hit counter script

أخبار محليّة

مدارس خاصة تتاجر بالعلم... ولا رقابة رسمية فاعلة

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٦ - 06:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تضرب ناديا أخماسها بأسداسها، في ظل انعدام الخيارات أمامها. تحتار كيف تؤمن المليون وأربعمئة ألف ليرة كدفعة أولى مقدارها 20 في المئة من قيمة القسط المستحق على ابنيها لإحدى المدارس الخاصة، على أن يتم تقسيط الـ 80 في المئة المتبقية على مدى أشهر الدراسة.
المبلغ الأول، وعلى قلته النسبية قياسا مع مدارس خاصة أخرى، يقلق عائلة ناديا لأنه يأتي إلى جانب نفقات إضافية تتعلق برسم تسجيل مقداره 200 دولار عن كل ولد، وقرطاسية بقيمة 200 دولار لكل ولد، إضافة إلى ثمن الكتب التي تصل في بعض الأحيان إلى 250 ألف ليرة لبنانية لكل ولد، ثم يأتي دور الزي المدرسي والأنشطة المدرسية، حتى أن تطوير مباني بعض المدارس الخاصة، جعل بعض الادارات تزيد أقساطها وتبرر للأهالي من دون أن يكون لهم رأي في الأمر سلبا أو ايجابا.
تبدو هذه الأرقام عادية، لكنها صعبة على الأهل، فكيف بالمدارس التي حولت التعليم إلى تجارة. مدارس تتحصن بصفة «العالمية» و «الدولية» لتنهب جيوب الأهل، إذ تصل قيمة القسط السنوي في بعضها إلى 12 ألف دولار سنويا وفي الآخر إلى 14500 دولار، يضاف إليها ثمن الكتب (400 دولار)، وتبرّع مالي يقتطع مرة واحدة لقبول الطالب ويعادل 3000 آلاف دولار. أما الطامة الكبرى فهي في المدارس التابعة لمؤسسات دينية وترفع شعار «العلم للفقراء» بينما تتراوح قيمة أقساطها السنوية من 6 إلى 7 آلاف دولار.
بحسب التقسيم فإن 65 في المئة من قيمة القسط تذهب الى الرواتب والأجور والضمان وصندوق التعويضات، ومصاريف أخرى، أما الـ 35 في المئة الباقية فهي للتطوير والمصاريف المدرسية ومن ضمنها الأرباح، لكن التجاوزات تحدث إذ تعمد بعض المدارس إلى تنفيذ حملات تبرع منظمة بهدف جمع أموال للتطوير، في حين أن بعضها الآخر يتقاضى مبالغ معينة لقاء أي نشاط، وبالتالي لا يتم اقتطاعها من نسبة الـ 35 في المئة لتبقى هذه الأخيرة عبارة عن أرباح صافية من دون أية رقابة من قبل وزارة التربية، خصوصا أن أفراد الهيئة التعليمية في معظم المدارس الخاصة لا يحصلون على أي زيادة على رواتبهم منذ شباط 2012. وقتذاك حصل الأساتذة على «غلاء معيشة» من دون أن يحسب كزيادة، بحسب نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض.
ولعل من أهم أسباب ارتفاع أقساط المدارس الخاصة، تراجع مستوى التعليم الرسمي «الأساسي». يقول محفوض: «طالما أنه لا مدرسة رسمية تنتج تعليما حقيقيا، لا يمكن تخفيض الأقساط، لأن الأمر تحوّل إلى عرض وطلب. أما القضية الأخرى فتتعلق بامتلاك معظم الوزراء والنواب والسياسيين مدارس وجامعات خاصة، وقد بلغ الأمر بالأهل حد اللجوء إلى الواسطة لإدخال أولادهم إلى بعض المدارس الخاصة».
ويخلص محفوض إلى دعوة لجان الأهل في المدارس، للتحرك لتدارك الأمر. وهذا أيضا ما يؤكد عليه رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية عماد الأشقر، مشيرا إلى أن «عملية المراقبة تتم من خلال وزارة التربية ولجنة الأهل في كل مدرسة». ويلفت الانتباه إلى أن «بعض الأهل يتقاعسون عن المشاركة في اللجان على خلفية اتهامها بأنها صنيعة الإدارة، كذلك يحجم بعضهم عن المشاركة والمطالبة بسبب الخوف على مستقبل أولادهم».
يؤكد الأشقر أن عملية تحديد الأقساط «محكومة بالقانون 515 الصادر في عام 1996 الذي حدد آلية وضع الأقساط ومراقبتها، والتي تتم وفق معيارين: رواتب وأجور وضمان وصندوق تعويضات، ومصاريف أخرى بنسبة 65 في المئة، والـ 35 في المئة المتبقية هي للتطوير والمصاريف المدرسية ومن ضمنها الأرباح. ولم يكن القانون 515 يسمح للخاص بالزيادة إلا إذا سمح مجلس النواب بزيادة الأجور، لكن بين 2011 إلى 2014 تعطل القانون لأنه كان محكوما بوقت معين، وفي هذه الفترة كان هناك ميثاق شرف بين المدارس ومصلحة التعليم الخاص، إلى أن أعاد وزير التربية القانون في 2014 إلى العمل من خلال مجلس النواب».
توضح سهام انطون عن لجنة الأهل في إحدى المدارس الخاصة، أن موازنة المدرسة لا يمكن أن تمر إلا بعد موافقة اللجنة. لكن الذي يحدث هو أنه حال رفض اللجنة توقيع الموازنة، فإن المدرسة لا تلتزم، ما يضطر اللجنة إلى اللجوء إلى القضاء (في هذه الحالة الأمور المستعجلة)، أو إلى مجلس تحكيمي يضم ممثلين عن وزارة التربية، والمدارس الخاصة، وقاضيين آخرين، وفي الغالب يبقى مركز المدارس الخاصة شاغرا ما يعيق فعالية المجلس.
على الرغم من أن القانون حدد زيادة الدرجات بحدود 3 في المئة سنويا، إلا أن المستغرب هو تطبيق المدارس الخاصة للقانون لجهة تقاضيها الزيادة، في حين أنها لم تطبق الشق الخاص بالدرجات منذ العام 1996 حتى اليوم، كما أن الزيادة التي لحظت في آخر 8 سنوات كانت عبارة عن مبلغ 500 ألف ليرة مقسم على فترتين (200 و300 ألف ليرة)، أما زيادة الأقساط في الفترة نفسها فبلغت 200 في المئة، ما جعل من المدارس الخاصة أماكن للمتاجرة بالتعليم، يساندها في هذا الأمر تقاعس الجهات الرسمية المعنية عن القيام بدورها لجهة تعزيز التعليم الرسمي الأساسي.

ادهم جابر - السفير - 

  • شارك الخبر