hit counter script

فن وإعلام

وداع رسمي وشعبي للفنان سمير يزبك في رمحالا

الخميس ١٥ آب ٢٠١٦ - 14:57

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ودعت بلدة رمحالا والجبل ولبنان الفنان سمير يزبك، في حضور رسمي وفني وشعبي حاشد، حيث رفعت اللافتات في مناطق عاليه كافة. ونظم للجثمان استقبال من أهالي منطقة غرب عاليه على دوار قبرشمون.

وأقيم قداس وجناز لراحة نفس الفنان يزبك في قاعة كنيسة مار ميخائيل رمحالا ترأسه راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر ممثلا الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بحضور ممثل رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام محافظ جبل لبنان المهندس فؤاد فليفل، وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب ، النائب فادي الهبر ممثلا الرئيس أمين الجميل، المهندس سيزار أبي خليل ممثلا العماد ميشال عون، وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب، ميشال معيكي ممثلا وزير الثقافة روني عريجي، الوزير السابق جو سركيس ممثلا رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، النائبين هنري حلو وفؤاد السعد، ممثل النائب طلال ارسلان خالد سعود على رأس وفد من الحزب الديمقراطي اللبناني، ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي العميد البير حبار، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص العقيد حنا اللحام، ممثل المدير اعام للدفاع المدني زهير تمراز، رئيس اتحاد بلديات الغرب الأعلى والشحار رئيس بلدية رمحالا المحامي ميشال سعد، رؤساء بلديات ومخاتير المنطقة وعدد كبير من الفنانين والمطربين الذين أدى بعضهم اغاني الراحل سمير يزبك، اضافة الى عائلة الفقيد ومشايخ من المنطقة وحشد من الأهالي والمواطنين من مختلف المناطق اللبنانية.

بعد تقبل عائلة الفقيد العزاء في صالون الكنيسة أقيمت مراسم الجناز والدفن حيث تليت البركة الرسولية، وجاء فيها: " تشمل أبناءنا وبناتنا الأعزاء حنان ميشال نصار، زوجة المرحوم سمير ميشال يزبك، وابنه وابنته، وشقيقته، وعمته، وأولاد المرحومة عمته، وسائر ذويهم وانسبائهم في الوطن والمهجر المحترمين.

تلقينا، ونحن في زيارة كنسية لمدينة روما، نبأ انتقال فقيدكم الغالي، الفنان الكبير سمير يزبك الى بيت الأب السماوي، عن سبع وسبعين سنة زخرت بالايمان العميق والعطاء في حقل الفن الرفيع، فشق علينا الخبر، ونحن نشاطركم الأسى على فقده، والصلاة لراحة نفسه، سائلين الله أن يسكب على قلوبكم تعزياته الأبوية.

إنه إبن عائلة مسيحية مؤمنة من عائلات رمحالا العزيزة، تربى فيها على يد والدين فاضلين زرعا في قلبه وقلب شقيقته بذور الايمان والمحبة لله وللناس، وكان للمرحومة والدته ذات الصوت الرخيم، الفضل في اكتشاف صوته الجميل وتشجيعه على تنمية موهبته الموسيقية. فدخل المعهد الوطني للموسيقى "الكونسرفاتوار" حيث تعلم العزف على آلة العود، وصقل الصوت وأصول التلحين والتأليف الموسيقي. وفي الوقت ذاته كان يعمل في أحد صالونات التزيين حيث أتت يوما السيدة فيروز، وبينما كان يسرح شعرها قال لها أود أن اسمعك صوتا جميلا، وأسمعها صوته فأعجبت به جدا وقدمته الى الرحابنة الذين ضموه الى الكورال الذي كان يرافق السيدة فيروز، ثم ما لبث أن أعطي أدوارا في بعض مسرحيات الرحابنة، فبدأ مسيرته الفنية وهو في السادسة عشرة من عمره. وكان في ما بعد يفتخر بهذه المرحلة، ويقول عنها قد أفادتني جدا وأثقلتني صوتا وموسيقى.

