hit counter script

مقالات مختارة - عدنان الحاج

تراجعات بالجملة للقطاعات من الصناعة إلى الزراعة

الإثنين ١٥ تموز ٢٠١٦ - 06:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

لم تشهد القطاعات الاقتصادية والمالية مرحلة شبيهة بالتي تمرّ بها اليوم، من حيث تراجع المؤشرات وأداء غالبية القطاعات التي تؤثر في النمو الاقتصادي في البلاد التي تعيش مرحلة جمود بفعل تراكم المؤثرات الإقليمية والداخلية على حد سواء.
فبين حوالي 35 مؤشراً اقتصادياً ومالياً فإن تكوّن النشاط الاقتصادي في لبنان هناك ثلاثة أو اربعة مؤشرات تحركت خلال الشهر والأسابيع القليلة الماضية نتيجة حال الركود والحذر المسيطرة على المنطقة. المؤشر السياسي في الوقت الحاضر يتعلق بتراجع موجودات مصرف لبنان الخارجية حوالي 825 مليون دولار نتيجة الاستيراد من دون وجود ضغوط على السوق النقدية وسوق القطع في لبنان.
هذا على الرغم من تراجع قيمة المستوردات النفطية لكهرباء لبنان بأكثر من 50 في المئة خلال سنة تقريباً بفعل تراجع أسعار النفط في الخارج، وبالتالي تراجع قيمة الفاتورة النفطية الخاصة باستهلاك الكهرباء والسوق المحلي من جهة أخرى، حيث تقدر الفاتورة النفطية قبل التخفيض بأكثر من 4 مليارات دولار للسوق المحلي.
1ـ فبالنسبة لموضوع القطاع المصرفي فإن نمو الودائع خلال الفترة من العام الحالي تراجعت حوالي 33.6 في المئة، حيث زادت الودائع حوالي 2.3 مليار دولار مقابل حوالي 3.466 مليارات دولار للفترة ذاتها من السنة الماضية (خلال حوالي 6 أشهر). حتى نمو الموجودات تراجع 0.5 في المئة مقارنة مع العام الماضي. في المقابل كان نمو التسليفات كبيراً خلال النصف الأول من السنة حيث بلغت حوالي 1270 مليون دولار مقابل حوالي 470 مليون دولار للفترة ذاتها من العام الماضي. بمعنى آخر، إن تردي الظروف الاقتصادية زاد من حجم التسليفات إلى القطاعات الاقتصادية والأفراد في محاولة لتحريك الجمود بشكل عام على غالبية القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية بشكل أقل عن طريق الحوافز التي يقدّمها مصرف لبنان بالفوائد المدعومة والقروض المسهلة عبر المصارف.
وينسحب هذا الكلام على الصادرات الصناعية التي تراجعت حوالي 150 مليون دولار في النصف الأول، بما نسبته حوالي 14 في المئة، كذلك الصادرات الزراعية التي بلغت حوالي 88 مليون دولار بتراجع 8 ملايين دولار تقريباً. بمعنى آخر، فإن التسليفات التي تشكل القسم الأكبر من حركة القطاعات خلال فترة الركود زادت حوالي 2.4 في المئة مقابل حوالي 0.9 في المئة للسنة الماضية. بمعنى آخر، فإن نمو التسليفات بلغ هذه السنة لمختلف القطاعات حوالي 176 في المئة ولم تتحرك القطاعات، كما يجب للحدّ من عملية الجمود المسيطرة على القطاعات بشكل عام.
2ـ أما بالنسبة إلى النشاط السياحي الذي يساهم في نمو الناتج المحلي مع التحويلات والاستثمارات الخارجية وحركة الرساميل الوافدة. فقد سجلت الحركة السياحية نمواً بسيطاً بنسبة 5.2 في المئة تبعاً لحركة السفر إلى لبنان معظمهم من اللبنانيين الوافدين خلال فترة العطل مع غياب كبير للوافدين العرب والأجانب الذين يشكّلون أساس القطاع السياحي والأكثر إنفاقاً.
أما حركة الرساميل الوافدة والتحويلات فقد بلغت حوالي 4.9 مليارات دولار مقابل حوالي 5.3 مليارات دولار للفترة ذاتها من العام الماضي، أي بتراجع قدره حوالي 6 في المئة. وهي كانت تزيد ما بين 10 و8 في المئة سنوياً، هذه المقارنة مع العام الماضي الذي كان عاماً سيئاً من حيث النتائج مقارنة مع الأعوام السابقة.
