hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ايلي الفرزلي

عندما يُحرجنا سفراء أوروبا: دولنا تطبّق النسبية

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١٦ - 06:57

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

يُقال إن أي قانون انتخابي يُقر قبل وقت وجيز من الانتخابات هو حكماً سيئ. فهو عندها سيُناقش تحت ضغط عامل الوقت الكفيل بضرب كل ما هو جيد. أما الوقت المناسب لإعداد قانون انتخابي، فهو «قبل أكثر من عام على موعد الانتخاب»، حسب خبراء انتخابيين. يعني ذلك عملياً أن لبنان دخل في منطقة الحذر، وأمامه خمسة أشهر قبل أن يدخل في منطقة الخطر. أي يفترض بالحد الأدنى أن يكون المرشحون والناخبون قد صار أمامهم قانون انتخابي واضح يتنافسون وفق قواعده، مع نهاية العام الحالي على أبعد تقدير.
من حيث المبدأ، فإن خمسة أشهر كافية للمشرّع حتى يقر قانوناً إنتخابياً، لكن التجربة اللبنانية تؤشر إلى أن الخطر صار محدقاً، حتى قبل انتظار انتهاء السنة. فمن لم ينجح في إقرار قانون جديد بعد أربع سنوات من المناقشات، وسبع سنوات على الانتخابات النيابية الأخيرة، لا ثقة بأنه قادر أو يريد أن يصل إلى قانون جديد.
الأكيد أنه لن يكون بمقدور أحد التمديد مرة جديدة للمجلس الحالي الممدد لنفسه مرتين، لكن ذلك صار مقترناً بقطبة لم تعد مخفية عنوانها الإبقاء على قانون الستين.
الكل صار يكرر من دون أدنى خجل: إذا لم نتمكن من الاتفاق على قانون إنتخابي جديد، فإن الانتخابات ستحصل على أساس قانون الستين.
أمس، كانت الإشارة الأوروبية واضحة. المهم إجراء الانتخابات في موعدها، بغض النظر عن القانون الذي يتفق اللبنانيون عليه. لكن ذلك لم يمنع ممثلة الاتحاد الأوروبي التي زارت المجلس النيابي على رأس وفد من سفراء دول الإتحاد، والتقت نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ورؤساء اللجان النيابية ومقرريها وممثلين للكتل النيابية، من أن تتحدث عن الاصلاحات الانتخابية، كالكوتا النسائية والورقة المطبوعة سلفاً وغيرها.
وإذا كان الوفد الأوروبي قد استمع إلى السمفونية الرسمية المكررة ذاتها عن المصالح السياسية – الطائفية التي تعيق الاتفاق على قانون انتخاب جديد، فقد لخّص مكاري المشهد بقوله «إما نتوصل في الفترة المتبقية الى اتفاق على قانون انتخاب جديد، او نكون مضطرين الى ان تجري الانتخابات وفق القانون المعمول به حاليا، والذي أقر قبل 56 عاما».
المشكلة، بحسب أحد المشاركين، أن الاجتماع أوحى أن الأوروبيين مهتمون بالقانون الانتخابي أكثر من اهتمام المسؤولين اللبنانيين به. فهو يأتي قبل يوم واحد من اجتماع اللجان المشتركة، الذي إذا توفر له النصاب، فلن يخرج بأي نتيجة. كما يأتي بعد اجتماع تأجّل لأن النواب لم يجدوا أي سبب لحضوره.
في المقابل، يسأل أحد النواب: لماذا يأتون وهم يعرفون أنهم لن يقدموا أو يؤخروا. وبدل السؤال عن سبب عدم حضور النواب، من الأوْلى أن نسأل: لماذا يُعقد الاجتماع إذا كان الجميع يدرك أن لا قيمة له وأنه سيكون دليلاً إضافياً على أن النواب لا حول لهم ولا قوة. يسري الأمر نفسه على «طاولة الحوار» أيضاً: ماذا سيفعل أقطابها في خلوتهم على مدى ثلاثة أيام؟ ولماذا لا يؤجلون الاجتماع طالما هم عاجزون عن الاتفاق على أي نقطة عالقة؟
الاجتهادات تضيق. إما حلحلة رئاسية يليها إجراء الانتخابات وفق قانون جديد أو حتى على أساس قانون الستين، أو السعي إلى قانون جديد قبيل موعد الانتخابات الرئاسية، يترافق مع تعهد النواب الجدد بعدم التغيب عن جلسة انتخاب الرئيس.
هذا النقاش لا يلغي بالنسبة لكثر القضية الأساس: ليس المطلوب تغيير قانون الستين فحسب، بل الأهم الانتقال إلى النظام النسبي. وهؤلاء يخشون من أن يكون كل ما يجري هدفه ذر الرماد في العيون، تمهيداً لفرض بدعة القانون المختلط الذي يبدو أقرب إلى إسم حركي للنظام الأكثري الجمعي المعتمد حالياً.
قبل أن يغادر الوفد الأوروبي، سأل مكاري السفراء عن الأنظمة الانتخابية المعتمدة في دولهم، فكانت النتيجة: 11 دولة من أصل 13 تعتمد النظام النسبي، فيما فرنسا ورومانيا تعتمدان النظام الأكثري لكن وفق الصوت الواحد لكل ناخب. وتلك كانت إشارة بالغة إلى أن كل قانون يبتعد عن النسبية، إنما هو قانون رجعي وضع على قياس واضعيه لا على قياس التمثيل العادل لمختلف شرائح المجتمع.

  • شارك الخبر