hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - دوللي بشعلاني - الديار

خطة اقليمية شاملة لاحباط الاعتداءات الارهابية؟

الأحد ١٥ تموز ٢٠١٦ - 06:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار
لا يلبث الإرهاب أن يتنقّل من دولة الى أخرى من لبنان الى فرنسا فبلجيكا ثم تركيا، من دون أن تنفع كلّ الخطط الأمنية لتلافي حصول الاعتداءات ووقوع الضحايا الأبرياء. كما لا نجد أنّ حالات الطوارىء التي تعتمدها الدول المستهدفة بعد وقوع هجوم إرهابي ما تؤدّي المهام المطلوبة منها، إذ انّ هذه الحالة فرنسا تعتمدها، على سبيل المثال، منذ عدّة أشهر الأمر الذي لم يمنع حصول اعتداء نيس.
ويتمكّن الإرهابيون، مع الأسف، من تنفيذ سلسلة الاعتداءات في فترات زمنية متقاربة، إذ لا يلبث العالم ينام على اعتداء في دولة ما ويصحو على آخر في دولة أخرى، الأمر الذي يُظهر مدى استمرار القوة التكفيرية وقدرتها على تجنيد الشبّان المستعدّين لتفجير أنفسهم أو الانتحار في نهاية الاعتداء.
فما تشهده دول المنطقة وبعض الدول الأوروبية، يستلزم بحسب أوساط ديبلوماسية مطلعة التوافق على خطة إقليمية ودولية شاملة لإحباط مخططات الإرهابيين الذين لم تتمكّن أي دولة تدخّلت عسكرياً في سوريا والعراق حتى الآن، من القضاء عليهم رغم كلّ الضربات الجوية التي نفّذتها ضدهم وعلى مواقعهم.
وعلى هذه الخطة، بحسب رأيها، أن تشمل كلّ دول الجوار السوري التي تعاني من النزوح ومن الإرهاب، ومن بينها لبنان الذي لم يعد يستطيع تحمّل المزيد من الأعباء الملقاة على عاتقه. كما يجب أن تقرّ خطة دفاع ومواجهة شاملة، تضمّ إغلاق الحدود بين بعض الدول، وتشديد الرقابة على المطارات والمرافىء والموانىء وما الى ذلك. على أنّ يكون الهدف الرئيس من هذه الخطة الحدّ من المخططات الإرهابية وإحباط أكبر عدد منها، وإلقاء القبض على كلّ المطلوبين أو المشتبه في انضمامهم الى التنظيمات الإرهابية، الى أي بلدٍ انتموا.
فحالة الطوارىء لا بدّ وأن تشمل دول المنطقة كافة، كما الدول الأوروبية، على أن تترافق مع وعي القوى الأمنية وسرعة تصرّفها، وكذلك المواطنون الذين يجب أن يبلّغوا فوراً عن كلّ ما يشكّون فيه من قريب أو بعيد، وذلك لحماية أنفسهم أولاً من أي اعتداء إرهابي قد يتعرّضون له أينما كانوا. كما على الدول أن تتشدّد مع كلّ أصحاب السوابق، والذين نفّذوا عمليات إرهابية، أو سُجنوا واعتقلوا ثمّ تمّ إطلاق سراحهم، ولا سيما أنّ التحقيقات غالباً ما أظهرت أنّ المعتدين والهجوميين لديهم ملفات إجرامية سابقة.
ويقف لبنان وسط هذه المعمعة من الحرب التكفيرية الإرهابية ضدّ كلّ من لا يوافق آراءهم ومعتقداتهم، وتتعرّض بلدة عرسال البقاعية وجرودها، فضلاً عن المناطق الحدودية كافة على طول الخط من البقاع الى الشمال، لتهديدات من قبل «داعش» و«جبهة النصرة» يتمكّن الجيش والأجهزة الأمنية من مواجهتها والردّ عليها. غير أنّ بقاء الإرهابيين في مواقعهم لا ينفكّ يمثّل خطراً فعلياً وجديّاً على المناطق وأبنائها، وإن كان هؤلاء لا يخشون منهم، وهم جاهزون للدفاع عن أنفسهم في مطلق الأحوال.
