hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - ايلي نصار

وصايا تربوية

الخميس ١٥ تشرين الأول ٢٠١٦ - 06:04

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 

يخشى بعض الاهالي من صعوبة المتابعة التربوية لاولادهم، وذلك قد يتاتى من تعقيدات يومية حياتية، احياناً عادية، واحياناً اخرى فيها تعقيدات، تترتب اما من عدم قدرة او معرفة الاهل على التواصل الايجابي، واما من موروثات تربوية واجتماعية خاطئة، تتنقل بين الاجيال وتتوارث مفاعيلها السلبية في مجتمعنا.
والنقطة الاهم، ان البعض يتصرف باسلوب عنيف، انطلاقاً من فكرة ان تربية الاطفال لا بد من ان تقترن بقليل او كثير من القساوة، حيث يفسر ذلك حسب المعيار الشخصي والذاتي والعائلي للاشخاص. من هنا اهمية التواصل مع اصحاب الاختصاص والكتب التربوية والمتخصصين في مجال علم النفس التربوي للاطلاع اكثر على الارشادات التي تعنى بالصحة النفسية للاطفال، وبحمايتهم من التاثيرات السلبية المترتبة من الاساليب التربوية الغير سليمة .
وهنا تكمن اهمية المشاركة في الندوات والمحاضرات العلمية، اذ ان الموضوع التربوي هو موضوع علمي بامتياز كغيره من المواضيع العلمية، ويرتكز على مبادىء وأسس، ويبغي اهدافاً محددة، اهمها بلوغ الطفل توازن نفسي اجتماعي صحي، يمكنه من بناء حياة اجتماعية سليمة، قائمة على التواصل الايجابي في اطار من الثقة بالنفس وبالقدرات الذاتية.
لذلك نقدم لكم بعض الوصايا التي تكمن اهميتها بالتواصل الايجابي مع الطفل والمراهق، والابتعاد تماماً عن العنف باشكاله المتنوعة، بحيث ترتكز على تفهم الطفل واحترامه، واستبدال مفهوم الخوف من الاهل بمفهوم الثقة والاحترام المتبادل والتواصل الايجابي حيث:
أولاً: اعتمد اسلوب الحوار مع طفلك منذ سنينه الاولى، فقد تعتقد في بادئ الامر ان هذا دون جدوى او لا يلقى نتيجة فعلية مع طفل صغير لا يدرك معنى الحوار، الا ان الطفل وان كان لا يفهم تفصيلياً كل المعاني نظراً لحداثة سنه، الا انه يبدأ تدريجياً باستيعاب الاسلوب الهادئ المعتمد من قبل الوالدين، فيكوّن حالة منتظمة يعتاد عليها ومن ثم يعتمدها. قد ياخذ ذلك بعد الوقت وبالتاكيد وقت اطول من الاساليب الاخرى المعتمدة الا انه على عكسها هو ايجابي للطفل والعائلة والمجتمع على المدى الطويل.

ثانياً: لا تعتمد على اساليب عنيفة بتاتاً في تربية اطفالك، فهذه الاساليب العنيفة اكانت جسدياً ام نفسياً – كلامياً ام عاطفياً –معنوياً، فهي لا شك انها تؤذي الطفل من الناحية النفسية والاجتماعية، واحياناً الصحية، وتؤدي الى التأثير السلبي على الثقة بالنفس، مما قد ينعكس اضطراباً نفسياً اجتماعياً .
ثالثاً: استعمل دائماً اسلوب التشجيع والتحفيز في تحسين الامور، انطلاقاً من مبدأ التفكير الايجابي، فتقبّل فكرة ان الطفل لا شك انه سيخطئ في نشاطه اليومي وهذا امر طبيعي، وعلى الاهل تدريبه وتوجيهه ودعمه للتعلم واكتساب المهارات اليومية المتنوعة.
رابعاً: التسيّب والاهمال هما مضران بالقدر نفسه للعنف، فالسلطة المنزلية امر ضروري وطبيعي ضمن العائلة، وعدم وجود السلطة هو بنفس الضرر للمبالغة بالسلطة. وعندما نذكر السلطة فلا نعني ابداً التسلّط، وانما الحضور والدعم والتوجيه. اعتماد اسلوب الهدوء والثقة والحوار والتفهم هم اسس هذه السلطة المتوازنة والا قد تصبح تسلطاً او تسيباً.
خامساً: لا تعتمد ابداً على القساوة او الكبت او القمع في رغبتك لتوقيف امر تعتقده سيئاً لدى طفلك، فهذه الاساليب قد تزيد من التصرفات السلبية، ان لم تكن نفسها، فهي قد تنتقل الى تصرفات سلبية اخرى في مجالات اخرى.
دائماً استعمل النقاش واعط تجارباً وبراهين وامثالاً، اترك المجال لطفلك للتعبير وابداء رايه، ومن ثم حاول ان يكون اتخاذ الراي مشتركاً. بحال لم تنجح وترى انه من الضروري حسم الموضوع خوفاً من ضرر ما على طفلك، اعلمه انكما لم تتفقا على راي مشترك، وبالرغم من احترامك لوجهة نظره، الا انك لا تتفق معها وهذا امر طبيعي، وعليك ان تاخذ الموقف المناسب لحمايته من ضرر فد يصيبه استناداً الى خبرتك وتجاربك الطويلة.
سادساً: اترك المساحة اللازمة لطفلك للانخراط في المجتمع والتواصل مع الاقران والانتساب الى الجمعيات الكشفية والاندية الرياضية وغيرها من المؤسسات بعد التاكد من مهنيتها، فذلك يفسح المجال لديه لمزيد من التواصل والتنوع واكتساب المهارات الحياتية والاجتماعية، ويسمح له بمزيد من التجارب والتطور والاعتماد على الذات. فالجو العائلي على اهميته الكبيرة لا يجب الاكتفاء به وحده، بل يجب تشجيع الطفل على الانطلاق والتواصل واكتساب الخبرات المتنوعة مما يعزز الثقة بالذات والاستقلالية.


