hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

القطاع الزراعي اللبناني في طريقه الى الانهيار

الإثنين ١٥ آب ٢٠١٦ - 07:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانبتء الكويتية

يبذل وزير الزراعة اللبناني اكرم شهيب جهوداً كبيرة لمساعدة المزارعين على تجاوز حالة إنعدام التوازُن التي يعيشونها من جراء تراجع عائداتهم المالية بسب كساد المواسم. وقد زار لهذه الغاية موسكو في مطلع تموز/يوليو ووقَّع مع وزير الزراعة الروسي اتفاقية؛ تستورد بموجبها روسيا بما يوازي 600 مليون دولار من المنتجات اللبنانية، لكن الاتفاق لم يُنفَّذ حتى الآن، والخوف جدي من عدم تنفيذه بسبب إعادة العلاقات بين موسكو وانقرة الى سابق عهدها، وعند تركيا ذات الاصناف الزراعية الموجودة في لبنان. كما اصدر شهيب قراراً جريئً في بداية حزيران/يونيو، قضى بإقفال الحدود اللبنانية امام المنتجات الزراعية السورية مؤقتاً، بهدف الضغط على الجانب السوري لوقف التهريب الذي يُغرق الاسواق اللبنانية.
بالرغم من هذه الجهود؛ يعيش القطاع الزراعي في لبنان أسوأ ايامه، وحوالي 27% من اللبنانيين الذين يعتمدون في معيشتهم على الزراعة وما يتفرع عنها من أشغال؛ مُهددين بلقمة عيشهم، والاقتصاد اللبناني برمته يتداعى على وقع الإنكماش في معظم القطاعات، بسبب مجموعة من العوامل، اهمها ما يتعلَّق بالفراغ الرئاسي، والشلل التشريعي وبتكبيل ايادي الحكومة عن العمل، ناهيك عن ازمات محيط لبنان الامنية.
ما يقارب 85% من الصادرات الزراعية اللبنانية كانت تذهب الى اسواقها الخارجية – لاسيما الى الخليج العربي – عن طريق البر بالشاحنات المُبردة التي تعبرُر الحدود السورية الى العراق والاردن والعربية السعودية والكويت وغيرهم؛ هذه الصادرات توقفت بسبب الاحداث الدامية في سوريا. والاقتتال هناك يُشكِّل خطراً مُحدقاً على الشاحنات، وسبق ووقعت عدة اعتداءات تعرضت خلالها قوافل البردات اللبنانية لنيران المسلحين، ولسلب المنتجات.
الحكومة اللبنانية قررت دعم التصدير الزراعي بواسطة عبارات بحرية، لكن العملية لم تنجح كما كان متوقعاً، خصوصاً تصدير بعض السلع التي لا تحتمل التأخير البحري الذي يصل الى اسابيع احياناً، بينما التصدير البري لا يستهلك اكثر من ثلاثة ايام على ابعد تقدير ليصل الى الاسواق المقصودة.
مزارعي البطاطا اطلقوا الصرخة سابقاً، وتبِعهم مربي الدواجن، ومن ثُمَّ مزارعي الابقار ومنتجي الحليب، كما ذاق اصحاب بساتين الكرز اللبناني المُميز لوعة تدني اسعار منتجاتهم، والتي لا تساوي كلفة القطاف. واليوم يصرخ مزارعي التفاح من جراء الكساد الذي يطال الموسم الذي تعتاش منه آلاف العائلات الجبلية. وهذا الانتاج من التفاح اللبناني الفاخر يرميه المزارعون في الاسواق وعلى الطرقات، لأن اسعاره مُتدنية جداً، بينما تكاليف إنتاجه مرتفعة الى حدودٍ مُخيفة، وعوامل المناخ تُضرُّ فيه على غير عادة.
لا يُشكِّل قطاع الزراعة اكثر من 8% من الناتج الوطني اللبناني، ولكنه يطال شريحة كبيرة من المواطنيين، منهم مَن يعمل في الزراعة، ومنهم يستفيد من عملية النقل والتوضيب والتبريد والتجارة، او التصنيع. بينما نسبة النمو في قطاع الخدمات المُقدرة ب 1,5% للعام 2016، لا تطال شريحة واسعة، لأنها شبه محصورة بقطاع البنوك والعقارات.
تميَّز لبنان عبر التاريخ بالإنتاج الزراعي الذي يحمُل قيمة مُضافة، لا تستطيع دول أُخرى مجاورة إنتاجه، نظراً لطبيعته الجبلية المُرتفعة، ولوجود السهل الخصب على السواحل وفي البقاع، وكان القطاع الزراعي الرافعة التي أنقذت معظم اللبنانيين إبان فترة الحرب الاهلية، وخلال مراحل العدوان الاسرائيلي الذي فرض حصاراً على معابره الحدودية والبحرية.
اليوم يبكي المُزارعون اللبنانيون دماً على واقعٍ مُزرٍ، لا يستطيعون من خلال إنتاجهم سدّ رمق العيش، ومواسمهم تُتلف امام اعيُنهم، من جراء عدم القدرة على تصريفها.
قديماً قِيل: فلاح مكفي ... سلطان مخفي. اما اليوم فالفلاحون يسهرون على الدعاء لإستقرار سوريا. كي لا ينهار القطاع الزراعي عن بِكرةِ أبيه. وهذه التحذيرات وذلك الدعاء يشاركُ فيها وزير الزراعة ايضاً.
 

  • شارك الخبر