hit counter script

أخبار محليّة

168 محاميا متدرجا أقسموا اليمين القانونية

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٦ - 13:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقسم 168 محاميا متدرجا اليمين القانونية اليوم، أمام محكمة الإستئناف في بيروت برئاسة القاضي طنوس مشلب، وعضوية المستشارين ألبير قيومجي وفاتن عيسى، باحتفال أقيم في قاعة المحاضرات الكبرى في بيت المحامي، في حضور نقيب المحامين في بيروت انطونيو الهاشم، المسؤول عن المتدرجين في نقابة المحامين اسكندر الياس، عدد من نقباء المحامين السابقين، أعضاء مجلس النقابة ولجنة التقاعد.

بعد النشيد الوطني ونشيد المحامي، وأداء القسم، ألقى مشلب كلمة، هنأ فيها المحامين الجدد، داعيا اياهم الى "التزام بمضمون القسم والحفاظ على الصدق والأمانة في خلال ممارستهم مهنتهم، والتحصن بالعلم والأخلاق، والسعي دوما الى كسب المزيد من العلم والمعرفة، بخاصة ان القسم اليوم هو الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل".

ثم ألقى النقيب الهاشم كلمة، قال فيها: "تحت قبة قصر العدل، قاعة الخطى الضائعة، نقف اليوم على وقع أصداء اليمين القانونية التي أديتموها، من خلال ثوب الأمانة والشرف والنبل، من أضواء الإيمان بقدسية الرسالة النبيلة وجلالتها، رسالة المحاماة. تدخلون اليوم معترك هذه الرسالة، على هدي التدرج، منتقلين من معاهد الحقوق إلى دنيا المحاماة لتتمرسوا، لا لتمارسوا، فلا كبير في المحاماة إلا كبير الثقافة والعلم والكفاءة".

وأضاف: "التدرج يكون أو لا يكون. هو جناحكم إلى العلى، ومفترق طريق للعبور نحو الأصالة. وقانون مهنتنا خص التدرج فصلا واسعا. فالأمانة والشرف كلاهما حدود المهنة. الأولى، من البديهيات، أما الشرف، فهو جوهر الرسالة. والتدرج مرحلة في حياتكم يجب ألا تنتهي".

وتابع: "حيث يكون الدفاع تكون الحرية، وأنتم تجسيد للحرية في المجتمع، كما الدولة تجسيد للسلطة. فلا عدالة بين الناس في بلد ليس فيه محامون. إياكم والإنزلاق في طرق لا تشرف المهنة. فالمناعة الأخلاقية هي ضرورية بقدر ما في المحاماة من إغراءات قد تستهوي المحامي"، مضيفا: "إن الذي أقامك مقام ذاته، قد سلمك أغلى ما يملك، لا بل كل ما يملك واضعا في ذمتك روحه وماله وشرفه وحريته، مطلقا لك الحرية في رعايتها وصونها وانقاذها بالوسيلة التي تراها أنت وحدك دون سواك. ليس هناك من رقيب ولا حسيب على عملك إلا خلقك وعلمك وضميرك. فمهما تعددت النصوص، يبقى شرفك هو الوازع. فدستور مهنة المحاماة وقوانينها وأنظمتها، هي وقبل كل شيء شرفك وحده، وهنا تكمن الخطورة".

وتوجه إلى المحامين الجدد، بالقول: "أنتم رواد الحقيقة، جنود العدالة، سلاحكم الحجة والقانون، وهدفكم دائما وأبدا إحقاق الحق. فهل القسم الذي أديتموه هو كل شيء؟، لا أظن"، لافتا إلى أن "الكياسة واللباقة وحسن التصرف، ليست أقل فعلا من العلم والبلاغة وسرعة البديهة، عند تحسسكم لسلاحكم في معركة المبارزة القضائية".

وتابع: "فن المحاماة بالغ الصعوبة. ولا يكسب المرء "الأستاذية"، بقسم اليمين فحسب، بل بالدراسة الطويلة والجهد الذي تعضده بعض المواهب الطبيعية"، مذكرا بقول (Maurice Garçon) في كتاب المحاماة والآداب: " لقد تعقدت رسالة المحامي، فلا يكفيه اليوم ان يكون رجلا غيورا، بل أصبح لزاما عليه قبل المثول أمام المحكمة أن ينصرف إلى دراسات دقيقة جدا، إذ لم يعد يكفي رجل القانون ان يدرس القانون، بل عليه أيضا ان يحوز جملة من المعارف التي تستلزم تطويرا متماديا للذات".

