hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

بو جوده ترأس قداسا في بنشعي في عيد مار روحانا

الخميس ١٥ أيلول ٢٠١٦ - 12:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده قداسا في كنيسة مار روحانا في بلدة بنشعي في قضاء زغرتا لمناسبة عيد مار روحانا، بمشاركة المعاون البطريركي المطران جوزاف نفاع، والمونسنيور يوسف نضيره، وخادم الرعية الأب مرسال يوسف، والكاهنين انطوان بو نعمه، وعزت الطحش.

حضر القداس الوزير السابق ابراهيم الضاهر، رؤساء بلديات: بنشعي جوزاف رعيش، سبعل الدكتور حبيب طربيه، ومجدليا جومانه بنعيني، رئيس التفتيش المركزي جورج عواد، العميد الدكتور ريمون فرحات، الشيخ نجيب خطار، الشيخ روي عيسى الخوري، رئيس مؤسسة البطريرك اسطفان الدويهي الشيخ بطرس الدويهي، الشيخ وديع رفول، الى عدد من مختاري المنطقة وحشد من المؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، ألقى المطران بو جوده عظة قال فيها: "نحتفل اليوم بعيد القديس كيرياكوس المعروف عندنا بإسم القديس روحانا وهي الكلمة التي تعني الروحاني، أي الذي جعل من حياته كلها عبادة للرب وتكريما له، نظرا لما تميز به من حب لله وإرادة للإتحاد به ولحياته التأملية وشغفه بالأعمال الروحية. عاش القديس روحانا في القرن الخامس وتربى على يد والدين فاضلين زرعا في قلبه حب الله وربياه التربية الصالحة التي ساهم فيها معهم خاله الذي كان أسقفا لمدينة قورنتوس التي ولد فيها. كان يطالع باستمرار الكتب المقدسة والكتب الروحية ويميل إلى حياة التأمل والصلاة في الوحدة".

أضاف: "زار الأماكن المقدسة وترهب في دير القديس جيراسيموس الذي كان يصطحبه ليعيش معه في البرية أيام الصوم الكبير ويمارس أعمال الإماتة والتقشف وخدمة الآخرين وبصورة خاصة المرضى والزائرين والمسافرين. وعندما إنتشرت إحدى البدع التي هددت وحدة الإيمان المسيحي وعرضته للخطر قاومها بشدة وعمل على إرشاد الرهبان وتبيين الأضاليل التي كانت تنشرها هذه البدعة وتشجيعهم على التمسك بالإيمان الصحيح. عاش القديس روحانا في عصر كان قد إنتهى فيه عصر الإضطهادات التي قام بها الأباطرة الرومان والحكام ضد أبناء الكنيسة فقتلوهم وقطعوا أوصالهم إلى درجة عرفت فيها القرون الثلاثة الأولى من تاريخ الكنيسة بعض الرسل والشهداء، إلى أن جاء الإمبراطور قسطنطين واهتدى إلى الإيمان المسيحي بفضل أمه الملكة هيلانه، وقد أصدر ما سمي بقرار ميلانو الذي حرر الكنيسة من الإضطهاد وسمح ببناء الكنائس فأصبحت الإمبراطورية الرومانية تدريجيا، ومن بعده مع الإمبراطور تيودوزيوس إمبراطورية مسيحية".

وتابع: "لكن الناحية السلبية لهذا القرار بدأت تبرز تدريجيا بأشكال مختلفة إذ إنتشرت البدع والخلافات اللاهوتية حول شخص المسيح وحول كونه إبن الله حقيقة وكونه في الوقت عينه إلها وإنسانا وغيرها من التساؤلات ومن ناحية ثانية فقد عاد الكثيرون ممن اتبعوا الدين المسيحي عملا بمبدأ دين الناس على دين ملوكهم إلى عاداتهم وتقاليدهم الوثنية، فانتشرت اللامبالاة والفتور الروحي عند الكثيرين مما استدعى القيام بردة فعل مهمة لمعالجة هذه الأمور. الكثيرون ممن لم يقبلوا بالعودة إلى هذه الممارسات قاموا بردة فعل إيجابية معتبرين أنه، ولو انتهى عصر الإضطهاد الدموي فإن المحافظة على المبادئ والقيم الأخلاقية والإيمانية تتطلب فعل إماتة وتقشف عملا بقول السيد المسيح الذي يقول: من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني. وتلك هي الروحانية التي دعانا بموجبها المسيح أن نقتدي به".

