hit counter script

مقالات مختارة - عباس صالح

هل من الصدف ان لا يستهدف التكفيريون اسرائيل بعملية واحدة؟

الخميس ١٥ أيلول ٢٠١٦ - 06:23

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

لا يمكن لأي قارىيء بعمق في مجريات دروب «الدواعش» وكل الحركات المتطرفة التي تدور في فلكهم وتماثلهم، الا ان تتكرس لديه قناعة صلبة مفادها ان استهدافات هذه الحركات ومشاريعها وكل نشاطاتها الجرمية المنظمة، وحراكها الاجتماعي، والصورة التي تعكسها عن الدين الاسلامي، لا تصب في مصلحة اي جهة كانت، ولو بنسبة بسيطة بقدر ما تقدم من خدمات جلى لمصلحة اسرئيل ككيان ودولة مصطنعة ودخيلة غير مؤتلفة مع المنطق التاريخي المقبول إنسانياً وعقلانياً، قبل ان تكون دولة معادية لكل وجوه الانسانية، وتقوم على قواعد القتل والترهيب والظلم والاحتلال والتنكيل.. وغير ذلك من الوجوه التي تتماهى تماماً مع تصرفات كل الحركات «الداعشية» في كل مناطق الازمات التي تعاني من الارهاب وتبعاته، وان كانت مندرجات ذلك الارهاب تختلف وتتباين بوجوهها بين ارهاب الدولة وارهاب الجماعات.

