hit counter script

مقالات مختارة - ميسم رزق

قانون الانتخاب يضيع في تشريع «الضرورة الأميركية»

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٦ - 06:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار
بعد أن كان هناك إمكانية للاستفادة من الجلسة التشريعية ومناقشة اقتراحات قانون الانتخاب، فجأة طار النصاب القانوني، وطارت معه البنود التي خاض لأجلها كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية حرباً، بهدف إدراجها على جدول الأعمال، واعتبروها شرطاً لحضور أي جلسة تشريعية. فكانت جلسة مالية بامتياز، اتسمت بالتحفظات والرسائل السياسية

قبل نحو سنة، عقد المجلس النيابي جلسة تشريعية بضغط غربي، بتّ خلالها قوانين مالية تتعلق بمكافحة «تمويل الإرهاب» و»تبييض الأموال». أمس تكرر المشهد، حيث تسابق الجميع للوصول إلى المجلس النيابي، مواكب أمنية، موظفين، ونواباً لا يجمعهم برنامج انتخابي ولا أرضية سياسية أو فكرية.

هؤلاء تحديداً يعلمون أن ليس في استطاعتهم فعل المعجزات، فثمة مشكلات اقتصادية واجتماعية مستعصية ومتراكمة تضغط على الشعب اللبناني. إلا أنهم لم يستطيعوا رفض دعوة رئيس المجلس نبيه برّي لإعادة تفعيل العمل النيابي تحت مسمّى تشريع الضرورة. مجلس الأمة لم يجد بديلاً لهذه التسمية، لتمويه عملية «التشريع تحت الضغط» بهدف «تهريب» عدد من المشاريع المالية المطلوبة دولياً، قبل نهاية الشهر الجاري، وإلا، فالعقاب ينتظرنا. «لبنان على اللوائح السوداء، وتصنيفه من ضمن الدول غير المتعاونة»، وبات «الابتزاز» الذي تمارسه الولايات المتحدة السبيل الوحيد لخرق البطالة النيابية الجارية منذ عام. هذه نتيجة منطقية لتعطيل عمل المؤسسات، التي دفعت المجلس النيابي إلى مناقشة مشاريع قوانين، هي في الأصل من عمل الحكومة، واضطرته إلى وضع جدول أعمال يضم 23 اقتراح قانون بعد تحميلها صفة «المعجلة المكرر»، بغية تبرير عقد جلستين صباحية ومسائية، شهدت مناقشات مُستفيضة بشأنها.
سبق عقد الجلستين، خارج الهيئة العامة، الكثير من الأحاديث الرئاسية، مع قرب إعلان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة. أحاديث وضع الرئيس برّي حدّاً لها، بمنعه الكلام من باب الأوراق الواردة. تجنّب رئيس المجلس دخول «أصحاب السعادة» بسجالات لا طائل منها، ولن تضيف إلى الجلسة سوى نقل «الرصاص» السياسي من الإعلام إلى المؤسسات. إلا أن بعض «المشاغبين» من النواب، تقصدوا فتح النقاش الرئاسي لجسّ نبض الرئيس برّي. كان أولهم نائب القوات اللبنانية جورج عدوان، الذي تناول كلام المعاون السياسي للرئيس برّي الوزير علي حسن خليل، واصفاً كلامه عن الثنائية المسيحية – السنية بأنه «طائفي، ولا يشبه الرئيس برّي». الأخير لم يترك مجالاً للتصعيد اللفظي، وحسم الأمر بقوله: «أنا لم أتحدّث إلّا خلال اجتماع هيئة مكتب المجلس، وقلتُ فلنأتِ إلى مجلس النواب وليفز من يفوز.


