hit counter script
شريط الأحداث

- روبير فرنجية

عمر ميقاتي في "مين قال كبرنا"؟... "شيخ الشباب"

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٦ - 06:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

متعة احترافية ومهنية عشتها ليوم درامي طويل سأضيفه الی أرشيفي الشخصي مهما اختلفت مواقع ومطارح التصوير الكثيرة في بلدة اهدن حيث وقفت قبالة قامة تمثيلية عريقة: عمر ميقاتي مجسدا نصي الوثائقي الذي كتبته فأنتجته جمعية "منكبر سوا" التي ستكون سندا للمسن في قضاء زغرتا - الزاوية لكي لا يبقی "الختيار" يحيا يوميات القضاء والقدر في أكثر من قضاء وقضاء حتی القضاء علی عافيته وهمته وحركته واغتيال ذاكرته وبعثرة مذكراته مهما كانت بسيطة ومتواصعة.
عمر ميقاتي كان بطل الفيلم الذي ترجم ما نريد قوله بمليون خطاب ومطبوعة. جاء الی التصوير عقب عملية جراحية لم يستطع المرض فيها ان يستأصل نشاطه وادمانه علی التمثيل والعطاء. وانا اشاهده مقنعا في ارتداء شخصية "الختيار النشيط" وهو شيخ الشباب خطر علی بالي أن اسأل كم من عمر ميقاتي في كاستينغ الاباء عبر الشاشة؟.
كثيرات هن الممثلات اللواتي برعن في ادوار "العجوزات والامهات والجدات لكن عمر ميقاتي (انسحب من الساحة التمثيلية منذ سنوات الممثل سليمان الباشا) توجه تعبه وشغفه وصبره رمز الكهولة الفتية والمنتجة، وهو بصراحة لا يقارن مع اي ممثل اخر من جيله في أدوار الابوة الطيبة في القرية والمدينة وفي اعتقادنا الذي يشاطرنا اياه ميقاتي كما أسر لنا ان هذا الوثائقي بورتريه حقيقي له لم يتطلب منه جهدا تمثلييا.
كانه مع زوجته الاذاعية رندة علی شرفة منزله يرتشف فنجان قهوته الصباحية ويوصيها: كل شئ الا المأوی فانا لا أقدر ان "أبلعها". يفصل ميقاتي بين الماوی ودار الراحة ويسأل متی يصبح المأوی دارا للراحة وليس زنزانة للعجزة او سجنا للشيخوخة او منفی العمر الثالث؟
عمر ميقاتي جاء الی نهار التصوير وهو يحفظ نص "مين قال كبرنا" مثل تواريخ ميلاد: مي ونزار ومروان وحبيبة القلب مروی (أولاده الاربعة ) الذي لا يوقف الكلام عنهم بنجاحهم وسيرتهم. وقف امام الكاميرا مثل اي ممثل صاعد وواعد لا يعدل كلمة او فاصلة. يؤدي الحوار بشغف كأنه هو كاتبه وممثله في ان. وميقاتي الذي يدرب مشاريع نجوم الاعلام المتلفز ليته يدرب بعض نجوم الدراما علی حفظ النص واحترام الكاتب والتقيد بالوقت وحفظ النص وعدم تحويره.
وجهه الفتي الاحمر لم يحتج لا الی تبرج ولا الی اي نوع من انواع الماكياج. وجهه الاحمر مثل تفاح اهدن خدم ما اردنا قوله كم من مسن شاب وكم من شاب مسن في هذا الوطن الذي تسللت الیه حكما وحكومة التجاعيد والزهايمر. لم يسأل بطل الوثائقي رغم كل الغنی في نبذته من هو المخرج وما هي خبرته وافلامه وعدد مسلسلاته ولم يتلصص علی صوره من "المونيتر" بل شجع وحمس الطاقة الشبابية قائلا: "كلنا كان عندنا بداية".
ميقاتي أبن طرابلس الاعتدال والتعايش دخل الكنيسة وقام بتربيع جرس "مار بطرس" حيث يرقد الفنان العالمي صليبا الدويهي بكل وقار وايمان كأنه ارادها محطة شكر لكل من نذره مت الاصدقاء والزملاء للقديس شربل حين دخل غرفة العمليات وكانت العملية مقلقة.
أبی ان يلغي مشهد زيارة المحمية بحجة القطب المتعددة في جسمه من جراء العملية الجراحية التي قهرها بأيمانه، بل قال ان القطبة المخفية في الوثائقي هذا المشهد في الحرج وهو يغرس نصبة أرز لبنانية أصيلة. أراد غسل يديه بالتراب وحفر وحفتر كثيرا مطمئنا الی وضعية الشجيرة وربما غمر التراب ليقول اننا منه واليه نعود.
كيف نستغرب حديثه بعمق عن الانجيل المقدس كما القران الكريم وهو نجل الفنان الراحل نزار ميقاتي الذي علمه أصول التعايش من معهد الفرير - الزاهرية التي يشتاقها كما كانت في الماضي الجميل بتنوع وتعدد.
تحدث في وقت الاستراحة بحب وبلسان دافئ عن كل من اشتغل معهم مروراً بالفنان زياد الرحباني الذي يتبادل معه التقدير (اشتغل معه في بخصوص الكرامة والشعب العنيد الی فسحة الامل) الی كل المسارح التي وقف عليها واخرها مع "العبقري" جورج خباز كما وصفه.
في وثائقي "العمر الثالث" تكرست عراقة "أبو نزار" في الاداء النظيف بضحكة استهزاء يطعم بها المشهد او تنهيدة او غصة كئيبة او غمزة شيطنة ومرات دمعة حقيقية تسقط من العين فنصرخ له: "يا عين علی عمر ميقاتي".
الفيلم سيعرض مرة اولی في دير مار سمعان ايطو الذي عاشت فيه القديسة رفقا 27 سنة وعلی مذبحه طلبت الالام في عينيها وذلك علی هامش اطلاق الجمعية في الرابع من شهر اب المقبل والتي تهدف الی جعل منطقة زغرتا - الزاوية صديقة ودودة - وفية ومديدة المساعدة والمساندة للمسن.
هو وثائقي لا يتعدی الدقائق العشر وفيه يتحدی ميقاتي الشيخوخة ويؤكد ان "الختيار" لا يتقاعد ولا يعتكف ولا يعتزل مهما كثرت الانحناءات في جسده. من قال ان انحناءة المسن تراجعا او تنازلا او؟... عمر ميقاتي في "مين قال كبرنا" سيمزق الصورة الشائعة عن العجوز ويثبت ان "الختيار النشيط" ولو كان من فئة العمر الثالث هو الاول في الهمة والحركة وكل مهمة في ما يبذله من عطاء وينبذه من استعطاء.
 

  • شارك الخبر