hit counter script

أخبار محليّة

فضل الله: الحركة بركة في أي حراك يخرج البلد من حال المراوحة

الجمعة ١٥ أيلول ٢٠١٦ - 14:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين - في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به رسول الله، عندما دعانا إلى أن نقف بين يدي الله في رأس السنة الهجرية، وهي الليلة الأولى من شهر محرم الحرام، ونصلي ركعتين بعدما نتوجه إلى الله بهذا الدعاء "اللهم ما عملت في هذه السنة من عمل نهيتني عنه ولم ترضه، ونسيته ولم تنسه، اللهم فإني أستغفرك منه، فاغفر لي، وما عملت من عمل يقربني إليك فاقبله مني، ولا تقطع رجائي منك يا كريم".

ثم يقول رسول الله كما ورد في الحديث "إن الشيطان بعد الدعاء يندب حظه ويقول: يا ويلي ما تعبت هذه السنة هدمه أجمع بهذه الكلمات، وشهدت له السنة الماضية أنه قد ختمها بخير".

اضاف "ومن المستحب أيضا في اليوم الأول من محرم، أن يصلي المؤمن ركعتين، ثم يدعو "اللهم وهذه سنة جديدة، فأسألك فيها العصمة من الشيطان، والقوة على هذه النفس الأمارة بالسوء، والاشتغال بما يقربني إليك، يا كريم، يا ذا الجلال والإكرام". بمثل هذا الوعي، ننهي سنة قديمة، ونبدأ سنة جديدة، وبذلك نجعل سنين حياتنا أكثر طهرا وصفاء ومسؤولية وقربا إلى الله، ونملك القدرة على مواجهة التحديات والصعوبات".

تابع فضل الله "والبداية من لبنان، الذي شهد في هذا الأسبوع حراكا سياسيا أوحى للبنانيين بقرب إنهاء الشغور الرئاسي، وكل التداعيات الذي تركها، بعد أن شل عمل المؤسسات وأضر بمصالح المواطنين. إننا نقدر أي حراك سياسي يخرج البلد من حالة المراوحة التي يعانيها، فالحركة بركة - كما يقال -"، آملين أن "تفتح كوة أمل لإنجاز هذا الاستحقاق، وهو ما يتطلب استمرار المشاورات، وإزالة كل العقد الداخلية، بعدما بدا أن لا ضوء أحمر إقليميا أو دوليا أمام إنجازه، والتوصل إلى تفاهم حقيقي يضمن مصالح الجميع وحقوقهم، بما يفتح الأبواب أمام الاتفاق على قانون انتخابي يؤمن التمثيل الحقيقي لكل اللبنانيين، ويرضي طموحاتهم، ويحرك عجلة الدولة التي ينتظرون منها الكثير لسد حاجاتهم وتلبية متطلباتهم، ومعالجة مشكلات الفساد الذي يعشعش في قطاعات الدولة كافة، وإيقاف هذا النزيف الاقتصادي والتلوث البيئي والغذائي".

واردف "وبانتظار ذلك، ستبح أصوات مزارعي التفاح الذين لن يجدوا متنفسا لتصريف منتجاتهم، وأصوات سائقي السيارات العمومية، الذين يأنون من المتطلبات الإضافية للميكانيك، وستبقى النفايات على الطرقات، ويبقى التلوث في المياه، ولن تقر سلسلة الرتب والرواتب وغير ذلك من القضايا".

اضاف "وننتقل إلى سوريا، حيث بات واضحا أن الكلمة فيها للميدان، في ظل استمرار التجاذب الدولي والإقليمي على هذا البلد، والانهيار شبه الكامل لتسويات كانت تجري بين المواقع المؤثرة فيه، إذ يصر الكثيرون على استثمار دماء أبنائه لحساباتهم الداخلية والخارجية على حساب مصلحة إنسانه واستقراره وقوته.

ونحن في الوقت الذي لا نبرئ البعض من الاستثمار بالشأن الإنساني، فلا نريد أن يتحول الناس، سواء في سوريا أو في اليمن أو العراق، إلى وقود لهذا الصراع، ومكتوين بناره، وندعو إلى إبقاء البعد الأخلاقي والإنساني حاضرا في ساحة المواجهة.

تابع فضل الله "في هذا الجو، تطل سنة هجرية جديدة، وهي السنة 1438، هذه السنة التي تربطنا بقيمة الهجرة التي شهدتها الدعوة الإسلامية، حين قرر المسلمون بقيادة رسول الله أن لا يرضخوا للواقع الذي فرضته عليهم قريش، حين مارست طغيانها عليهم، وعملت على كم أفواههم، ومنعتهم من إيصال رسالتهم وفكرهم إلى كل الناس، فهاجروا تاركين الأرض والمال والأهل والأولاد، إلى أرض يملكون فيها قرارهم وحريتهم، فكان لهم ما أرادوا، وبدأوا من المدينة فجرا جديدا ساد فيه الإسلام في أنحاء العالم.

إن استحضارنا لهذه القيمة يدعونا إلى التساؤل إذا كانت هذه النماذج القدوة من المسلمين لم تستكن للواقع الذي فرض عليها وهاجرت، فأين هي هجرتنا نحن اليوم؟ ليس من الضروري أن تكون الهجرة من المكان، بل أن نهجر أزماتنا المتمثلة بالتمزق والتخلف والجمود، وننتقل إلى مساحات تملأها الوحدة والتطور، لبلوغ ركب الحضارة".

وامل فضل الله، ونحن نودع سنة ونستقبل سنة جديدة، "أن يكون مستقبلنا خيرا من ماضينا، بحيث تزول كل هذه الغيوم السوداء التي تلف واقعنا، بوعينا ووحدتنا ورص صفوفنا".

وأخيرا، نستعيد في هذا اليوم ذكرى أول جمعة أقيمت في هذا المسجد في العام 1996، والتي شكلت لنا خيرا وبركة، لما لصلاة الجمعة من فضل، فيكفي أنها استجابة لدعوة حث الله عليها، وجعل فيها الأجر الكثير حين قال: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"، فقد ورد أنها حج المساكين، وأن الشخص الذي يصليها يقترب من ساحة المغفرة الإلهية، حتى يقال له استأنف العمل، هذا إلى جانب كونها مظهر عزة وقوة للمسلمين.

إن مسؤوليتنا تجاه هذه الصلاة أن نواظب عليها، فالحضور إليها واجب، ولأجلها ينبغي أن نذر كل شيء، ويجب أن ندعو إليها أولادنا، وأن نحرص عليها، ونحث عليها مجتمعنا، لا لتكون مصدر ترويج لأحد، بل لتكون قوة لإيماننا ومظهر عزة لنا. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للحفاظ عليها، وأن لا يحرمنا من بركاتها. 

  • شارك الخبر