وبعد مدة تعرف الى الملحن روميو لحود وتعاون معه سنوات عدة، وأصبح بطل مسرحياته في مهرجانات بعلبك، والأرز، وبيت الدين، وإهدن، وبيروت وغيرها. وتعامل مع كبار الفنانين من أمثال السيدة فيروز وصباح، وغنى مع الفنان الكبير وديع الصافي، ومع نصري شمس الدين، وجوزف عازار وعصام رجي وغيرهم، وصاغ لنفسه دربا موسيقيا خاصا حيث اشتهر بالمواويل وأبو الزلوف، والعتابا، والأغنيات الوطنية، ومنها " يا مصور صور لبنان" وتجمع لديه حوالي ستين أغنية مشهورة وأكثر من مئة موال، وفي طليعتها ذاك الموال الذي كتبه له الوزير جوزف الهاشم عندما ابتدأ يلازمه الألم، وهو بعنوان "موجوع"، الذي ما زال يحتل المراكز الأولى في كل الاذاعات، وتقديرا لموهبته وعطاءاته الفنية، قد تم تكريمه في لبنان عدة مرات، ونال عددا من الأوسمة من وزارتي الثقافة والتربية الوطنية. كما أقيمت له احتفالات تكريم في كل من سوريا، والاردن، والعراق، والامارات العربية، وإيران.

واقترن في سر الزواج المقدس بشريكة حياته الفاضلة السيدة حنان نصار، وعاشا معا حياة زوجية رضية، وتعاونا على تربية ابنهما وابنتهما تربية مسيحية ووطنية صالحة، ووفرا لهما ثقافة عالية فتحت أمامهما أبواب النجاح في المجتمع. وأحب ضيعته ومسرح طفولته رمحالا، وغنى لها وتغنى بها، وكان نجم مهرجاناتها، ومن مؤسسي ناديها المعروف. كما أحب بلدة الناعمة التي له فيها أقارب وذكريات، ويكن حبا كبيرا وتقديرا عاليا لابن الناعمة سيادة اخينا المطران بولس مطر رئيس اساقفة بيروت السامي الاحترام الذي كان يقول عنه دائما هذا قريبي ونسيبي.

وكان المرحوم سمير يتمتع بثقافة موسيقية واسعة، فكان عازف عود ماهرا، وملحنا، ومؤلفا موسيقيا، ومدربا، واستاذا تتلمذ على يده العديد من الفنانين المعروفين. وقد تميز في الوسط الفني باخلاقه العالية ومحبته للجميع، وتعاليه عن الصغائر، وتقبله النقد والاساءات بكبر نفس ومسامحة. وذلك انه كان رجلا مؤمنا ومصليا، وملتزما حياة الكنيسة وتعاليمها، ومثابرا على قراءة الانجيل المقدس والتأمل في تعاليمه، ومطالعة الكتب الروحية والادبية، حتى تكونت لديه ثقافة دينية عميقة، وسعي دؤوب لفهم الانجيل ومحاولة تطبيقه في حياته. والى ذلك فقد تألم كثيرا في حياته، اذ لازمته الامراض والاوجاع منذ اكثر من ثلاثين عاما فالفها واصبحت جزءا من حياته، وامتنع عن السفر وعن اقامة الحفلات اثناء الحرب وبعدها، وبقي ملازما بيته، مصليا، متقبلا تلك الاوجاع بايمان وصبر جميل، وكان مواله الشهير " موجوع " اصدق تعبير عما كان يعانيه.

وفي سنواته الاربع الاخيرة اشتد عليه المرض واصابه في اعز واثمن ما لديه: اوتاره الصوتية التي اضطر الاطباء الى استئصالها بعملية جراحية فاخذ يصارع المرض بعزيمة لا تلين، وبايمان لا يفتر، والبسمة لا تفارق ثغره، ومسبحة الوردية تلازم انامله، وعيناه معلقتان بالمصلوب امامه، وشفتاه تتمتمان بصمت " مع الامك يا يسوع، ولتكن مشيئتك يا رب " وكان يخفف من اوجاعه ما لقيه من شريكة حياته وافراد عائلته من عناية واهتمام ومحبة واحترام. اما سعادته الكبرى فكانت في حفيدته الصغيرة التي تقضي معه الساعات الطوال، تغمره بذراعيها الصغيرتين، تقبل يديه، تطرح عليه سيلا من الاسئلة، وتفهم عليه ما يقوله بالاشارة او بتمتمة الشفاه. وفي اسبوعه الاخير اصبح القربان المقدس يشكل كل غذائه اليومي، وفي هذا الجو العائلي الحميم والممزوج بالصلاة، اسلم الروح مطمئن البال، تاركا ذكرا طيبا، ومصحوبا بالدعاء الى الله ان يتغمد روحه بوافر الرحمة، وينيله جزاء المؤمنين المخلصين.