واردف بو جوده: "وهكذا ولدت ونشأت الحياة الرهبانية النسكية والتوحدية مع القديس أنطونيوس الكبير في صحراء مصر وانتشرت تدريجيا في فلسطين وسوريا ولبنان وإنطاكية وقورش وغيرها من مناطق الإمبراطورية الرومانية في الشرق. إلى هذه المدرسة إنتسب القديس روحانا دون شك بعد أن زار الأماكن المقدسة وتعرف إلى القديس جيراسيموس، فذهب إلى المناسك يتأمل ويصوم ويصلي وظل مواظبا على ذلك طوال تسع وثلاثين سنة. وبعد وفاة جيراسيموس سنة475، أراد روحانا التوغل في البرية مع تلميذه يوحنا وأخذ يتنقل من قفر إلى قفر مبالغا في حياته النسكية، فمنحه الله نعمة صنع العجائب والمعجزات، فذاع صيته وإنتشرت قداسته فتقاطرت الناس إليه طالبة الشفاء من أمراضها ومستشفعة إياه".

وتابع يقول: "كثيرون اليوم، أيها الأحباء، وخاصة من العقلانيين والفلاسفة والمفكرين الماديين أو الملحدين، يضعون موضع الشك أهمية الحياة الرهبانية والنسكية، ويتساءلون عما هي أهمية ما يقوم به النساك والمتوحدين في خدمة المجتمع ويدعونهم إلى الإنخراط في حياة العالم ليساهموا في بنائه وتطوره، في هذا المجتمع الإستهلاكي الذي يسعى إلى تأمين كل ضروريات الحياة للإنسان المعاصر بصورة وافية ليستطيع أن يؤمن لنفسه ولعائلته الحياة اللائقة والكريمة، وهم يعتبرون على غرار أحد المفكرين المعاصرين أوغست كونت، أن في المجتمع فئتين من الناس: المنتجين وغير المنتجين، ويضعون النساك والمتوحدين في خانة غير المنتجين، وبالطبع من بينهم قديسنا الذي نحتفل بعيده اليوم، وغيره من النساك والرهبان والمتوحدين، كالقديس مارون والقديس سمعان العمودي وغيرهم الكثيرون، وفي أيامنا هذه القديس شربل مخلوف... بكل بساطة نقول لهؤلاء: من كان يعرف عنايا لولا شربل ومن كان يعرف كفيفان لولا نعمة الله وإسطفان نعمه وغيرهم... وكلنا يعرف كيف أن تكريم شربل اليوم أصبح تكريما عالميا في الكثير من البلدان اليوم".

وختم: "ان المساهمة في حياة المجتمع، أيها الأحباء، تتم على مستويين: المستوى المادي الذي يعود الفضل فيه للأبحاث الدراسة والإختراعات والإكتشافات التي يصح فيها ما قاله الله لأبوينا الأولين آدم وحواء عندما خلقهما وقال لهما: إنميا وأكثرا وإملأا الأرض وسيطرا عليها، وعلى المستوى الروحي الذي يدعو الإنسان إلى البقاء على علاقة روحية بالرب بالصلاة والتأمل وخدمة الآخرين والإهتمام بهم ومساعدتهم على المحافظة على العلاقة الصالحة والطيبة مع الله. إلى هذه المدرسة الأخيرة إنتمى روحانا الذي تميز بحبه لله وعبادته وتمجيده وقد عرف خاصة بصوته الجميل إذ إنه لقب بروحانا المرنم، ينشد باستمرار الأناشيد الروحية والمزامير إلى درجة صح فيها قول المثل: من رنم فقد صلى مرتين".
 

  • شارك الخبر