وقال الهاشم: "إن أعظم تعريف أطلقه العلماء على المحامي هو قولهم، المحامي خادم الحق، والحق من أسماء الله الحسنى. ومن انتدب نفسه لخدمة الحق، وجب عليه ان يتحلى بكثير من الصفاء النفسي والتجرد، مبتعدا عن كل ما يتنافى والحق، وتجنب ما لا يأتلف والأخلاق".

وأضاف: "أما الصفات التي يجب ان يتحلى بها المحامي للنجاح فهي توازي عدد أصابع اليد والثقافة أولها، ولا توقف في الثقافة، فهي ما يبقى لدينا بعد ان ننسى كل شيء. وحب المهنة ثانيها وهو شرط من شروط النجاح في كل مهنة، وثالثها الإقبال على العمل، ورابعها الإنتظام في المواعيد. فالمحامي عليه ان يتردد على المحاكم وعلى نقابته دون انقطاع، وخامسها ان تكون سيرته في مسيرته المهنية ناصعة لا تشوبها شائبة، فهذه الصفة لصيقة في حياة المحامي".

وتابع: "يمارس المحامون مهنتهم وقوفا، في حين يجلس القضاة، فالمحاماة تأهب ونضال، واستقلال المحاماة عزيز على العدالة، كما هو أثير عند المحامين. إذ لولا حرية المحامين في ان يناقشوا وينتقدوا أحكام القضاء، لتكررت الأخطاء وتراكمت، واستحال إصلاحها وتجنبها، ولأصبحت أحكام المحاكم نفسها مصدرا للظلم بدلا مما هي الآن عنوان الحقيقة والعدل. وما دام العدل أساس الملك، ولا عدل بغير قضاء، ولا قضاء بغير محاماة، فيجب ان نقول بان المحاماة هي الدعامة الأولى لكل حكم عادل، فالمحامي لا يقوم بمصلحة خاصة بقدر ما يقوم بوظيفة اجتماعية هي معاونة القاضي في إقامة العدل والكشف عن الحقيقة. ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن مهمة المحامي أدق وأشق من مهمة القاضي. فإذا كان للقاضي فضل الترجيح، فان للمحامي فضل التأسيس والإبداع. كما ان المحامي كثيرا ما يواجه سلطة الإتهام، وسخط الرأي العام الذي ينصب على موكله من غير رحمة ولا هوادة، فيقف إلى جانبه ويبذل من ذات نفسه وجهده ما أثار السبيل إلى الحقيقة المدفونة، فيرد القضاء على المتهم لباس الشرف والكرامة. لهذا كان من الضروري ان تكون للمحامي حصانة مستمدة من حق الدفاع المقدس ولاعتبارات خاصة بشخص المحامي، وما يجب توافره من حرية في ممارسته لمهنته التي طابعها الأصيل الحرية في أسمى معانيها، ولاعتبارات تمس مصلحة المجتمع وحسن تنظيم العدالة. إلا أن تلك الحصانة ليست امتيازا للمحامين يسمح لهم بالخروج عن القانون، وإنما هي حماية خاصة تنبع من ضمير العدالة في ان يؤدي واجبا مقدسا تجب كفالته وحمايته".

وأردف: "هذا الشعور، هو وحده الكفيل بقيام التعاون بين المحاماة والقضاء على نحو يسير بنظام العدالة نحو الغاية المنشودة. كما ان حصانة المحامي ترجع أساسا إلى عمق إحساسه بجلال رسالة القاضي ورسالته هو، فاخلاصه لهاتين الرسالتين توجبان عليه ان يكون عميقا في احترامه للقاضي، سريعا إلى نجدة الضعفاء، محبا للحقيقة، يخاصم في الحق، ويصالح في الحق".

وتوجه إلى المتدرجين، بالقول: "أنتم الأمناء على هذه المهنة، وحملة مشعلها، والساعين لرفع رايتها. أما وقد تبلغتم لهذه الرسالة، أوصيكم بالأمانة لتحافظوا عليها، أمانة الرسالة النبيلة السامية. فلو لم يكن الملك ملكا لاختار المحاماة، مهنة الشموخ والعزة. وغدا ستترافعون بهذه الروحانية عن أفراد الشعب، ليحكم القضاء بالروحانية ذاتها، باسم الشعب"، مضيفا: "تدرجكم هو الأساس الذي تقوم عليه مهنة المحاماة. وقانون تنظيم المهنة أوجب عليكم سنوات ثلاثا تتمرسون فيها ولا تمارسون. تتمرسون على المهنة، على تقاليدها وأنظمتها. فسيروا في ركب التألق مناضلين في تدرجكم الدائم".