اعترض نواب حزب الله على إقرار اقتراحات القوانين المالية ورأوا فيها تجاوزاً للسيادة
شخصياً، قلتُ لن أصوّت للعماد عون، وسأكون في المعارضة مع محبتي وتقديري له. هل هذا الكلام فيه ما يتعلق بالطائفية؟ سأكون أوّل الحاضرين، نحن نصوّت وفقاً لقناعاتنا، سواء نجح من نجح، وكتلتي حاضرة في كل الجلسات منذ سنتين ونصف حسماً لكلّ الأقوال». لم ينزل ردّ الرئيس برّي برداً وسلاماً على قلوب نواب التيار الوطني الحر، ولأن الكلمة بالكلمة باتت القاعدة في مجلس النواب، سجّل النائب إبراهيم كنعان تحفظه عن بعض بنود جدول الأعمال «لكونها لا تدخل في إطار تشريع الضرورة» حسب تعبيره، ولحقت به كتلة «القوات اللبنانية». رئيس المجلس الذي استعجل المباشرة بالعمل التشريعي، أغلق باب الحديث خارج جدول الأعمال بتأكيده أن «لمجلس النواب الحق في التشريع في جميع الظروف وفي غياب أو حضور رئيس الجمهورية». وبدأ النقاش في عدد من الاقتراحات، أكثرها جدلاً هي تلك المقدّمة من النائب ياسين جابر، وتتعلق بتبادل المعلومات لغايات ضريبية وإلغاء «الأسهم لحامله» و»الأسهم لأمر». ما إن بدأت تلاوة هذه القوانين، حتى طلب النائب نواف الموسوي الكلام، معتبراً أن «تشريع اليوم هو تشريع تحت الضغط والقهر»، واصفاً ما يحصل بأنه «انتقاص للسيادة»، مقترحاً «إرسال هذه القوانين لدراستها في اللجان النيابية المختصة». فأعاد النائب جابر تبرير إدراج هذه الاقتراحات على جدول الأعمال بصفتها المعجلة، بحجة أنها «لم تبت في الحكومة نتيجة تعطيل الجلسات، وسفر رئيس الحكومة سابقاً». واعتبر الوزير علي حسن خليل أن «من مصلحة لبنان الانضمام إلى هذه الاتفاقيات لأن الرفض سيضعنا تحت المجهر الدولي وتصنيفنا كدول غير متعاونة». كتلة «الوفاء للمقاومة» أصرت على موقفها، إذ اعتبر النائب حسن فضل الله أنه «لا يُمكن تطبيق اتفاقيات من خارج السقف الدستوري، رغم تفهمنا للظروف المحيطة بنا». كذلك جرى الاعتراض على فقرة تتعلق بتفويض وزير المالية التوقيع على الاتفاقيات دون العودة إلى أحد، وتحويلها إلى تعميم ملزم وله قوة القانون. وبعدما استفاض النواب في الجدل حوله، أقر القانون في الجلسة المسائية، بعدما أضيفت إلى فقراته بعض العبارات، أهمها التطبيق وفقاً للمعايير والإجراءات المتفق عليها بين الدولتين. وسحب اقتراح القانون المعجل المكرر المتعلق بتعديل قانون الإجراءات الضريبية. فيما صُدِّق اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى إلغاء «الأسهم لحاملها» و»الأسهم لأمر».
كذلك صَدَّق المجلس على القوانين الآتية: قانون السير الجديد، إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة الوقاية من التعذيب، قانون إعفاء ورثة اللبنانيين الذين قضوا في كارثة الطائرة الجزائرية من رسوم التقاضي ورسوم الفراغ والانتقال، قانون خفض الغرامات على متأخرات الرسوم البلدية، قانون خفض الغرامات على متأخرات رسوم الميكانيك، قانون تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء، قانون الإجازة للحكومة إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية. أما أهمها، فكان الاقتراح الرامي إلى تخصيص اعتمادات لتنفيذ بعض المشاريع في قطاع المياه المبتذلة وأعمال الاستملاك العائدة لها في منطقة حوض الليطاني.
غير أن الجلسة التي اتسمت بالتحفظات، كانت أبرزها تلك التي سجلها كل من حزب الله والقوات والتيار الوطني الحر، لم يكتب لخاتمتها الخير. فبعد طرح الاقتراح المتعلق بأصول التعيين في وظيفة أستاذ تعليم ثانوي في المدارس الرسمية وتعيين جميع الناجحين في المباراة عام ٢٠٠٨، طار النصاب القانوني وانخفض عدد النواب الحاضرين إلى ٥٩ نائباً. ولم يتمكن المجلس من مناقشة اقتراحات قوانين الانتخابات النيابية.

  • شارك الخبر