عون الى سدة الرئاسة تطمئن شريحة واسعة من المسيحيين في لبنان والمشرق، لكن ترتبك شرائح اخرى وتبان مخاوف. فالجنرال الذي اقصي عن اللعبة السياسية في البلد قديما، لأنّ مقاسات طموحاته لم تكن تتوافق مع المصالح الدولية وشكلت خطرا على منتدى زعماء تلك المرحلة، سيصبح في الغد رئيس لبنان بعد ان دخل اللعبة اللبنانية من باب مجلس النواب وصار شريكا اساسيا في اللعبة له حصته الوازنة.
يصل العماد الى ساحة النجمة متكئاً من جهة على حزب الله الذي صدق في وعده، ومن الجهة الاخرى على الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، وتسير خلفه كتلته الجرارة، على ان تنضم الى الصورة شرائح اخرى ليكتمل المشهد الرئاسي.
وكمواطن ارى انّ الجمهورية قد كتب لها عمراً جديداً بوصول رئيس الى الكرسي الفارغ منذ سنتين ونصف بصناعة محلية. فقد نجح القادة اللبنانيون كل لأسبابه في الاستفادة من اللحظة الدولية المواتية لإعادة الاعتبار الى النظام القائم وانتخاب رئيس جديد من دون ادارة واشراف او منة احد. لقد اجتمعت التناقضات اللبنانية التي ليس بالإمكان لها ان تجتمع عادة من دون رعاية احد، وانتجت العماد عون رئيسا، لأسباب تتراوح ما بين الوجودية والتكتيك والاستراتيجية والمصلحية. فكانت خلطة لبنانية لا يفهمها الا من ولد وتمرس في شوارع وازقة لبنان.
فقد صدق حزب الله مع من صادقه، ووفى بوعد وصان مشروعه من دون التفريط بزعامة الوزير فرنجية ولا برئاسة حليفه الرئيس نبيه بري ومعنوياته.
اما الرئيس سعد الحريري فقد ضمن بإيصال العماد عون الى رئاسة الجمهورية باب الوصول الى رئاسة الحكومة وعدم تفلت شارعه، واوقف بذلك تفتت زعامته واعاد الاعتبار الى صورته.
واراح الدكتور جعجع شارعه، ولعب ادوارا كبرى ما كان ليلعبها لو انه لم يضع المصلحة البعيدة المدى فوق المصالح الآنية والمباشرة. فتظهّرت صورته بشكل اكبر كلاعب سياسي محترف يحسب له حساب.
لكن المطلوب اليوم اراحة الشارع وبالتحديد الشرائح القلقة والزعامات التي لم تشترك او التي اقصيت عن صناعة الرئيس. اني اعتقد بانه لا يجب ان يشعر احد بالغبن او الهزيمة او بالمرارة الناتجة عن الاقصاء، فتتكون جراء ذلك مناخات غير ملائمة قد تجرف البلد صوب المجهول. فللمرة الاولى منذ عقود يصل الرجل الاكثر تمثيلا مسيحيا الى الموقع الاعلى في الدولة، ومن هنا ضرورة ان يثبت الرئيس العتيد للجميع انّ الاكثر نفوذا هو ايضا الاكثر وطنية وانفتاحا وحوارا وتجردا ونزاهة. ومن ثمّ فانّ استيلاد رئيس جديد للجمهورية يتمتع بمشروعية طائفية مسيحية كبيرة في هذه الظروف من الاحشاء اللبنانية من دون زرع اجنبي او عربي، يشكل سابقة يتوجب التوقف عندها، والتأمل فيها ملياً. ففي ذلك رسالة بالغة الاهمية موجهة من قادة لبنان غير المسيحيين الى اهل المشرق والعالم، عنوانها: ضرورة حماية النسيج المشرقي والتمسك بالاعتدال وتعزيز وجود الاخر. وفي هذا تصد كبير لداعش وكل المشروعات التكفيرية والالغائية وتمسكا في المشرق المتنوع. نعم تثبت تلك الزعامات عن حق بانه مازال للاعتدال مطرحا لا بل قلاعا في لبنان، وما جرى هو برسم الرئيس العتيد. لذا فاني اعتقد بانّ على اي رئيس للجمهورية اتقان قوة الدبلوماسية والحوار وذلك كي لا تسقط قوى الاعتدال التي اوصلته في الشارع في ظل ارتفاع وتيرة التطرف. نعم، المطلوب ان ينتقل الرئيس العتيد من رئاسة التكتل والتيار والجماعة الى رئاسة كل لبنان، كل لبنان، فيتساوى اللبنانيون امام القانون ويسلم البلد. فيبرهن عندها الرئيس العتيد بانه على قدر الرسالة والمسؤولية التاريخية، لأنه ان سقط الاعتدال سقط التنوع، ووقع البلد في آتون المنطقة وما يعود ينفع عندها كل الخطابات والمراكز والمكتسبات.
اني اعتقد بانّ ما يجعل اي رئيس او حاكم تاريخيا وكبيرا هو صون استقرار البلد وخلق المناخات السياسية المواتية للتنمية وتفعيل عمل القضاء ومنع الانهيار في الدولة والحفاظ على مقومات لبنان الطبيعية وثرواته، وكل ما يتعارض مع ذلك يدمر. هذا ما آمله من الرئيس والحكومة. واني على امل بانّ اليد الخفية التي منعت تدهور البلد في زمن الفراغ لن تهمله ابداً.
اخيراً، غداً يصل العماد عون الى بعبدا، ومع وصوله الى سدة الرئاسة يبدأ عهد جديد، اصلي ان يكون لكل لبنان بكل اطيافه ومكوناته.
 

  • شارك الخبر