وختم قائلا: "قديما عندما سئل نقيب المحامين في باريس (Henry Robert)، عن سبب تألقه في المحاماة، أجاب: "سبب نجاحي هو أني كنت، وما أزال أنظر إلى مهنة المحاماة، على أنها تدرج دائم".

بدوره، ألقى الياس كلمة، قال فيها: "مناسبة واعدة، تجسد إرادة العطاء، شباب اختار حقل العدالة والقانون، ليزرع فيه أملا مشعا وقوة لا تهادن، فليس من السهل بمكان، أن يضع اللبناني جانبا كل مصاعب البلاد ومعوقات الحياة، ليلتحق بقيود القانون، نقيض الأعراف والممارسات السائدة. فلبنان، هذا الوطن العريق المتكئ على صيغته الخلاقة، مرهق بالأطماع، منهك بخلافات أبنائه، إنما مشبع بالانتماء، ما يزال فيه أبناء يراهنون على العدالة فيه وحكم القانون، فأنتم أيها الشباب الزملاء، أنتم من يبقي روح العزيمة في صدور الأجيال، بانتسابكم إلى نقابة المحامين تعلنون عفوا، إيمانكم بقيامة لبنان الوطن، بديمومته كدولة للحرية والعدالة والحق، بانتسابكم إلى نقابة العنفوان هذه، تنشرون ثقافة سيادة القانون في وطن الحريات. فربيع لبنان آت لا محال، وإن طال خريف المحيط الدامي".

وأضاف: "أيها الزملاء، لإن المهنة التي اخترتموها، هي مهنة النضال والتعب، التي تتطلب الأمن والسلام لتسود، والوعي والإدراك لتنجح، كما تتطلب الجد والإخلاص لتبدع، أعداؤها الفوضى والفساد وشريعة الغاب، لا تخافوا من الظروف التي نعيش خطورتها، فلبنان عصي عليها وعلى الصعاب، وبلدنا يمر بحالة استباحة المألوف، فإياكم الانجرار نحو استسهال الحصول على وسائل العيش، فالمحاماة رسالة أولا، وإن كانت مهنة للعيش الكريم، فحذار أن يساء مفهومكم لها بحجة تعثرها اليوم. هذه المهنة الراقية، تفرض النبل والاستقامة والأخلاق، كما تفرض الحفاظ على الإنسان وحقوقه. فليكن سقف ممارستكم مصانا بالضمير الحي. ولا يغرنكم مال ولا جاه، ولا تنسوا نقابتكم ولا تهملوا قوانينها، ولتبقى دائما مرجعكم الآمن وملاذكم الدائم".

وتوجه إلى أهل المتدرجين بالقول: "طبيعي أن يتسابق فرحكم مع فرح أبنائكم والنقابة، فمبروك لهؤلاء الجنود يقتحمون صعاب الحياة، ها أنتم تواكبون المناسبة بفخر واعتزاز، اليوم أقسم أبناؤكم يمين الانتساب إلى نقابة المحامين، وغدا ينزلون إلى الحصاد، أخالكم تراهنون على نجاحهم، وأرى الخوف لا يفارق عيونكم على مستقبلهم، لكنني بثقة أخاطبكم لأقول، إن الحقل واسع والحصادين مهرة، والغلال وفيرة، فأنتم أحسنتم الزرع وأعطيتموهم بسخاء وحب، فوالله لن تخيبوا".

وتابع: "في كل مرة كنت أقف هذه الوقفة أمام المتدرجين، كنت أشعر بغبطة وفرح كبيرين، وتنتابني سعادة لا توصف. أما اليوم فتترافق في داخلي الغبطة والغصة معا، فهي وقفتي الأخيرة في ولايتي، وبتقويم ذاتي أمامكم أقول إن كنت فشلت أو كنت قصرت فأستميحكم عذرا، وإن كنت نجحت فهذا ما سعيت إليه وتمنيت. قد أعود لخدمة الزملاء لما فيها من رسالة ممتعة، إنما دائما بثقة الجمعية العمومية وحضرة النقيب".

وختم: "كلنا عابرون فذاهبون، وحدها النقابة باقية". 

  • شارك الخبر