3ـ المؤشر الأبرز في هذا المجال يتعلق بميزان المدفوعات الذي سجل عجزاً قياسياً بلغ حوالي 1761 مليون دولار مقابل حوالي 525 مليون دولار للفترة ذاتها من العام 2015 ، أي بنمو ملحوظ بلغ حوالي 235 في المئة. وهذه نسبة قياسية مقارنة مع السنوات الماضية التي سجلت عجوزات متراكمة وبمعدلات كبيرة. هذا العجز جاء نتيجة ارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة حوالي 16 في المئة والذي بلغ حوالي 6754 مليون دولار خلال أقل من ستة أشهر مقابل حوالي 5827 مليون دولار للفترة ذاتها من العام 2015 . هذا رغم تأثير أوضاع الطرقات البرية والوضع في سوريا على حركة الصادرات الصناعية والزراعية التي تأثرت بشكل كبير ومتفاوت منذ الأزمة الأمنية في المنطقة وتراجع إقبال الأسواق على المنتجات المحلية.
يُضاف إلى ذلك انعكاس تراجع الصادرات اللبنانية بشكل عام مما زاد العجز في ميزان المدفوعات، انطلاقاً من تراجع التحويلات من الخارج بما فيها تراجع نمو الودائع المصرفية.
4ـ بالنسبة لقطاع العقارات، وعلى الرغم من تحسن حركة طلب رخص البناء بحوالي 9.3 في المئة مقارنة بالعام الماضي، فإن المبيعات العقارية التي تعاني من الجمود المرحلي مع تغير الطلب نحو العقارات المتوسطة والصغيرة، فقد تحسّنت قيمة المبيعات بنسبة 15 في المئة خلال النصف الأول3347 مليون دولار مقابل حوالي 2910 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية.
5ـ ثلاثة مؤشرات تغيّرت خلال هذه الفترة. الاول يتعلق بتحسن حركة البضائع من مرفأ بيروت التي بلغت حوالي 4432 طناً، مقابل حوالي 3924 طناً للفترة ذاتها من العام الماضي، أي بتحسن نسبته حوالي 12.9 في المئة. كذلك زاد عدد المسافرين في مطار بيروت حوالي 5.2 في المئة ليبلغ حوالي 3272 مسافراً مقابل حوالي 3112 مسافراً للفترة ذاتها من العام الماضي.
في هذا الوقت يغيب الحد الأدنى من الحوار الاقتصادي والاجتماعية عن طاولة واهتمامات القوى السياسية والحكومية، والغياب المترافق مع أسوأ مرحلة، من حيث النتائج الاقتصادية والاجتماعية من جهة، ومن حيث تراجع النشاط في أوسع مروحة من القطاعات مما يُذكّر بأجواء سلبية لم يشهدها لبنان حتى في انقسامات الحروب والانقسامات السابقة، لجهة فقدان فرص العمل وانخفاض التواصل التجاري بين لبنان والخارج ونمو البطالة بأكثر من 8 إلى 10 في المئة خلال الفترة الأخيرة (سنتين) نتيجة تراجع فرص العمل في الداخل من جهة، وإقفال أو تقلص الفرص في دول الخليج ودول المنطقة نتيجة تراجع أسعار النفط والوضع الأمني المهزوز والمتردي في المنطقة عموماً، والتي بدأت فعلياً تلقي بثقلها على القطاعات اللبنانية نتيجة تفشي الفراغ على مستوى الرئاسة والمؤسسات الرسمية والمختلطة من جهة ثانية من دون بروز الحد الأدنى من المعالجات في غياب القرار الموحد حول القضايا الملحة التي تنذر بتمدّد بساط الخلافات والانقسامات الداخلية.
هذا من دون التوقف عند أرقام نمو المديونية العامة بأكثر بأكثر من خمسة في المئة خلال الأشهر الماضية لتتخطّى أرقام الدين حوالي 72 مليار دولار مقابل حوالي 69.5 مليار دولار للعام الماضي. ناهيك عن عجز الموازنة الذي زاد عن 1500 مليون دولار بنمو نصف سنوي بحوالي 35 في المئة.
 

  • شارك الخبر