hit counter script

أخبار محليّة

علي فضل الله: أديروا الصراعات بما لا يتسبب بتداعي أركان البلد

الجمعة ١٥ آب ٢٠١٦ - 13:49

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي باستحضار معاني مناسبة دحو الأرض، التي نستذكرها في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة، وهي الذكرى التي انبسطت فيها اليابسة تحت الأرض التي بنيت عليها الكعبة. ونحن نريد من هذه المناسبة، أن نستحضر القيمة التي تمثلها الكعبة، لأنها بيت وضع للعبادة، وهي تمثل التعبير العملي عن وحدة المسلمين، فإليها يتوجهون في صلاتهم، أينما كانوا، وحولها يتحلقون بكل مذاهبهم خلال العمرة وعند الحج".

اضاف: "ما أحوجنا إلى استذكار هذه القيمة في عصر الفتن التي تعصف بالمسلمين! لعلهم يلتفتون إلى أن الله وحدهم عندما دعاهم إلى قبلة واحدة، وإلى التواجد معا في بيت واحد بكل تنوعاتهم المذهبية، فلماذا يتفرقون شيعا بعد ذلك؟ بهذا الوعي، نستطيع أن نستعيد وحدتنا، ونواجه التحديات".

وتابع: "البداية من لبنان، حيث يشتد الصراع بين القوى السياسية فيه، والذي وصل إلى حد تهديد ما تبقى من مؤسسات الدولة، وهي الحكومة، في ظل احتدام الصراع السياسي حول أسلوب إدارة شؤون البلد، ومعالجة الشوائب الموجودة فيه، وسعي كل طائفة لتثبيت حقوقها ورفض كل ما تعتبره غبنا أو ظلما يضر بمصالحها".

واكد "اننا في ذلك مع كل ما يساهم في رفع مستوى الأداء السياسي، وإخراجه من الركود، وإزالة الغبن عن أي طائفة، لأن الغبن هو مشروع حرب. كما أن الصراع ينبغي أن يبقى محكوما بالظروف التي يمر بها البلد، وحجم التحديات التي تواجهه، فقد تقتضي ظروف المرحلة تجميد الخلافات والعض على جراح التنازل، انطلاقا من القاعدة التي أرساها أمير المؤمنين عندما قال: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين"، بأن نسالم لحساب الوطن والنهوض به".

وقال: "من هنا، وفي ظل التجاذب الجاري على كل شيء، بدءا من رئاسة الجمهورية إلى القانون الانتخابي، وصولا إلى موضوع النفايات التي يبدو أنها ستعود إلى الطرقات، وملف التعيينات العسكرية والأمنية التي نشهد صراعا حولها الآن، وغير ذلك الكثير، فإننا نقف مع كل الأصوات التي تقول: رأفة باللبنانيين، أديروا كل هذه الصراعات بما لا يتسبب بتداعي أركان البلد، وتفاقم مشاكله، وزيادة معاناة إنسانه، فالمرحلة، كما نراها، ينبغي أن تكون مرحلة تهدئة وتعزيز لاستقرار البلد، والباب بعد ذلك واسع للجدل والصراع السياسي وتعزيز النفوذ".

واكد فضل الله "اننا مع كل الأصوات التي تدعو إلى الخروج من المراوحة السياسية، وإزالة الفساد المستشري، ورفع الغبن عمن انتقصت حقوق طوائفهم، لكن ذلك لا بد من أن يكون في إطار مصلحة الوطن، لا أن يكون على حسابه".

وقال: "لا بد لنا هنا، ونحن نستعيد ذكرى مرور السنة الأولى على الحراك الشعبي، ورغم تحفظنا على بعض أساليب القائمين به من جهة، أو على الخطاب الذي وضع جمهور الحراك ورموزه في خانة الاتهام من جهة أخرى، فإننا استبشرنا خيرا بما جرى، ورأيناه بادرة إيجابية تساهم في إزالة الترهل السياسي، ومعالجة الفساد والهدر الذي يفتك بمؤسسات الدولة. ومن هنا، فإننا نعيد الدعوة إلى استمرار هذا الحراك بأشكال أخرى أكثر فاعلية وأقل ضررا، لإبقاء رقابة المجتمع الأهلي حاضرة، ولا سيما في هذه المرحلة، حيث نفتقد الحضور الفاعل لأجهزة التفتيش والرقابة، على أن لا يكون ذلك سببا في زيادة مشاكل البلد، ولا يجعله مشرعا على رياح من يستغلون هذه التحركات ويأخذونها إلى ما يريدون، بعيدا عن الأهداف التي انطلقت من أجلها".

