hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - احمد زين

الميثاقية ليست فالتة

الخميس ١٥ أيلول ٢٠١٦ - 06:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

ازدهر في المراحل الأخيرة لجوء معظم السياسيين لاستعمال مصطلح الميثاقية في جميع القضايا المطروحة إما للدفاع عن موقف، وإما لرفض مواقف آخرين على اختلافها مقتبسين في ذلك دور «الجوكر» في ورق اللعب، الذي يمكنه أن يحل مكان جميع الأوراق. فهل باستطاعتنا القول إن الميثاقية، ميثاقيتنا تحديداً، يمكن أن تكون مفاعيلها منفلشة إلى هذا الحد الذي لا يحيِّد الدستور في معظم الحالات؟
إن الميثاقية ليست نظاماً بحد ذاتها كما النظام البرلماني الديموقراطي أو الرئاسي أو الملكي، بل هي أحكام خاصة في هذا النظام أو ذاك. لذلك فهي تتصف بالاستثناء لأحكام النظام. فالدستور اللبناني مثلاً نص على أن النظام برلماني ديموقراطي، وهذا النظام يولي الحكومة وتشكيلها للأكثرية النيابية. إلا أن (المادة 95 ـ دستور) مثلاً نصت على أن تتمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة. فهذا الشرط الملزم غير مبرر من النظام المعتمد وبالتالي فهو استثناء له ما يبرره وهو بذلك يدخل في إطار مفهوم الميثاقية.
من هنا يتبين أن الميثاقية تحتاج إلى نص يرسم تفاصيلها وحدودها، ولا تتسع للاجتهاد والتوسع في التفسير كما في كل استثناء لا يكون تفسيره إلا بالمفهوم الضيق.
انطلاقاً من المعطيات السابقة يمكن رصد حالات عدة في الدستور اللبناني تظهر مفهوم ميثاقيتنا وحدودها، أهمها (المادة 24 ـ دستور) بنصها على التساوي بين عدد المسيحيين والمسلمين في المجلس النيابي، وتوزيع المقاعد النيابية نسبياً بين كل من الفئتين ونسبياً بين المناطق والمادة 22 التي قضت باستحداث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع الطوائف بصورة عادلة، والمادة 95 التي قضت، وإن مرحلياً، بتوزيع وظائف الفئة الأولى أو ما يعادلها مناصفة بين المسيحيين والمسلمين على أن تلغى قاعدة التمثيل الطائفي في بقية الطوائف وغير ذلك من الأحكام. والسؤال الذي تثيره هذه المعطيات هو: هل كانت مثل تلك النماذج من «الخروقات» للنظام الذي نص على اعتماده الدستور قائمة في نصوصه لو اكتفى المشترع بالنص على اعتماد النظام البرلماني الديموقراطي؟ فلماذا كان هذا الاختراق؟ وما هو الاسم الذي يمكن أن يعطى له؟
انطلاقاً مما سبق يمكن القول إن الميثاقية «ليست فالتة» تركها المشترع لمشيئة رجال السياسة والمصالح الحزبية. لقد وضع حدودها، وما هو خارج تلك الحدود، لا علاقة للميثاقية به.
فلتترك «الجواكر» لسهرات الليل فقد يكون لها فائدة. أما إقحامها في النظام فلن تفيد النظام ولا صاحب «الجوكر».

  • شارك الخبر