hit counter script

أخبار محليّة

الراعي من رياق: مطلوب منا بناء وحدتنا الوطنية بمكونيها المسلم والمسيحي

الأحد ١٥ أيلول ٢٠١٦ - 16:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ترأس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي قداسا في باحة مدرسة مار روكز للرهبانية الأنطونية في رياق، عاونه فيه الاساقفة جوزف معوض، حنا علوان، الأباتي العام داوود رعيدي، رئيس أساقفة كنشاسا- الكونغو الكاردينال لوران موزينغا، وحضره وزراء ونواب حاليون وسابقون، أعضاء ورؤساء المجالس البلدية والإختيارية في المنطقة، شخصيات سياسية، عسكرية، امنية وقضائية، ممثلون عن الاحزاب والتيارات السياسية، لفيف من الكهنة والرهبان والراهبات وحشد من المؤمنين. وخدمت القداس جوقة كنيسة مار الياس - انطلياس.

وقبيل القداس ألقى الأب الأنطوني فادي الحاج موسى كلمة بإسم أبناء المنطقة، قال فيها: "هذا الجمهور من المسلمين والمسيحيين أتى من كل المناطق البقاعية ليهتف هلم هلم أيها الراعي الصالح. نحن اليوم نرتدي حلة زاهية لاستقبال أبينا البطريرك الراعي بتربيع الأجراس المتناغمة مع أصوات المآذن. هذه البلدة لم تشوهها الحرب، وهذا اللقاء يحمل أبعادا دينية ووطنية لما تمثلونه غبطتكم من قيم روحية ووطنية، ونحن نكبر بتاريخكم الحافل بالعطاءات ونفتخر بما تمثلون أنتم المتجذرون في مارونية انطاكيا".

وتابع: "أنتم صوت الحق والحقيقة الذي دخل الى كل المنازل، والوجه الذي ابتسم في بيوت المسيحيين في لبنان والعالم. ان آخر زيارة بطريرك ماروني لبلدتنا تعود الى العام 1838 للبطريرك انطوان عريضة، لذلك شعبنا متعطش لزيارتكم وحضوركم بيننا، وهذا الحشد سيتذكر زيارتكم أنتم الفضيلة في العلم والقداسة، وأنتم ستبقون ضمير لبنان النابض والحي، تاريخا في ذاكرة، وذاكرة في التاريخ".

وبدوره، ألقى الراعي عظة جاء فيها: "من يصبر حتى النهاية يخلص، الرب يسوع يدعونا إلى الثبات في قلب المحن أيا كانت. ان الثبات هو الرجاء بالمسيح الذي بموته وقيامته انتصر على الشيطان وعلى الخطيئة والشر، انه يدعونا الى الثبات في القيم الروحية والأخلاقية والوطنية، وهذا ما نلتمسه اليوم في هذه الذبيحة الإلهية التي نرفعها على نية الوطن وأبنائه وأبناء رياق والمنطقة، بشفاعة مار روكز شفيع الدير".

وشكر راعي أبرشية زحلة المطران جوزف معوض على "تنظيم هذه الزيارة ومساعديه وكل من ضحى لإعدادها، وهي قد ظهرت من خلال حفاوة الإستقبال في كل البلدات التي زارها من أمس حتى الآن".

وتابع: "لقد قرأت محبتكم وسخاءكم في كل المحطات، وأصلي ليكافئكم الله على كل هذا". وحيا الأباتي العام للرهبانية الأنطونية الاباتي داوود رعيدي ومجلس المدبرين "الذين حضروا خصيصا لهذه الزيارة". وشكر "المشايخ اصحاب الفضيلة"، مقدرا حضورهم القداس.

وأكد "اننا كمسلمين ومسيحيين مطلوب منا الكثير، والأهم بناء وحدتنا الوطنية ومكونيها المسلم والمسيحي، لنقول للعالم الذي لا يؤمن بهذا العيش المشترك، إننا نشهد انه ليس عندنا سوى العيش معا أديانا وثقافة وحضارات". 

