hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - المحامي انطوان ع. نصرالله - الجمهورية

علاقة لم تتطوّر

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٦ - 06:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

المحامي انطوان ع. نصرالله - الجمهورية
ممّا لا شك فيه أنّ الأعوام الأخيرة من القرن المنصرم والأعوام الأولى من القرن الحالي، هما من اكثر السنوات التي عرفت تطوّراً وثورة على كلّ الصعد وتعتبر من أهمّ العقود في التطور والرقي... وقد شمل هذا التقدم معظم الاصعدة التكنولوجية والعلمية والتقنية والطبّية...

ومن الملفت للنظر أنّ كلّ تطوّر مهما كان كبيراً ومذهلاً سرعان ما كان يفقد بريقه وأهميّته أمام اختراع وتطوّر جديد ينسينا الأول، ويدخلنا في عالم جديد من الانتعاش سرعان ما نخرج منه الى آخر وهكذا دواليك... فإذا كانت القرون الماضية قد أوجدت البنى التحتية القوية والثابتة لكلّ ما نشهده اليوم خصوصاً لناحية العلوم الانسانية والفكرية، وعلم الفلسفة، من دون أن ننسى تأثير الدين الذي سيّر الناس لسنوات وسنوات، فإنّ العقود الاخيرة والتطورات التي عرفتها أزاحت هذه الاوليات السابقة وأوجدت غيرها تحاكي العقل والمنطق وصحة الانسان.

وفي ذروة هذه التبدلات والتغييرات الكبيرة التي عرفتها الانسانية، وأثّرت على مختلف المجتمعات والبلاد، كان من المتوقع ووفقاً للسياق الطبيعي للأمور أن تترافق مع تبدّل في المقاربة والعلاقة السياسية بين الزعماء والمسؤولين من جهة وناسهم من جهة أخرى، لاسيما في البلاد التي تعتمد النظام الديموقراطي كأسلوب ونظام حكم.

علماً بأنّ هذه الانظمة شهدت انفلاشاً كبيراً في العقود الماضية تعود اسبابه الرئيسة الى ذلك التطوّر العلمي والتقني... ولكن يبدو أنّ السياسة ولاسيما تلك العلاقة بين الناخب والمنتخب وبين السياسيين، استطاعت لتاريخه أن تقاوم هذا التطوّر، وأن تبقي على اساليبها القديمة والتقليدية قائمة وبل متجذّرة.

صحيح أنّ وسائل الاتصال بالجماهير والناخبين قد تبدّلت وتحسّنت مستفيدة من الثورة التكنولوجية خصوصاً مع اكتشاف التلفزيون وحلول وسائل التواصل الاجتماعي في مرتبة متقدمة، إلّا أنه ومنذ الحضارات الاولى والأساليب هي هي، فمن الخطب النارية أو الذكية التي تُحاكي الجماهير وتستطيع أن تحكّ على جراحهم ومشاعرهم وأن تتلاعب بغرائزهم لجذبهم الى مشاريع سياسية وسلطوية، الى الدور الذي تلعبه شخصية السياسي والكاريزما التي يتمتع بها، الى بقاء تلك العلاقة الزبائنية الغريبة التي تربط الناس البسطاء والنافذين على حدٍّ سواء بكلّ مَن يتولى مركزاً أو سلطة قائمة...

لم يحتج الزعماء الى بذل أيّ مجهود من اجل تطوير اساليبهم أو وسائلهم لكي يدخلوا الى قلوب وعقول ومصالح مَن يمثلونهم. سواءٌ كنا في دول نامية ومتقدمة أو في بلاد في طور النمو والتقدم...

وينسحب هذا الامر أيضاً الى تلك العلاقة القائمة بين الكتل السياسية والسياسيين في ما بينهم، فتلك العلاقات تدور في حلقة مفرغة تكاد لا تتوقف. فمن محاولة كلّ طرف إلغاء الآخر بشتى الوسائل والطرق، الى اقامة حكم مشترك او تساكن بين تناقضات لا تلتقي إلّا لضرورات سلطوية، تدور بنا الدائرة من زمن الديموقراطية الاول... هي الغاية التي تُبرّر وسيلة الحكم والتسلط.

كلّ ذلك يُبرّر المقولة التي تقول إنّ التطوّر الايجابي لوسائل العيش لم ترافقه راحة وطمانينة على الصعيد المجتمعي والسياسي، كون هذا الشق لم يتقدم بل على العكس من ذلك فقد عرف تراجعاً مخيفاً وغير مسبوق مع تراجع الاخلاق وغياب وسائل المحاسبة الحقيقية... من هنا لا خلاص من هذا الوضع المتناقض بين تطور الوسائل وتخلف الاساليب، إلّا بتطور وتحديث العلاقة بين الساسة والناس بحيث تكون السياسة فعلياً في خدمة المجتمع، كلّ المجتمع، بطريقة وحقيقية لا لبس أو غش فيها...

  • شارك الخبر