hit counter script

مقالات مختارة - نبيه البرجي - الديار

استعدّوا لدولة لبنان الكبير

الأحد ١٥ آب ٢٠١٦ - 07:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

نبيه البرجي - الديار
«من يستطيع ان يرث كل تلك النيران؟».
لعل البريطاني ديفيد هيرست كان يقصد «من يستطيع ان يرث كل ذلك الحطام»؟ شيء ما يشبه المسألة الشرقية الآن. السلطنة العثمانية كانت «الرجل المريض»، وكان الصراع حول وراثتها. الآن، يصف تقرير بريطاني العالم العربي بـ«الرجل الميت».
كل ما في الامر من يرث الموتى سوى الموتى؟ الاتراك لم يقاتلوا (ويقتلوا) الاتراك. قيض لهم رجل يدعى مصطفى كمال الذي راح يلملم بقايا السلطنة ويقيم دولة حديثة، بعدما كان الاوروبيون قد خططوا لاستعادة القسطنطينية، وبالتالي ابقاء تركيا «غابة للطرابيش».
التقرير البريطاني الذي يتم تداوله في الاردن، بوجه خاص، لا يجد حلا وشيكا لازمات، او لحروب المنطقة. هنا الانظمة العاتية، والرثة، والتي تحتوي على كل مفاهيم، وقيم، القرون الغابرة. وحتى حين تم اسقاط النظام في العراق، بالدبابات الاميركية، وقيل ان دولة ديمقراطية، وعصرية، وفديرالية، ستنشأ في بلاد الرافدين، كانت الفضيحة ذات الاجراس كما الافعى ذات الاجراس...
اولئك الاتون من القبور، او من الكهوف، والاهم انهم الاتون من ايديولوجيات تلغي اي اثر للعقل، وللخيال، وللتفاعل، وللابداع، ما لبثوا ان تحولوا الى دمى في يد الايرانيين، والاتراك، والسعوديين، فيما كان لمسعود برزاني ان يمضي بعيدا في تلك اللعبة الغبية بالوقوع تحت وصاية رجب طيب اردوغان. اين هو العراق واين هم العراقيون الان؟
التقرير البريطاني يقول ان اي جراحة جغرافية ستكون قاتلة. دول للسنّة، ودول للشيعة، ودول للاكراد، ودول للاقليات على اختلافها. اي مايسترو يمكن له ان يضبط الايقاع في دول تقول على الفتاوى البلهاء او العرجاء؟ برنارد لويس وصف الشرق الاوسط بالعربة المجنونة التي تجرها آلهة قديمة. كان محمد حسنين هيكل يسأل اين الله في هذه الصراعات التي يفترض ان تكون صراعات ابدية ما دامت الاديان او الطوائف لا تراهن على المجتمع كقوة دينامية، خلاقة، وتبني الخلاص بسواعدها (وبأدمغتها بطبيعة الحال) بل هي تراهن على الخلاص الاتي من الغيب...
باحثون كبار في الغرب يتحدثون عن احجية وتدعى الشرق الاوسط. اتراك وايرانيون واسرائيليون نزلوا الى الحلبة، وبكل ذلك المخزون التاريخي، او اللاهوتي، او الجيوسياسي من اجل وضع اليد على المنطقة، ليتبين ان الاتراك تزعزعوا، وان الايرانيين ضاعوا...
ماذا عن الاسرائيليين؟ الثابت ان اللوبي اليهودي تغلغل داخل المجمع الصناعي ـ العسكري الذي حذر منه الرئيس دوايت ايزنهاور في خطبة الوداع . الاصابع الاسرائيلية وحدها لم تحترق.
ماذا يريد ملوك التوراة سوى ان يجعلوا من احفاد الفراعنة رهائن في قبضة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؟ وماذا يريدون سوى تحطيم «ذئاب الشمال» في ســوريا، وسوى الثأر من نبوخذ نصر الذي دمر الهيكل الاول؟
 يقول المؤرخ الاسرائيلي موريس بن «لكأننا امام آنية من الخزف وسقطت ارضا». لا مجال البتة لاعادة تركيب الدول، ولا المجتمعات. الان دور سوريا والعراق؟ غدا دور من؟ اسألوا... السيد الدومينو؟
 التقرير البريطاني يحذر من ان المملكة الهاشمية تبدو وكأنها تلفظ انفاسها الاخيرة بعدما تمكن البلاط من الافادة من كل كوارث المنطقة. الان، تتقهقر المعونات الخليجية، وينشر النازحون الفوضى، في حين تضغط الازمة السورية على كل مفاصل المملكة...
ماذا عن لبنان؟ كلام بريطاني عن ان الجنرال هنري غورو انما انشأ «دولة لبنان الصغير» حين اعلن في اول ايلول 1920 قيام «دولة لبنان الكبير». الان، دولة لبنان الكبير بالحاق وادي النصارى السوري، وكذلك جبل الدروز...
هكذا يرسو التوازن الديموغرافي بين السنّة والشيعة والمسيحيين والدروز. توازن الرعب (لا التوازن الخلاق) بين سائر الطوائف بعدما بدا ان الصراع السني ـ الشيعي يتجه حتما الى الانفجار، وبالتالي تفجير الدولة او بقايا الدولة في لبنان.
 إبان القرن التاسع عشر. كان الخيال الغربي (العقل الغربي) يعمل هكذا. الان يعمل بالطريقة نفسها. دول تزول، ودول تقوم.
 صيغة سويسرية لدولة لبنان الكبير؟ النشيد الوطني السويسري اقرب الى الصلاة او الى القصيدة.عندنا حتى حملة البنفسج تحولوا الى حملة سواطير!

  • شارك الخبر