وتابع: "إلى فلسطين، التي عاد العدو الصهيوني إلى استهدافها هذه المرة عبر الغارات العدوانية على غزة، والتي ترافقت مع تهديدات من وزير حربه (ليبرمان)، بأن لا إعمار لقطاع غزة الذي لا يزال الكثير من أبنائه يعيشون على أنقاض منازلهم التي دمرتها الحروب الصهيونية الأخيرة، إلا بعد نزع سلاح فصائل المقاومة، في محاولة منه لفرض معادلة جديدة، قوامها السلاح مقابل الإعمار، ضاربا بعرض الحائط كل تعهداته بإدخال المواد الضرورية للإعمار إلى غزة".

واكد "اننا إزاء ما جرى، ورغبة في كسر المعادلة الجديدة التي يعمل لها العدو، نتوجه إلى فصائل المقاومة الفلسطينية، وندعوها إلى توحيد جهودها في مواجهة هذا المسعى الصهيوني، وإزالة التوترات الداخلية، ومنع جميع اللاعبين على الخلافات من أن يجدوا أرضا خصبة لهم، ولا سيما في أجواء الانتخابات الجارية".

وقال: "وهنا، لا بد من التوقف عند ذكرى إحراق المسجد الأقصى، التي حلت في العشرين من شهر آب سنة 1969، حيث أقدم الصهاينة، وعن سابق تصور وتصميم، على إحراق المسجد، رغبة في إزالته، لإقامة هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه. وفي هذه المناسبة، فإننا نحتاج إلى استعادة هذه الذكرى، لا لنذكر بتاريخ مضى فقط، بل لنشير إلى أن المشروع الصهيوني لتهويد الأقصى وهدمه لا زال مستمرا، وإن بشكل آخر، من خلال العمل على بقاء الحفريات التي تجري تحت المسجد، ما قد تجعله آيلا للسقوط في أي لحظة، أو بتطويقه بالمستوطنات، والتضييق على المقدسيين وعلى حماة المسجد والمصلين. إننا نريد لهذه الذكرى أن تكون حافزا لدى المسلمين جميعا، للتنبه إلى خطورة ما يجري، والعمل على حماية أولى القبلتين وثالث الحرمين".

وفي الذكرى الثامنة والثلاثين لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، قال العلامة فضل الله: "نستذكر هذه الشخصية التي تركت آثارا كبيرة في الواقع اللبناني والعربي والإسلامي، وساهمت في تقديم صورة الإسلام الأصيل المنفتح على قضايا العصر والحياة، فلم تقف حركة الإمام الصدر عند حدود أبناء طائفته أو مذهبه، ولكنه سعى لتوثيق روابط الوحدة الإسلامية والوطنية، والتلاقي بين الأديان، وتعزيز العلاقات بين الدول العربية، وإزالة التوترات. وقد كانت رحلته الأخيرة إلى ليبيا، التي اختطف خلالها، تتمحور حول هذا الأمر".

واضاف: "لقد أراد سماحته للبنان أن يكون أنموذجا في التلاقي الإسلامي المسيحي، والإسلامي الإسلامي، وفي تلاقي الحضارات، في ظل التنوع الموجود، الذي كان يراه غنى وثروة ينبغي عدم التفريط فيها. وقد سعى إلى قيام دولة قوية في لبنان، من خلال تعزيز روح المشاركة بين الطوائف والمذاهب، وإزالة الحرمان الذي كان يراه بابا قد ينفذ منه لإثارة الفتن والحروب الأهلية... فوقف إلى جانب المحرومين من كل الطوائف، في مواجهة الزعامات والسلطات التي تقف وراء هذا الحرمان، ونادى بوحدة المحرومين، ودعاهم إلى أن يعملوا معا على مواجهة واقعهم ورفع الغبن عنهم".

واشار الى "ان السيد موسى الصدر حمل هم القضية الفلسطينية، ورأى أن القدس لا تتحرر إلا بأيدي المؤمنين، وكان له دوره في تأسيس المقاومة وبناء مقوماتها، لضمان قوة لبنان ومواجهة التحدي الصهيوني المستمر له". وقال: "إننا بحاجة ماسة في هذه المناسبة إلى استحضار هذه الشخصية الرائدة وكل الشخصيات المماثلة، التي لم تبخل بتقديم كل التضحيات من أجل النهوض بالوطن والأمة، والتزود من معينها، والاقتداء بتوجهاتها، لمواجهة التحديات التي تعصف بأمتنا ومجتمعنا من كل جانب. ندعو الله سبحانه وتعالى أن تحمل الأيام المقبلة أخبارا تكشف عن مصير الإمام ورفيقيه، إنه مجيب الدعاء".
 

  • شارك الخبر