hit counter script

باقلامهم - مازن ح. عبّود

ثقافتنا

الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠١٦ - 01:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ثقافتنا ثقافة حاشية سلطان، فنظهر ما لا نضمر ونتكلم لغات وفق المقامات. نستنطق الاخرين فنلتقط منهم ولو كلمة نبني عليها مكيدة ننقلها الى البلاط، فيسر بها الملك. في ثقافتنا، تعلمنا ان نسجد للبعل وان نحابي الاقوياء كي نشعر بالقوة وننحي امام الملوك طلبا لجاه او مال او سلطة، نعادي الحقيقة، وعندما يسقط المتسلط وتبقى الحقيقة نلعنه ولا نشعر بالخجل، ولا ندرك باننا قد سقطنا وبنينا بيوتنا على رمال. لقد تعلمنا ان نفتش عن اصحاب النفوذ كي نمجدهم ونجعلهم آلهة ثم نشيطنهم اذا ما وقعوا. في ثقافتنا تعلمنا ان نكذب، نكذب بأشكال واشكال، نكذب تحت ستار اللياقة الاجتماعية، ونقدم احيانا للآخر عسلا مسمما اذا ما حلّ بيننا ونلعنه اذا ما ادار ظهره. في ثقافتنا تعلمنا ان نلغي كل الحدود في علاقتنا مع من نتفاعل معهم، ونرخي لأهوائنا الحبال، فنعشقهم ونكرههم، ببساطة انن نحب صورتنا فيهم. ونساعد كي نستعبد.
في ثقافتنا ندلل النساء كحريم ونجلدهم كعبيد ان ظننا انهم اخطأوا او نقتلهم ببساطة تحت رداء الحفاظ على الشرف. فكل نساء الارض في لا وعينا غانيات ما عدا امهاتنا. ثقافتنا من ثرثرة واخبار صغيرة تشغلنا ونشغل بها الناس.
في ثقافتنا نقتل الاخر في كل دقيقة ان لم يشبهنا، نقتله ولا نتقبله ولا نعرف الا ان نحب انفسنا فيه وليسوا هو كما هو.
في ثقافتنا ندعي صفات لا نمتلكها ولم نمتلكها يوما لكن في يقيننا نظن اننا نمتلكها. في ثقافتنا، نكره كل من يظهر لنا عرينا ونروح نلعنه ونقتله او ببساطة نلغيه من قاموسنا. في ثقافتنا، نسال ما لا نعطيه ونظن اننا الكون كل الكون.
ثقافتنا ثقافة الالقاب التي لا تنتهي وتصدر الكراسي الامامية. ثقافتنا ثقافة الانتفاخ والفراغ والتعقيدات.
في ثقافتنا يقال عن البسيط بانه ساذج وعن المسكين بأنه ضعيف، فندوس على الفقير ونسرق الغني.
ثقافتنا تبدأ من البطون وتتمدد نزولا. ثقافتنا ثقافة المشاعر الذابلة التي تستبدل الحب بالهوى والعطاء بالأخذ والفعل بالقول. في ثقافتنا نمجد الاخيار امواتا ونحاربهم احياء خوفا من ان يبيّن نجاحهم عرينا وجهادهم ضعفنا. فثقافتنا لم تنفك تعيش في القبور والملاهي الليلية...
ثقافتنا ثقافة الكلام الذي لا ينتهي والمشاعر الجياشة. حضارتنا حضارة الخوف على الانا المنتفخة. ثقافتنا ثقافة "الكبة" و"التبولي" ولبنان الاخضر الذي صار اصفرا و"الفرقيع" واطلاق النيران ابتهاجا وحزنا، ثقافتنا ثقافة القوي، هي ثقافة الالغاء، وديمقراطيتنا ديمقراطية الديوك التي يعتاش الكثير منها على صفقات النفايات.
"هيدا جونا وهيدا نحنا"، وعلى امل الاستفاقة والتغيير ننام، علنا نحلم بوطن يشبه آمالنا وكوكب افضل. نتغيّر علنا نغيّر فنزرع في اولادنا ثقافة مختلفة تجعل من لبنان بلدا افضل ومن العالم كوكبا احلى.
 

  • شارك الخبر