وأردف: "مؤسف ما يجري في الشرق، فهو هدم لما بنيناه سوية كمسلمين ومسيحيين، ومن خلالكم أصحاب الفضيلة، أحيي الطائفة الشيعية وكل الطوائف الإسلامية. إن الرب يدعونا مجددا في قلب المحن والحروب التي نعيشها ليؤكد لنا ان من يصبر يخلص، والصبر فضيلة الرجاء، ونحن جماعة الرجاء. إن يسوع بموته وقيامته حقق انتصاره على الشر، فهو قوتنا، وكملك السلام يعطي السلام للعالم، كل شيء قد ينتهي أما الثبات فهو للقيم فقط، وارفع صلاتي معكم وأقول للرب: انت خلصت العالم وانتصرت على الشر ودعوتنا لننتصر بك. أنت يا رب سر التقوى، نلتمس بك أن تزيدنا إيمانا لكي نصمد فيك وان تجعل زيارتنا هذه تجديدا للهمم والروابط، وأهلنا أن نتذكر ما قلته لنا "سيكون لكم في العالم ضيف، لكن ثقوا انا غلبت العالم".

ومن جهته، قال موزينغا: "لطالما أحببت زيارة لبنان واليوم تحقق هذا الحلم. تربطنا علاقات مميزة مع أبناء هذا البلد في وطننا الأم، وحاليا نحن نعمل على تقديم أرض للجماعة المسيحية اللبنانية في الكونغو، لتتمكن من الاحتفال بالافخارستيا وفق الطقس الماروني أو غير طقوس".

وأضاف: "نشكركم ولطالما التقينا معك في بازيليك القديس بطرس فس روما، لأنكم اتحتم لنا فرصة زيارة هذا البلد. ولقد تأثرت كثيرا بحفاوة الاستقبال وبدأت أعرف لبنان من خلال ما لمسته، لذلك سأعود ثانية مع الاباء. ولطالما تمنيتم يا صاحب الغبطة أن يحافظ لبنان على قيمة عيشه المشترك، ونتمنى أن يعيش بسلام وينمو بالحقيقة".

وقدم ختاما هدية للراعي مصنوعة يدويا وهي عبارة عن مجسم للعذراء.

وبعد القداس أولم رعيدي على شرف الراعي في حضور فاعليات.

ورحب رعيدي بالراعي قائلا: "بكثير من الفرح نستقبلكم يا سيدنا في ديرنا ورعيتنا ومدرستنا الانطونية في حوش حالا، نفتح لكم قلوبنا في هذه البلدة التي تعكس فسيفساء الوطن وملحمة الصمود، فلو لم يبق ابناؤنا صامدين هنا، رغم كل المآسي التي مروا بها في الحرب، لكان الكلام على المواطنة والعيش المشترك من محفوظات المتاحف، وجودكم معنا اليوم هو علامة على ان الايمان حي فينا وان الكنيسة تتجذر من قوة الروح القدس وتزرع في كل تربة، فهي ليست مارونية ولا مشرقية مرتبطة بالمتن وكسروان وقرب الكرسي البطريركي الجغرافي، بل يكفينا انكم بشخصكم، رغم كل المشككين، قريبون من كل ماروني أينما وجد".

وعرض تاريخ الرهبنة في البلدة وإنجازاتها لافتا الى ان "الرهبنة الانطونية في رياق ليست موجودة من أجل المسيحيين فقط إنما من أجل المسلمين والمسيحيين على السواء ومن أجل لبنان والانسان والحضارة". وشدد على انه "ما علينا إلا ان نعي اننا كمسلمين ومسيحيين وجهان لعملة واحدة هي لبنان، وعلى اختلافنا نحن غنى لبعضنا".

وختم: "أهلا بكم علما يحمل هم لبنان وقد تساميتم في تصاريحكم عن الانزواء الطائفي وحملتم هم الوطن والمواطن، فصرتم رمزا وطنيا للغنى الديني والإنفتاح الاخوي. أهلا بكم ترفعون راية الاخوة والضمير مبتعدين عن ارهاب السلاح لفرض الرأي".