وبهذا الرجاء، واكراما لدفنته، واعرابا لكم عن عواطفنا الابوية، نوفد اليكم سيادة اخينا المطران بولس مطر رئيس اساقفة بيروت السامي الاحترام، ليترأس باسمنا حفلة الصلاة لراحة نفسه، وينقل اليكم جميعا تعازينا الحارة".

بعد القداس والجناز القى رئيس البلدية ميشال سعد كلمة البلدة فقال "رمحالا في حداد على صنوبرها الاخضر بشارات سوداء وفي ينابيعها والعيون دموع وحنين. وفي جنائنها الغناء غناء حزين وانين لياليها الملاح فقدت الربابة وصاحبها فصمت الوتر وغص النغم وانكفأ الزمن الجميل".

اضاف سعد "سمير يزبك خسرته رمحالا اولا وهو من شب في ربوعها وعرف دروبها والف بيوتها واجب ناسها واحيا حفلاتها. وهي من كانت له الام الملهمة تحن كما سمعته ينادي "حني حني يا حنوني" وقد صنعت بعض هويته وتباهت بما بلغه قامة فنية شامخة وصوتا ذهبيا شجيا يخرج من جورة الذهب هذه، ويحتل فضاء النجومية الارحب".

وتابع سعد "رمحالا في حداد لأنها ام الصبي، اوجعها غيابه وهو الموجوع والعاشق والتائق الى تراب امه. وها هو يعود اليها خيالا ينزل عن صهوة حصانه بعد ان جال في ميادين الفن وصال، وقد غنى واغنى واستغنى عن مقابل او مردود او التفاتة وان رمزية في الوطن الذي احب، انه قدر اهل الفن والابداع في بلادي. يعطون ولا ينتظرون وهمهم وهمنا ان يعود الى لبنان مهرجانه الحقيقي وفرحه والسلام الذي انشده سمير ورفاقه وننشده كلنا".

وختم سعد "نشكر كل من شارك رمحالا المها، وكلنا يعيش الم الغياب وامل رؤية وطن سمير يعود من جديد متمنين ان يجود الزمان بمثل هؤلاء الكبار".

والقى المحامي ميشال ابي عبدالله كلمة العائلة فقال "نودعك اليوم مع كل المحبين عائدا كبيرا الى نعيم ربك انسانا حانيا تقبلت الوجع وعشت معه كنعمة وليس كنقمة، ادميت الوجع وادماك فضحت المرض وتحديته، عشت وغنيت واطربت وانت تسكن على صفاف الجراح. لم تكن يوما شريطا مسجلا بل مجموعة من الاصوات المتداخلة في انخفاضها وارتفاعها في حزنها وكآبتها، في حضارتها وعفويتها، في عافيتها ومرضها حتى سبقك صوتك منذ اربع سنوات الى فراديس السماء".

وختم ابي عبدالله بشكر اصحاب الدولة وغبطة البطريرك الراعي والمطران مطر والقوى الامنية وبلدية بسوس واهالي قبر شمون والجوار والوزير وائل ابو فاعور ومستشفى قلب يسوع وكل المشاركين في حزننا".

بعدها تلقت العائلة التعازي ثم ووري الجثمان في مدافن العائلة.

وكانت بلدة قبرشمون ودعت الفنان الكبير واستقبلت جثمانه بأجواء من الحزن والأسى، ووسط حشود من أبناء منطقة الغرب والشحار وقيادات وكوادر الحزب التقدمي الإشتراكي يتقدمهم وكيل داخلية الغرب زاهي الغصيني ومدير فرع الحزب في قبرشمون ناجي الحسنية.

وبعد استقبال النعش الذي حمل على الأكتاف، والكلمات المعبرة التي تحدثت عن مزايا الراحل ونجاحاته التي يعتز بها كل لبنان، توجهت الحشود في مسيرة كبيرة نحو بلدة رمحالا للمشاركة في مراسم الدفن في كنيسة مار مخايل.
 

  • شارك الخبر