hit counter script

مقالات مختارة - طارق بو حمدان

قلق في العرقوب من تداعيات معارك الجنوب السوري

السبت ١٥ أيلول ٢٠١٦ - 07:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير
بات دوي القذائف الإسرائيلية في الجولان ومزارع شبعا المحتلة، والذي يتردّد صداه بقوة في مختلف قرى حاصبيا والعرقوب مصدر قلق لسكان هذه المنطقة. فهؤلاء تنتابهم موجة من الهواجس، لما يمكن أن تحمله الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة من تطورات ميدانية عسكرية عند الجبهة الجنوبية السورية بشكل عام، وفي المقلب الشرقي لجبل الشيخ بشكل خاص، حيث باتت صيحات الاستغاثة لسكان بلدة حضر المحاصرة، تلقى عطفاً في قرى حاصبيا يصل الى حد الحماسة والتفكير الجدي في أي توجّه يساعد حضر ويدعم صمودها في وجه هجمة الجماعات الإرهابية المدعومة من جيش العدو الإسرائيلي، ولجم أية تداعيات سلبية يمكن أن تنتج عن سقوط البلدة التي تمتدّ جذورها بقوة إلى قرى حاصبيا.
التدخل الإسرائيلي الواضح والمتزايد في الحرب السورية بشكل عام، وعند جبهة الجنوب السوري بشكل خاص، من شأنه كما يبدو خلط الأوراق وخربطة الوضع القائم خصوصاً لجهة التعايش الحميم بين القرى الدرزية والسنية في المقلب الشرقي السوري لجبل الشيخ وامتداده إلى المقلب الغربي، وفي كلا المقلبين تتداخل القرى السنية والدرزية، والتي كانت حتى الأمس القريب تجمع بينها الالفة والمحبة والتعاون.
منذ بداية الحرب السورية، وعين العدو من مواقعه المرتفعة في الجولان والمزارع المحتلة، المشرفة على الجنوب السوري كما الجنوب اللبناني، تُعدّ العدة لتتدخل من نوافذ وأبواب عدة، تارة عبر تقديم المساعدات وأخرى عبر نقل الجرحى، في ظل إثارة الفتن والقلاقل، عبر تشجيع أعمال الخطف والخطف المضاد، بين ابناء القرى السنية والدرزية في محور بيت جن ـ حضر، ليصل الوضع إلى اشتباكات مسلحة، وإقامة خطوط تماس عسكرية بين البلدتين، باتت امتداداً للجبهة المشتعلة في الجنوب السوري.
صارت شبعا ومسالكها البرية التي تربطها بالمقلب السوري عبر جبل الشيخ، محط اهتمام مختلف الجهات السياسية والحزبية، وسط تعاظم المخاوف من تسلل نار الحرب السورية المستعرة بقوة في الجانب الشرقي لهذا الجبل، إلى طرفه الغربي. فهذه الخاصرة الرخوة عند المثلث اللبناني السوري الفلسطيني، تحولت مادة خصبة للتجاذب في كل اتجاه.
كل ذلك دفع بالجيش اللبناني ومختلف الأجهزة المعنية، إلى تعزيز الخط الدفاعي في هذا المحور عبر استحداث العديد من المواقع وأبراج المراقبة والتحصينات، بحيث باتت جبهة عسكرية مترابطة متماسكة، تنطلق من الطرف الغربي لمرتفعات جبل الشيخ، أي من الخط الحدودي مع مزارع شبعا المحتلة، وصولاً إلى محور راشيا الوادي. كما يعمل الجيش على إقامة حواجز وكمائن متقدمة لرصد أية خروقات يمكن أن تحصل.
تكثر التأويلات والتحليلات وتتقاطع المعلومات، حول الوضع في قرى العرقوب، لجهة احتضانها نازحين على صلة قربى مع قوى المعارضة السورية، خصوصاً بعدما باتت تحوي سكان قرى سورية سنية عدة في مقدمتها بيت جن وحارتها، حيث سجلت كثافة للنازحين قاربت إلى حد ما عدد السكان المقيمين في هذه القرى.
الوضع في هذه المنطقة زادت من قلقه أخيراً، محاولات المعارضة السيطرة على مواقع للجيش السوري في جبل الشيخ، والقصف العنيف (يشارك فيه جيش العدو) الذي يطاول بشكل يومي بلدة حضر، والذي أدى إلى مقتل طفلة وسقوط خمسة جرحى من سكانها، كما يطاول القصف وبوتيرة أخف عرنة وحرفا الدرزيتين.
من البديهي القول إن كل الأطراف في حاصبيا والعرقوب، باتت متخوّفة، من تداعيات معارك جبل الشيخ على الوضع في قراهم، لكن الجميع مصرّ على ضرورة التصدي لها، فلا مصلحة لأحد من امتداد كهذا سوى العدو الصهيوني، الذي يرقب من مرصده في جبل الشيخ كل شاردة وواردة في الجانبين السوري واللبناني، وما يربط بينهما من طرق جبل الشيخ الوعرة. ومن هنا كانت سلسلة تحركات في العرقوب جمعت الجهات الحزبية والسياسية والدينية، فكانت الدعوة والإصرار إلى إبقاء ما في سوريا داخل سوريا، مع ضرورة دعم النازحين والجرحى القادمين الى هذه المنطقة من أية جهة كانوا.
يجمع الكل في هذه المنطقة على التوجه نفسه، إبعاد شبح الحرب والتقاتل، فلم تكن شبعا يوماً في حالة عداء مع محيطها الدرزي تحديداً. القرى في منطقة حاصبيا والعرقوب على تفاهمها الحالي منذ وجدت، وحتى في عز الحرب الأهلية وتحت الاحتلال الإسرائيلي، لم يحدث أن وقع أي صراع مذهبي في هذه القرى.
من جهتها، تجزم الأجهزة الأمنية اللبنانية وفعاليات شبعا والعرقوب، أن لا وجود لمسلحي المعارضة السورية في شبعا والعرقوب، وأن لا تهريب للسلاح عبرها، وتدعم الفعاليات وجهة نظرها بالقول إن «طرق الجبال والطبيعة الجغرافية هنا لا تشبه عرسال، فضلاً عن أن الجيش اللبناني يراقب كل شاردة وواردة، ويسجل أسماء النازحين ويحيط بالبلدة ويطوّقها بالحواجز، وفي شبعا أيضاً مناصرون لحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث، فلو كان هناك مسلحون لكانت الأمور قد تكشفت بوضوح».
يبدو من الصعوبة أن تجد أحداً في شبعا وحاصبيا يريد اقتتالاً. فما يتسرّب من معلومات وصور عن القتال في المقلب الشرقي لجبل الشيخ، وفي سوريا بشكل عام يدفع بالجميع على أن يحسبوا الف حساب قبل ان يفكروا بإطلاق طلقة رصاص واحدة في هذه المنطقة التي تعيش حالة من الاستقرار بعد التحرير في العام 2000.
لكن الخوف يبقى من طابور خامس، قد يستغل الجو القلق لينشط في افتعال مشاكل يصعب لجمها، مع استمرار التوتر وتزايد احتمالات نشوب معارك جديدة على المقلب الآخر من جبل الشيخ، في ظل التوقعات العسكرية أن يسلك المسلحون طرقات هذا الجبل، إذا ما انكفأوا أمام ضربات الجيش السوري في المقلب السوري منه لتكون شبعا ملاذهم الأول، ما سيعقّد الوضع الأمني ويرفع من احتمالات التوتر.

  • شارك الخبر