كما ألقى راعي ارشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض كلمة قال فيها: "تتوجون زيارتكم الى هذا الجزء يا صاحب الغبطة من أبرشية شرق البقاع للقداس في الصرح التابع للرهبانية الانطونية، اسمحوا لي ان أقدر أمامكم التعاون الكنسي بين أبرشية زحلة المارونية والرهبانية الانطونية التي تخدم في الابرشية 4 رعايا، وهذه الزيارة التي تشرفون على اختتامها، جمعت المؤمنين وقوت وحدتهم وانتماءهم الى كنيستهم، وشجعتهم على التمسك بأرضهم وعززت في هذا المجتمع المتنوع الوحدة بين الكنائس الكاثوليكية والإنفتاح المسكوني على الكنائس الاخرى ولا سيما الارثوذكسية والعيش الواحد مع الاخوة المسلمين والمؤمنين، اذ يشعرون بقربكم منهم، يلتمسون منكم ان تحملوا آمالهم وصوتهم الى حالة فضلى، وهم يتطلعون الى استتباب دولة القانون والقيام بمشاريع إنمائية واقتصادية في المنطقة".

ورد الراعي بكلمة قال فيها: "لقد اكتشفنا في هذه الزيارة كنوزا بشرية كثيرة، منها خدمة هذه الرهبانية للمسيحيين والمسلمين معا، وهذا ما يؤكد رسالتنا في الشرق وفي لبنان. وثقافتنا المسيحية هي ثقافة التعددية والعيش معا، والى جانب المساهمة الروحية علينا ان نساهم مساهمة اخلاقية وإنمائية للحفاظ على قيمنا لانها وحدها التي تبقى".

ثم توجه الراعي والوفد المرافق الى دير راهبات العائلة المقدسة المارونية في رياق، حيث أزاح الستار عن لوحة تذكارية خلدت ذكرى الزيارة، ثو رفع الصلاة داخل كنيسة الدير في المدرسة، في حضور الهيات التعليمية والادارية والطلاب واهاليهم.

وألقت رئيسة المدرسة الاخت لوسيان ابو زيد كلمة رحبت فيها بالراعي، وقالت: "اهلا بكم في ارض لطالما انتظرت مجيئكم، ارض ارتوت من دماء شهداء الجيش اللبناني الباسل، وقد حللتم بيننا بركة، ونتمنى أن ترفعوا يمينكم وتباركوا ديرنا وسنتنا الدراسية، وتباركوننا لنظل صامدين بوجه كل من يرغب طردنا وتهجيرنا وإبعادنا عن أرضنا. باركنا يا أبانا لنتسلح بالمسيح فنحارب بعزم وإيمان الانحدار الاقتصادي الذي طرق ابوابنا ودخل بيوت عيالنا، قاضيا على احلام شبابنا وجعلهم كالشحادين يقفون على ابواب السفارات ليستجدوا بطاقة عبور".

وتابعت: "نحن على مثال الراهبات الفاضلات والقديسات اللواتي تعاقبن على هذا الدير من 1963، ولم يفرقن يوما بين مسيحي ومسلم، بل نقشن حروف المحبة والعلم في قلوب المتعلمين، نحب هذه الارض البقاعية لانها تستحق كل تضحية، وامام كل المخاوف والتحديات التي نواجهها كجمعية رهبانية وكمؤسسات تربوية، وامام ازمات الوطن المحرجة والثورات والحروب، سنظل آذانا مصغية لكلام من كرسنا انفسنا له والذي دعانا ودعاكم الى التسلح بالايمان وعدم الخوف".

وبدوره وجه الراعي تحية تقدير وشكر للحاضرين، معتبرا انه "من خلال زيارة هذه المدرسة، نزور كل المدارس التي تربي اجيالنا، ونقول لكل مدارس البقاع: شكرا، فالمدرسة حيث فيها الانصهار، تساعد الناس على الوحدة والتنوع والتكامل. كلنا في حاجة الى بعضنا البعض، لذلك، علينا ان نلتزم بتربية مقاومة لكل ما يفرق ويجزأ".

وأكد ان "توحد المدارس الحرة في لبنان يعني اننا لا نزال نملك الارض أي الاجيال. فالمدرسة ليست برامج فحسب، اننما تربية للانسان بكل ابعاده". 

وختم مستشهدا بعبارة البطريرك يوسف الحايك: "طائفتي لبنان"، مشددا على "ضرورة البقاء على خط الحويك والعمل على وقف العبارة السابقة التي لا تفرق بين مسيحي ومسلم".

  • شارك الخبر