hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - ملاك عقيل

عون... شهيدا شهيدا

الجمعة ١٥ آب ٢٠١٦ - 06:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ليست المرة الاولى التي تصل فيها حكومة تمام سلام الى الحائط المسدود. "الكلام الكبير" الذي يقال في الصالونات لا يتسرّب بسهولة الى خارج الجدران الاربعة، لكنه يؤشّر الى ان الجميع يكاد يضع أوراقه كاملة على الطاولة في منازلة هي الاقسى على ما يبدو التي تتعرّض لها الحكومة في ظل شغور طال أكثر من سنتين وأربعة أشهر.
من اليوم حتى جلسة الثامن من أيلول كل شئ وارد بما في ذلك مقاطعة "التيار" جلسة الحوار في الخامس من ايلول التي تسبق جلسة مجلس الوزراء بثلاثة أيام.
"مشكل" الحكومة الفعلي بدأ منذ اليوم الاول للشغور الرئاسي بانفجار الخلاف تدريجاً حول الآلية الحكومية من زاوية تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية، وعدم إقرار التعيينات العسكرية وتبادل الوزراء كرة التعطيل كل من "وزارته".
كرة ثلج التعطيل بدأت في جلسة الرابع من حزيران 2015 حين تجاوز مجلس الوزراء، برأي العونيين، مسألة حفظ الأمن في بلدة عرسال وجرودها، بناء على ضغط من "الجنرال". لكن في الجلسة نفسها طرح وزير الداخلية نهاد المشنوق تعيين العميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي قبل ساعات من انتهاء ولاية اللواء ابراهيم بصبوص.
الامر لم يكن ممكنا بالنسبة للرابية، وساندها "حزب الله" آنذاك بسبب عدم ربط هذا التعيين بتعيين قائد جديد للجيش في ظل ضغط مباشر من ميشال عون بهذا الاتجاه. وفي الجلسة نفسها ايضا ركّز بعض الوزراء على التعطيل المقصود لجلسات مجلس الوزراء، ومنهم الوزير أكرم شهيب الذي لوّح بكساد الموسم الزراعي ووقف التسويق الى أسواق الخليج والعالم العربي إذا لم يُقرّ بندُ دعم الصادرات الزراعية و "لأن هناك فريقاً يوقف التصدير من أجل موقع إداري على حساب مصالح المزارعين".
بعد ذلك اشترط عون، عبر وزيريه، عدم النقاش بأي جدول أعمال لا يكون على رأسه بند التعيينات الأمنية ملوّحاً بورقة الشارع.
"صامت" الحكومة عن الجلسات لنحو ثلاثة أسابيع إلى أن انعقد مجلس الوزراء مجدداً في الثاني من تموز، ليقرّ بند الصادرات الزراعية بالغالبية من دون الالتزام بآلية توقيع الـ24 وزيرا، خلافا لرأي "التكتل".
وشكّل ذلك مرحلة مفصلية في رفع السقف من جانب العونيين بالتلويح بورقة الشارع في مواجهة حكومة "تريد ان تجرّنا الى الانفجار".
وسريعا بدأ عون بترجمة تهديداته، حيث نفّذ أول بروفا لنزول أنصاره الى الشارع بالتزامن مع جلسة التاسع من تموز التي شهدت بدورها كسراً لمحظور عون بإقرار مستحقات المستشفيات بعد نقاش صاخب بين الرئيس سلام والوزير جبران باسيل.
بعدها جُمّد في الأدراج أكثر من 150 مرسوماً، وقّعها 18 وزيراً يمثلون ثلثي حكومة سلام، بينما امتنع الوزراء الستة الباقون في "التكتل" و "حزب الله" عن مهرها بتوقيعهم.
كان الاستثناء الوحيد توقيع الوزراء الـ24 مرسوم تخريج تلامذة الكلية الحربية وترقيتهم عشية الأول من آب.
