hit counter script

أخبار محليّة

العيد الـ71 في سجلّ الوطن... الجيش يمضي بمعركة الإرهاب والإستقلال

السبت ١٥ تموز ٢٠١٦ - 07:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

«هالجيش الكلّو مغاوير بإيد السيف وبإيد كتاب... تخلّد عيدو بأول آب».. تاريخ بدأ ذات أوّل آب 1945، ولن ينتهي في أيّ آب، مختصراً شهادات وروايات أبطال عمرها من عمره، خالدة كأرزة خُطّت يوماً بين أحمرَين، وبما أنّ العادة درجَت أن تفرض التطوّرات إيقاعها، فإنّ الأحداث الأخيرة دفعَت إلى الواجهة بمديرية المخابرات في الجيش اللبناني، فأصبحت «مالئة الدنيا وشاغلة الناس» في الداخل كما في الخارج، على رغم التعتيم الذي تفرضه طبيعة عملها.عند وجودك في مديرية المخابرات تشعر بالديناميكية و«النفَس الجديد» الذي أرساه «المدير» الآتي من خلفية أمنية وعسكرية، والذي حاز ثقة قائدٍ قرّر كسرَ القواعد والأعراف، مذكّياً إيّاه مديراً للمخابرات، بعيداً من الحسابات الضيّقة من داخلية وخارجية.

تعيينُه لم يكن مفاجئاً بقدر التشكيلات التي أرادها «مؤسّساتية 100 في المئة»، وبسرعة قياسية، لم تتعدَّ كتابة أسماء «فريق متجانس في وحدته وقوّته» على قصاصة ورقة بيضاء أكثرَ مِن نصف ساعة، قبل أن يستفيق السياسيون من الصدمة، على «مديرية غير شِكل»، لا نقداً لِما سبقَ، بل لإكماله والاستفادة من الأخطاء.

أهدافٌ وُضعت بدقّة، وتحديدٌ واضحٌ للعدوّ: إسرائيل جنوباً، المسلّحون شرقاً وشمالاً، والجماعات الإرهابية داخلاً، أمّا الضالّون من اللبنانيين، فأبواب التوبة مفتوحة أمامهم طالما إنّ أياديَهم لم تتلطّخ بدماء إخوانهم في الوطن، انطلاقاً من أنّ الجيش فوق الجميع، منه البداية ومن دونه النهاية، وفقاً لقاعدة البلد ممسوك واليقظة والحذر مطلوبان دائماً تحت شعار التكامل بين الجيش والشعب، لنبلغَ بلبنان شاطئ الأمان.

مديرية تحوّلت خليّة نحلٍ باستنفار عناصرها على مدى الـ 24 ساعة، يَسهرون لتغمض عيون اللبنانيين بأمان وسلام. وعلى رغم وجود بعض التجنّي والظلم بحقّ العسكريين، سواء المادّي منه، إذ لا يجوز أن تكون الدولة متلهّية بصفقات وتسويات حاجبة عن الجيش أدنى مقوّمات البقاء على المستوى الفردي أو على مستوى طلب المساعدات وتجهيزه، أو المعنوي، إذ صحيح أنّ البعض قد يرتكب الأخطاء، إلّا أنّه بالتأكيد يوجد حساب وعقاب، فالمديرية ليست للاستقواء على الناس، بل هي في خدمتهم، ولذلك هي شفّافة في التعامل معهم.

إنجازات عسكريين وعمليات نوعية حازت تنويه وإعجابَ الدول الغربية لدقّة تنفيذها وكفاءتها، مع الاعتراف بأنّ الجيش اللبناني هو الوحيد في المنطقة الذي لم يَسمح للإرهاب بالتمدّد وإقامة مناطق مقفَلة تحت سيطرة الجماعات الإرهابية من «النصرة» سابقاً و«داعش»، فكانت إشادةٌ بحِرفية العنصر البشري باستعمال الأسلحة بطاقتِها القصوى واستثمار التدريبات بأدقّ التنفيذ. من هنا برنامج المساعدات النوعية المقدّمة والتي سَمحت للمؤسسة بقلبِ موازين القوى وفرضِ معادلاتها في حربها ضدّ الإرهابيين في بعدَيها الأمني والعسكري.

ولعلّ أبلغَ مثالٍ على تلك العمليات، ما نفّذته مديرية المخابرات في عرسال أثناء مداهمةِ مكان تواجد المدعو «نايف حديد - ابو الفوز» بحِرفية عالية مطابقة للمبادئ التي ترعاها المواثيق الدولية، إذ نجَحت القوّة المداهمة في اصطياده رغم اتّخاذه أطفالاً ونساءً كدروعٍ بشرية، مقدّمةً 3 جرحى حفاظاً على حياة المدنيين وسلامتهم.

كذلك عملية خربة داود التي تميّزَت بالرصد الدقيق وسرعة التنفيذ والتي أثمرَت وقوع أبرز الشبكات الإرهابية في قبضة الجيش، منقِذةً البلد من حمّام دم كان سيَستهدف مناطق سكنية موقِعاً عشرات الأبرياء.