سابعاً: احرص على التواصل مع ابنك عن اموره الاجتماعية والمدرسية والخاصة بدون ان ترغمه على ذلك. فعندما تخلق في المنزل جواً حوارياً مبنياً على الثقة والاحترام لا على الخوف، يصبح من الاسهل التواصل مع الطفل- وبرغبة منه- عن اموره الخاصة ضمن احترام هامشاً مهماًو كافياً من الخصوصية. فهذه الخصوصية هي حكماً موجودة، فمن الاجدى، احترامها مما يجعل منها اكثر توازناً ومرونة فيدخلك طفلك اليها كلما شعر بالحاجة لذلك بدعم منك، من ان تكون سرية وقاسية خوفاً من العقاب مما ينعكس توتراً في مختلف المراحل الحياتية.
ثامناً: لا تقارن طفلك ابداً بغيره فلكل طفل قدراته وامتيازاته وخبراته التي يجب ان تعمل على احترامها وتطويرها انطلاقاً من رغبة الطفل الذاتية. لا تدفع ابنك باتجاه ما ترغب انت، بل باتجاه ما هو يرغب او يحلم. دورك التوجيهي ضروري، لكن ضمن اطار احترام القدرات والرغبات، حيث تعتمد عليها وتعمل على توجيهها نحو الاطر الايجابية، من خلال مساعدته على خلق الفرص ودعمه المعنوي، ومساعدته على ايجاد الظروف المؤاتية لتطويرها.
تاسعاً: لا تجعل من حياة ابنك الدراسية هماً بحياته ولا من علاماته منطلقاً للقلقل او التوتر واحياناً الحزن. دورك دعمه ومساعدته في تحصيله الدراسي بغض النظر عن علاماته. فالنقاط لم تكن يوماً معياراً للنجاح في الحياة، والرتبة داخل الصف هي ايضاً ليست معيار النجاح في المستقبل. فمن خلال الدراسة الهدف هو ان نبني الانسان ثقافياً فكرياًواجتماعياً، وذلك يكون من خلال دعم قدرات الطفل وامكانياته لا مقارنته بغيره وتحميله عبءاً كبيراً، ومجهود التنافس السلبي مع رفاقه داخل الصف او العائلة.
عاشراً: عند ملاحظة تراجع مدرسي يجب اقامة مراجعة شاملة للامور، وهنا الحوار مع المدرسة امر ضروري، فمن حق الاهل معرفة الظروف داخل الصف، والاطلاع على الاساليب التربوية والتاكد من خلوها من اي نوع من انواع العنف، اكان معنويا ام جسدياً ام نفسياً ام جنسياً، ومن ثم مراجعة اجواء المنزل والطرق المعتمدة فيه. فمن حق الطالب ان يحصل على اجواء مريحة وداعمة للدراسة، بيعدة عن العنف والقساوة و الازدراء والتمييز والتنمير. فالتواصل والتنسيق بين المنزل و المدرسة امران ضروريان للحرص على تامين الجو المناسب لاطفالنا. كما ان استشارة اخصائيين داخل او خارج المدرسة قد يكون ضروري في بعد الاحيان خاصة عند ملاحظة استمرار التراجع او عوارض نفسية ملازمة لذلك.
ايلي نصار
اخصائي ومعالج نفسي
خبير برامج حماية الطفل ودعم الصحة النفسية.
 

  • شارك الخبر