hit counter script

مقالات مختارة - غسان ريفي

مرفأ طرابلس: حكاية تحدِ تكاد تبلغ خواتيمها السعيدة

الإثنين ١٥ أيلول ٢٠١٦ - 07:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

تتجه الأنظار اليوم إلى مرفأ طرابلس.
هناك من يرى فيه بارقة أمل للنهوض بعاصمة الشمال بعد مشاريع التطوير والتوسيع، وكان آخرها رصيف الحاويات، وهناك من يتطلع لأن يكون منصة لإعمار سوريا بعد توقف الحرب فيها، وإتمام مشروعَي المنطقة الاقتصادية الخاصة والسكة الحديد ضمن حرمه، وهو ما يلفت انتباه البنك الدولي، وهناك من يرى فيه قوة اقتصادية مستقبلية قادرة على خلق 1500 فرصة عمل لأبناء طرابلس.
يمكن القول إن مرفأ طرابلس كان عبارة عن حكاية طويلة من التحديات والصعوبات بدأت في الخمسينيات من القرن الماضي عندما طلب آنذاك رئيس بلدية طرابلس راشد سلطان ورئيس بلدية الميناء سعدي غازي من رئيس الجمهورية كميل شمعون السعي الى تطوير المرفأ من خلال عرض مقدم من شركة إيطالية بهذا الخصوص، لكن شمعون رفض ذلك.
لم تتوقف هذه المساعي، لكنها جُمّدت بفعل الأحداث والحروب التي عصفت بلبنان، لتعود وتنطلق مع تشكيل حكومات الإنماء والإعمار حيث عيّن ابن طرابلس عمر مسقاوي وزيرا للنقل، فتسلم مرفأً يفتقر الى أبسط المقومات ولا يستقبل سوى النزر اليسير من السفن الصغيرة في الشهر الواحد، فبدأ العمل من الصفر وبوشر بإعداد الدراسات من أجل التطوير والتحديث، لا سيما دراسة إنشاء كاسر أمواج يحمي المرفأ خلال العواصف.
وفي عهد الرئيس نجيب ميقاتي (وزيرا للأشغال العامة والنقل) بدأت الخطوات العملية للتطوير، فاستكملت هذه الدراسات وأبصرت النور من خلال توقيع اتفاقية مع الشركة الصينية من أجل تعميق المرفأ من 7 أمتار الى 12 مترا، كما تم توقيع عقد مع شركة «إيدرومار» لإنشاء كاسر الأمواج.
نفذت «إيدرومار» كاسر الأمواج وسلمته الى إدارة المرفأ، وتوقفت الشركة الصينية عن العمل بعد إشكالات حصلت مع المهندس الاستشاري بسبب غلاء الأسعار، ومحاولة الأخير استبدالها بشركة أخرى. واستمرت المراوحة وشهد لبنان عدوان تموز في العام 2006، ومن بعدها عاش الشمال تحت تأثير أحداث طرابلس ومخيم نهر البارد في العام 2007، ومن ثم تداعيات أحداث 7 أيار، قبل أن يُنتخب رئيس للجمهورية وتتشكل الحكومة وتعهد وزارة النقل والأشغال العامة الى الوزير غازي العريضي.
وقد سارع العريضي الى الحسم، وتدخل النائب وليد جنبلاط مع السفير الصيني في لبنان، وتم الاتفاق مع الشركة الصينية على متابعة عملها ضمن المرحلة الأولى، مع إدخال تعديل على مشروع التعميق ليصبح 15.2 بدلا من 12 مترا.
تضمنت المرحلة الأولى، إعادة تأهيل المرفأ القديم لجهة البنى التحتية المختلفة، إدخال المكننة على أعمال إدارة المرفأ، ربط المرفأ بسائر مرافئ العالم عبر الانترنت، إنشاء رصيف الحاويات بطول 600 متر وبعمق 15.5 مترا وردم المنطقة الخلفية للمرفأ بمساحة 790 ألف متر مربع، لإقامة منطقة الخدمات اللوجستية للحاويات.
أما المرحلة الثانية فقد انطلقت منذ مطلع العام الحالي وتتضمن إنجاز البنى التحتية التي انتهت مرحلتها الأولى بكلفة 11 مليون دولار وإنشاء المساحات للتخزين. وسيتم اليوم صباحا توقيع عقد بقيمة 7 ملايين و800 ألف دولار في إطار المرحلة الثانية ويشمل توسيع منطقة الحاويات من 24 ألف متر الى 70 ألف متر، على أن تستكمل هذه المرحلة باستقدام «أوناش» ضخمة لتشغيل منطقة الحاويات بكلفة 52 مليون دولار.
أما المرحلة الثالثة التي تتطلع إدارة المرفأ الى إنجازها مستقبلا، فهي ردم 160 ألف متر مجددا، ليصبح رصيف الحاويات بطول 1200 متر بدلا من 600 متر، وردم 150 ألف متر من المنطقة الخلفية لتصبح بمساحة 940 ألف متر.
وتأتي المنطقة الاقتصادية الخاصة بمساحة 550 ألف متر مربع، والتي بدأ الردم فيها وبلغ نحو 225 ألف متر أي 50 في المئة منها، لتزيد من مساحة المرفأ، إضافة الى السكة الحديد التي تتم دراسة تشغيلها ومصادر التمويل، لتربط مرفأ طرابلس بسوريا وتركيا وعبرهما بأوروبا.
وقد نجحت إدارة المرفأ برئاسة الدكتور أحمد تامر، بعد افتتاحها خطا سياحيا من طرابلس الى تركيا، وإقامة صالة للمسافرين وسوق حرة، في ربط طرابلس بالسعودية وتركيا لنقل الشاحنات، وفي ربط طرابلس بمرفأَي بورسعيد وبيروت لنقل الحاويات.
اليوم، يكمل وزير النقل والأشغال العامة غازي زعيتر العمل، ومن المتوقع بعد انتهاء المرحلة الثالثة والأخيرة، ودخول المنطقة الاقتصادية الخاصة حيز العمل، وتشغيل السكة الحديد، أن يشبه المرفأ المرافئ العالمية.
وقد أظهر المرفأ نمواً سنوياً مطرداً، حيث تشير الإحصاءات الى زيادة عدد السفن 50 في المئة من العام 2014 الى عام 2015، كما زادت الايرادات بالدولار الأميركي بنسبة 25 في المئة، أما في العام 2016، وفي مقارنة مع الأشهر الستة الأولى من العام 2015، فإن الإيرادات بالدولار زادت 17 في المئة.
لكن برغم كل ذلك ما يزال المرفأ يعاني من كثير من الإهمال الرسمي، لا سيما لجهة وجود كشاف جمركي واحد يبلغ السن القانونية بعد أشهر، في وقت في مرفأ بيروت 24 كشافا، ولم تنفع كل الضغوط والاتصالات السياسية من أجل زيادة عدد الكشافين، الأمر الذي يرهق كاهل الإدارة.
وفي الوقت الذي توقع فيه إدارة المرفأ اليوم عقد استكمال المرحلة الثانية، تكرّم عند الخامسة من بعد الظهر توفيق سلطان، أحد أبرز المتابعين لعملية تطوير المرفأ، وأحد أهم المواكبين لكل شاردة وواردة تتعلق به.

  • شارك الخبر