هذا فضلاً عن توقيفات فاقَ عددُها الـ 300 أُحيلوا إلى القضاء المختص لاتّخاذ الإجراءات القانونية بحقّهم، مع الإشارة إلى التطوّر الذي لحق بأساليب التحقيقات المراعية لمعايير الإنسانية، وإنجاز الملفّات من دون أيّ ثغرات.

أمّا أبرز التوقيفات فكان شبكة السوريين الخمسة التي كانت ستقوم بتفجير سيارة إسعاف في إحدى المناطق الآهلة، واستهداف مرفَق سياحي يقصده عدد كبير من اللبنانيين والأجانب بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا، إضافةً إلى توقيف قائد لواء الغرباء المسؤول عن خطفِ راهبات معلولا، وممرّض أبو مالك التلّي أثناء محاولته التسلّل إلى الداخل اللبناني، ما ساعدَ على بثّ جوّ مِن الطمأنينة والأمان بين المواطنين، وزيادة العبء والمسؤولية على كاهل مَن ألقيَت على عاتقهم مسؤولية الأمن.

مهمّات لم تحجب أهمّية أحد أبرز وأخطر الملفّات التي يُعمل عليها والمتعلقة باللاجئين الفلسطينيين والسوريين ومخيّماتهم، بعدما فاقَ عددهم المليون ونصف المليون، مشكّلين بيئة حاضنة للإرهاب، ما جَعلهم تحت المراقبة الدقيقة وعملياتِ الدهم الروتينية الوقائية، خصوصاً في ظلّ ما يشكّله هؤلاء من خطر تجلّى في العمليات التي نفّذها تنظيم الدولة الإسلامية وتبنّاها في أكثر من دولة أوروبّية، حيث بيَّنت التحقيقات أنّ معظم تلك الشبكات تسلّلت بين أفواج اللاجئين السوريين إلى «القارّة العجوز».

ويبقى الهاجس الأكبر في عيد الأوّل من آب عودة الأسرى العسكريين المختطفين لدى «داعش»، نتيجة ظروف صعبة سادت عشيّة آب 2014 أدّت إلى وقوعهم في قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، وفي هذا الإطار لا تألو قيادة الجيش ومديرية المخابرات أيَّ جهد لإعادتهم إلى عائلاتهم سالمين، فهي تسَخّر كلّ الإمكانات والاتصالات من أجل تحقيق هذا الهدف، والحصول على معلومات دقيقة حول مصيرهم، أمّا شهداء الجيش فالتقدير لا يَفيهم حقّهم، فهُم نفَس المديرية والحافزُ لتقدّمها وكشفِها عن الإرهابيين والمجرمين، لتأخذَ للشهداء حقّهم وتحمي من ضحّوا بأرواحهم لأجلهم، فهي على العهد باقية.

كفاءة عالية، جدارة وبراعة في الأداء، مهامّ صعبة، عنوانها الجرأة والشجاعة والاندفاع، فالثلج يَشهد على صلابتهم في مواجهة صقيعِه، والفضاء يَعهدهم نسوراً يحلّقون في مداه الواسع. إنّهم عسكريّو الجيش اللبناني، من جرود السلسلة الشرقية إلى المياه الإقليمية، ومن الحدود الجنوبية إلى النهر الكبير، برّاً وبحراً وجوّاً، «عيون لا تنام في الليل اللي ما إلو حدود، وبوقفات العزّ يدوم»، حياتهم سلسلة لا تنتهي من الصعوبات للوصول إلى حيث لا يجرؤ الآخرون، متحمّلين المشقّات بإقدام وكفاءَة، ذهنيةٌ مميّزة، مهارةٌ في استعمال السلاح، دقّة وبراعة في التنفيذ، رجالٌ شجعان اختاروا الجندية رسالةً ومبدأ، واتّفقوا على سلوك الطريق الأصعب، تشهَد عليهم إنجازاتهم وأعمالهم أينما حلّوا وفي أيّ مجال خاضوا، أكان إنسانياً أم إنمائياً أم عسكرياً، فهل يمكن لأحد أن ينسى جهوزيتَهم التي تفاجئ الجميع؟

عند الخروج من وزارة الدفاع في اليرزة، يودّعك نصبٌ للأمير فخر الدين ممتشِقاً سيفَه، ممتطياً حصانَه، ليذكّرك بأنك ابنُ وطنٍ توارَث أحفاده منذ مئات السنين مبدأ البقاء مرفوعي الرؤوس على أرض عشقَها أرز الرب، أرضٍ أقسَم عليها رجال ليسوا ككلّ الرجال، دافعوا عن لبنان في كلّ زمان ومكان، عشقوا الحرب حتى الشهادة وأتقنوا القتال فنَّ حياة، لكنّهم لم يكرهوا السلام، فهُم على عهدهم باقون، يصدقون الوعد، شعارُهم شرف وتضحية ووفاء... والله العظيم.

ربى منذر - الجمهورية
 

  • شارك الخبر