جلسة الخامس من آب شكّلت التمهيد الطبيعي للتمديد لقائد الجيش من خلال طرح وزير الدفاع سمير مقبل لعدّة اسماء لقيادة الجيش ورئاسة الأركان، ثم خرج منها ليوقّع قرار تأجيل تسريح كل من العماد جان قهوجي واللواء وليد سلمان واللواء محمد خير.
"راق" العونيون "على وضعهم" قليلا بعدما وعدوا بتسوية تبقي العميد شامل روكز في موقعه ما يمنحه فرصة البقاء في نادي المرشّحين لقيادة الجيش وذلك على مسافة أسابيع من احالته الى التقاعد، مع العلم انه كان مرشح عون الوحيد الى "مكتب القائد".
في جلسة 25 آب التي شهدت إلغاء لمناقصات النفايات وإقرار 100 مليون دولار، انسحب وزراء "التيار" و "حزب الله" مجددا احتجاجاً على توقيع مجموعة مراسيم من دون اقترانها بتواقيع الـ24 وزيراً، وبعدما برزت رغبة سلام بالتركيز على تسهيل تمرير بعض المراسيم الحيوية.
في جلسة 27 آب، وفي ظل مقاطعة وزراء "التكتل" والحزب صدرت قرارات الضرورة عبر نقل وفتح اعتمادات الرواتب وتأمين التغذية للجيش وإجازة إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية.
لكن في المقابل أبلغ "التيار" سلام الاستمرار في مقاطعة مجلس الوزراء، فيما تمنّى الرئيس نبيه بري على رئيس الحكومة التريّث في الدعوة لأي جلسة مقبلة في ظل رفض «التيار» نشر المراسيم العالقة وغياب آلية التفاهم على إدارة منتجة لقرارات الحكومة. كل ذلك، والشارع يغلي بالتحرّكات الشعبية وبتخمّر رائحة النفايات في الشوارع.
هكذا دخلت الحكومة في كوما التعطيل نحو ثلاثة أشهر الى حين التئام مجلس الوزراء مجدداً في 21 ايلول، حيث أقرّ خطة ترحيل النفايات بعد خمسة أشهر من تراكم "الزبالة" في الشوارع، ثم لاحقا إنجاز التعيينات في المجلس العسكري من دون تعديل فاصلة في مسار قيادة الجيش ومن دون النجاح في إقرار التعيينات لا على مستوى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي ولا مجلس القيادة.
إذا على أبواب التمديد الثاني لقائد الجيش "اشتدّت" ثم "انفرجت"، لتطلّ الازمة برأسها مجددا لكن هذه المرة بعناوين أكبر بكثير وصلت الى حد "التطييف" الكامل واستخدام سلاح الميثاقية والتهديد المباشر من جانب الرابية بنسف التركيبة والنظام، محيّدين بالكامل "حزب الله" عن هذا المشروع درءا للفتنة أولا، ولأن "حزب الله" نفسه لن يكون بوارد جرّ نفسه الى فخ ما هو أكبر بكثير من السابع من ايار!
لا يمكن توقع سيناريو أقل من العام الماضي، خصوصا ان الداخل أمام استحقاق قرب الانتخابات النيابية، وهي محطة إما تدفع الجميع الى ركوب التسوية الشاملة او الجزئية أو تودي بهم نحو المجهول... المعلوم بفوضاه.
الأهم ان بعض المقرّبين من عون يستذكرون كلاما لـ "الجنرال" قيل قبل أكثر من عام على أثر مبادرة من أربعة بنود تقدّم بها لكنها لن تلق آذانا صاغية. يومها قال عون "معركتي اليوم من دون سقف ولن أتركها إلا شهيدا. فإما أن أربح أو أخسر ولكني لن أسلّم أبداً". واليوم يردّد هؤلاء العبارة نفسها: إما الانتصار او الشهادة.
 

  • شارك الخبر