هذه القاعدة تستولدها أسئلة ملحة ومتراكمة ترتسم دائماً لتطرح نفسها بما يوازي قوة الصرخة الصامتة التي تتجسد بعلامات استفهام كبيرة لا تجد من يجيب عنها بصراحة فجة حتى اليوم، من قبيل السؤال عن طبيعة هذا الحلف الذي يبدو أكثر من مقدس بين هذه الجماعات الارهابية وبين اسرائيل؟؟؟ الى العديد من الاسئلة النمطية الموازية.
فطبيعة الامور تفترض ان تقييم أي حركة او تنظيم او حتى جماعات سياسية كانت او عسكرية او اجتماعية مرتبط بمساراتها المعلنة وبسقوف تحركاتها وتراكماتها وخطوطها الحمراء ونقاطها الممنوعة والمتاحة..الخ.
وفي هذا السياق يتضح للقاصي والداني ان كل الحركات الارهابية بدءاً بتنطيم «القاعدة» ووصولا الى «داعش» وما حولهما وبينهما من تنظيمات وحركات رديفة، منذ سطوع نجمها في 11 ايلول 2001عرفت بأنها صاحبة أياد طويلة وتصل الى كل مكان تقريباً على حدّ قول اوساط متابعة للملف الارهابي، وبالفعل فقد ضربت وتضرب اهدافاً محددة وغير محددة في كل أصقاع الارض وعلى أراضي كل دول العالم وحتى ان لها أذرعاً في كل الدول العظمى التي تفاخر بأنظمتها الامنية ونشاطاتها الاستخباراتية الممتدة الى العالم، كالولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا والمانيا وكل دول الاتحاد الاوروبي وفي عدد كبير من الدول الافريقية وفي كل دول العالم العربي وفي دول الطوق حول الاراضي الفلسطينية المحتلة، وهي مع ذلك، قادرة على تجنيد اتباع فلسطينيون يعيشون داخل الاراضي المحتلة وفي غزة والضفة الغربية، منن يلتحقون بركبها ويقاتلون على الاراضي العراقية والسورية وقد قتل منهم عدد كبير من بداية الازمات في العراق وسوريا!
واذا كانت سياقات الاستقراء المنطقي لطبيعة الامور تقول انه لفهم طبيعة اي حراك سياسياً كان ام غير سياسي عليك ان تبحث عن المستفيد منه في المؤديات النهائية، واذا ما وصعنا «الدواعش» وحركاتهم الكثيرة على هذه المقاييس العقلانية فاننا سنكتشف وعلى حدّ قول الاوساط، ان اسرائيل وحدها ليست مستفيدة فحسب من هذه التنظيمات التي نخرت كالسوس او كما هو اخطر جسد العالم العربي والاسلامي وأساءت الى مفاهيم الدين الاسلامي إساءات بالغة جعلت كل العالم يطالب بإعادة النظر في بعض التفسيرات ومنها ثوابت دينية وازنة للتخلص من هذا الفكر الاسود واستخداماته المسيئة، وروَّعت الابرياء في كل العالم المسيحي والاسلامي في سياق رسائل واضحة للعيان، لم تكن سوى احلام تلمودية كبيرة وبعيدة المنال، بالنسبة لحكماء الحركة الصهيونية ووليدتها الدولة العبرية. وبالتالي بات واضحا للعيان ان ما حصدته إسرائيل من جراء الخراب الذي سببته هذه الحركات الهدامة على كل المستويات وفي كل الاتجاهات وعلى كل الساحات، أدى غرضاً اسرائيلياً ربما لا يتصوره العقل الجهنمي الصهيوني يوماً لانه باختصار جعل من إسرائيل واحة سلام وأمان وسط عالم ملتهب يحترق بنيران أزماته وحروبه مع الاشباح.
على هذه القاعدة ووفقاً لهذا المنطق الاستقرائي تصبح كل الاسئلة في هذا السياق مشروعة بحسب الاوساط، وفي طليعتها السؤال الاول والكبير: لماذا ضرب الارهاب وقتل أناساًً ابرياء في معظم دول العالم الغربي والمسيحي والاسلامي من دون استثناء سوى في اسرائيل؟
هل في الامر مصادفة؟ أو أن الحركة الصهيونية العالمية المعروفة بوفرة أدمغتها ومخططاتها الالتفافية وبتعدد اقطابها على مستوى العالم هي التي تستخدم التنظيمات التكفيرية سواء بشكل مباشر او غير مباشر؟
الاساطير السياسية في كتب مذكرات المسؤولين الاميركيين تحديداً، تقول بوضوح ان جهاز الاستخبارات الاميركية CIA هو الذي يقف وراء تأسيس «داعش» تؤكد الاوساط، وهو الذي اخرج الارهابي ابو مصعب الزرقاوي من السجن الاردني باعتبار ان علامات استفهام كثيرة كانت ترتسم حول شخصيته، تتعلق بسلوكياته، وشبهات حول علاقاته المتعددة، وهو الذي رعى عملية ايصاله الى الاراضي العراقية في العام 2003 حيث تولى توجيه بوصلة الحرب وجعلها حرباً أهلية عراقية - عراقية مستقطباً عشرات الالاف من اتباع الفكر التكفيري حول العالم.
واذا كان فحوى هذا الكلام وما حوله بات موثقاً بشكل رسمي بعد ان اعترفت به وزيرة الخارجية الاميركية في حينه هيلاري كلينتون وهي المرشحة الاقوى حتى الآن لرئاسة الولايات المتحدة، بقولها نحن الذين أسسنا داعش ودعمنا وندعم الحركات التكفيرية التي يبدو انها خرجت عن السكة المرسومة لها، فإن ما تؤكده مجريات الامور حتى الآن على الاقل وبالوقائع هو ان هذا الفكر الاجرامي الذي وجد للتنكيل واثارة الفرقة والفتن ولتشويه الاسلام كدين سماحة وتعايش، يخدم اولاً واخيراً إسرائيل ومصالحها وحدها وبمعزل عن مصالح الغرب الصافية، والدلائل على ذلك باتت كثيرة، ربما كان اولها طرح شعارات جذبت المقاتلين من المسلمين من ابناء السنة ولا سيما الفلسطينيين الى حيث زجت بهم في معارك بعيدة عن معركتهم الام مع العدو التاريخي للوطن وللامة وللدين وللشعوب وهو الكيان العبري نفسه.
واكدت الاوساط ان ما قدمته هذه الحركات على مستوى تمزيق الصفوف والشروخ بين المجتمعات العربية والاسلامية من جهة، وبين المسلمين والغربيين من جهة ثانية، هو حلم تلمودي قديم لم تحققه اسرائيل حتى في اساطيرها المؤسسة للكيان الغاصب، وشددت على ان المهمة المقدسة صهيونياً، والتي عجزت اسرائيل عنها في كل حروبها مع كل العرب طوال صراعها الممتد من 70 عاما وهي ضرب الجيوش العربية القوية والتي يحسب لها حساب فعلاً وتشتيتها وتفكيك قوتها عبر تقسيمها، تمكنت منه هذه المجموعات الارهابية بسهولة، حيث تمكنت من ضرب الجيش المصري والجيش التونسي والجيش الليبي والجيش الجزائري والجيش العراقي والجيش السوري وغيرها من الجيوش التي اقحمت معها في دوامة الحروب العبثية.
واللافت ان من باستطاعته استنزاف الجيش المصري بشكل يومي في سيناء وهي على بعد امتار من الكيان الاسرائيلي من دون ان يسجل في تاريخه ضربة واحدة ولو لعربة اسرائيلية في محيطها هو عمل يثير الريبة والتساؤل فعلاً ويطرح الكثير من علامات الاستفهام!!
وكذلك الامر بالنسبة للجيشين العراقي والسوري اللذين خيصت عليهما حرب منهكة فعلاً بعد ان احتفظا طويلا بصورة الجيوش العربية التي تقض مضاجع اسرائيل بتجهيزاتها وتدريباتها.
وهو الامر نفسه الذي ينطبق على الجيوش الاخرى في المنطقة العربية والتي لم تكن يوما على الخاطر الاسرائيلي .
واشارت الاوساط الى ان هذه التنظيمات تمكنت من إشغال حركات المقاومة عن اسرائيل ولا سيما مقاومة حزب الله التي وجدت نفسها معنية مباشرة بضرب هذه الآفة قبل استفحالها في جسد الامة والاوطان لعلمها بأن هذا الفكر هو صنيعة اعداء بلا شك.
في اي حال فإن المؤشرات على ان اسرائيل ككيان وكفكرة ودولة حققت اكبر احلامها الوجودية من خلال هذه الحركات التكفيرية التي لا تنتهي، وما الرعاية الرسمية التي تقدمها للمقاتلين التكفيريين في سوريا وعمليات تسليحهم المباشرة وتطبيب جرحاهم والتنسيق المعلن، والتماهي بين الفريقين في توجيه الضربات المعلنة والمخفية على الاراضي السورية الا ما ظهر من جبل من التراكمات المشغولة على مدى عقود مضت. والآتي سيكون أكثر وضوحاً... وافظع.
 

  • شارك الخبر