hit counter script

الحدث - شارل جبوّر

"العلاقة الخليجية-المسيحية... بألف خير"

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١٦ - 06:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تحدثت اوساط سياسية عن عتب خليجي على القوى المسيحية في لبنان بفعل اقترابها من "حزب الله" على أثر ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون، خصوصا ان الحزب، بالنسبة إلى الخليجيين، يشكل تهديدا لأمنهم واستقرارهم، حيث ان شبكات أمنية عدة تم اكتشافها، وان بحوزة بعض أفرادها جوازات سفر لبنانية مسيحية، وهذا من دون الإشارة إلى دور الحزب المباشر في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن.
وعلى رغم صحة التوصيف المتصل بدور "حزب الله"، إلا ان ما يتعلق بالمسيحيين يفتقد إلى الدقة، خصوصا ان الدول الخليجية تعي تماما ان "القوات اللبنانية" كانت اول من تصدى في لبنان للمشروع الإيراني أو الإيراني-السوري المشترك من خلال تمسكها بتنفيذ اتفاق الطائف ورفضها استثناء "حزب الله" من تسليم سلاحه بحجة المقاومة، كما رفضها استمرار الجيش السوري في لبنان، وقد دفعت ثمن تمسكها بالدستور عبر حل الحزب واعتقال الدكتور سمير جعجع.
ولو حظي موقف "القوات" حينذاك بالبيئة الحاضنة محليا وعربيا لكان طبِّق اتفاق الطائف و"حزب الله" سلم سلاحه والأزمة المفتوحة معه اليوم كانت في خبر كان، ولكن، ويا للأسف، وصل الجميع بعد عقدين من الزمن إلى ما حذرت منه "القوات".
وتعي الدول الخليجية تماما أيضا دور رأس الحربة الذي لعبته "القوات" ضد "حزب الله" بعد خروج الجيش السوري من لبنان، كما تحفظها على "اتفاق الدوحة" ورفضها المشاركة في الحوار والحكومة لعدم إعطاء الحزب الغطاء الشرعي لقتاله في سوريا، وبالتالي المزايدة عليها في هذا المجال لا تجوز.
وأما لجهة تبنيها ترشيح العماد عون، فهذه الخطوة جاءت نتيجة ثلاثة اعتبارات:
الاعتبار الأول يرتبط بضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي تجنبا لجر البلد نحو الأسوأ بفعل الفراغ القائم الذي لا يمكن تجاوزه سوى بتبني خيار عون في ظل إصرار "حزب الله" على مقولة إما عون وإما استمرار الفراغ.
الاعتبار الثاني يتصل بشكوكها حيال تمسك "حزب الله" بالعماد عون، وقد أثبت ترشيحها له بان شكوكها في محلها، وان خيار الحزب الأول والأخير هو الفراغ.
الاعتبار الثالث يتعلق بوصولها إلى قناعة بان العماد عون يفصل بين تحالفاته مع "حزب الله" وغيره من القوى، وبين ان يكون رئيسا على مسافة واحدة من كل القوى السياسية، ويستند في ممارسته إلى اتفاق الطائف، وهذا ما ورد أساسا في بيان "إعلان النيات" او البيان الترشيحي المشترك.
وفي موازاة ذلك، فإن الهدف المرحلي للدكتور جعجع منع "حزب الله" من خلق الظروف المواتية لجر لبنان إلى مؤتمر تأسيسي وإسقاط اتفاق الطائف، كما منعه تحديدا من استخدام المسيحيين وقودا لهذا المشروع بحجة التململ المسيحي او الشكوى المسيحية، وفي هذا السياق بالذات يأتي تحذيره من مغبة الوصول إلى الانتخابات النيابية في ظل الفراغ القائم، لأن التمديد المرفوض أساسا يمكن أن يوظف عن طريق استخدام الشارع الغاضب من جراء هذه الخطوة بغية جر البلد إلى مؤتمر تأسيسي، فضلا عن ان الانتخابات من دون رئيس تفتح الباب على الفوضى الدستورية.
ويبقى ان اي ديبلوماسي خليجي لا يخفي إطلاقا ثقته الكبرى بشخص الدكتور جعجع وخياراته، ويعتبر ان اي خطوة يمكن ان يقدم عليها تصب في الخانة اللبنانية لناحية خيار الدولة أولا وتطبيق اتفاق الطائف وإبقاء لبنان ضمن الخيار العربي والالتزام بالقرارات الدولية.
ويحظى رئيس "القوات" باحترام عربي-خليجي كبير بفعل ثباته على الخط اللبناني منذ تغطيته لاتفاق الطائف، حيث أن الرياض تثمن عاليا مواقفه وخياراته والتزامه وحرصه على العمق العربي للمسيحيين، هذا العمق غير الممكن توفيره سوى مع جعجع، الأمر الذي تدركه جيدا الرياض.
وفي هذا السياق أكد ديبلوماسي خليجي كبير أن العلاقة المسيحية-الخليجية بألف خير، وان دولته تعول كثيرا على دور المسيحيين في لبنان وتحديدا "القوات اللبنانية"، لأنه من دون المكون المسيحي يفقد لبنان قيمته ورسالته، كما أن الدول الخليجية حريصة على تعزيز الدور المسيحي، لا العكس، وذلك انطلاقا من تمسكها بالفكرة اللبنانية أولا، ومن كون لبنان يشكل نقطة قوة وارتكاز المسيحية المشرقية ثانيا.

  • شارك الخبر