وتشبّه الأوساط نفسها وجود الإرهابيين في البقاع والشمال والمعلومات عن تمدّدهم على طول السلسلة الشرقية نحو الجنوب بوجود إسرائيل كخطر قائم على حدود لبنان الجنوبية. ولعلّ هذا ما أرادته الدول الداعمة للإرهاب لإبقاء الخطر مسيطراً على هذا البلد، كما التوتّر الأمني والقلق لدى المواطنين، لكي يبقى ضعيفاً وبحاجة الى التفاتة الدول الكبرى نحوه. وفي الوقت نفسه، لإظهار عدم قدرة «حزب الله» على حمايته من شماله الى جنوبه، لا سيما أنّ التكفيريين يستغلّون بعض الثغر لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية في إحدى مناطقه.
ويبدو واضحاً أنّ لبنان، على ما أوضحت الأوساط، يتعاطى مع مشكلة الإرهاب بمفرده حتى الآن، فرغم كلّ المطالبات التي يقوم بها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من موفدي دول الخارج بمساعدته لمكافحة الإرهاب، لا نحصل منهم سوى على الدعم المعنوي. فأي دولة لم تُقدّم أي دعم عسكري للجيش اللبناني الذي يتعرّض للاعتداء عليه من قبل الإرهابيين، علماً أنّها تتحدّث عن نيّتها بتقديم المساعدات له.
وإن كان تسليح الجيش اللبناني، أمر ضروري وهو لا يحصل سوى بالقطّارة، وتقوم الولايات المتحدة الأميركية بتقديم بعض المعدّات العسكرية له من فترة الى أخرى، إلاّ أنّه ليس كافياً للتصدّي للتكفيريين الذين وسّعوا دائرة إرهابهم لكيلا تبقى محصورة فقط في عرسال وجرودها بل تمتدّ الى المناطق المجاورة. وقد شهدنا تفجيرات القاع ومحاولة هؤلاء إحداث خرق ما بهدف التسلّل الى مناطق أخرى داخلية، ومحاولة تهجير أبناء البلدة، غير أنّ ذلك لا يُمكن أن يقوم به أبناء القاع الذين استبسلوا للدفاع عن بلدتهم، وأظهروا شجاعة فائقة في إلقاء القبض على الإرهابيين الذين فجّروا أنفسهم.
وحتى في عرسال نفسها يحاول عناصر «داعش» و«جبهة النصرة» اليوم أن يُظهروا للدولة اللبنانية، كما للعالم، أنّهم يتحكّمون بأمر البلدة وجرودها رغم وجود الجيش اللبناني فيها، وقد وضعوا لهذه الغاية، اللائحة الثانية من أبناء البلدة الذين تودّ تصفيتهم أو اغتيالهم كونهم يُعارضون وجودهم، والتي ضمّت نحو 16 اسماً من بينها اسم رئيس بلدية عرسال الحالي باسل الحجيري وبعض المخاتير. علماً أنّ اللائحة الأولى قد قاموا بوضعها في وقت سابق وضمّت نحو 70 اسماً فرّوا بغالبيتهم الى خارج البلدة خوفاً على أرواحهم. الأمر الذي يستوجب تحرّكاً جديّاً من قبل الجيش لوقف مثل هذه التهديدات، وللتأكيد للإرهابيين مرّة جديدة أنّ «الأمر للجيش» في المناطق اللبنانية وليس لأي أحد آخر.
وتجدر الإشارة هنا الى أنّ أسبوعاً يفصلنا عن آب وعن الذكرى الثانية لمعركة عرسال بين الجيش اللبناني والتنظيمات الإرهابية التي لو استُكملت لما بقيت هذه الأخيرة رابضة في أرضنا وتقوم بتهديد أبنائنا، على ما شدّدت الاوساط، من دون أن ننسى العسكريين المختطفين التسعة الذين لا تزال «داعش» تحتجزهم ولا تعطي أي معلومات عنهم، وترفض حتى التفاوض من أجل إطلاق سراحهم، على غرار ما حصل مع العسكريين الذين كانوا في عهدة «جبهة النصرة».
وتجد الأوساط نفسها أنّ بقاء هؤلاء العسكريين في قبضة «داعش» هو الذي يعيق الجيش اللبناني عن تنفيذ عملية تطهير نهائية في عرسال وجرودها، كما في مخيمات النازحين السوريين فيها. علماً أنّ المطلوب اليوم حسم الأمر من خلال معركة فعلية تُنهي الخطر القائم في البلدة البقاعية والذي بدأ يتمدّد الى المناطق المجاورة شيئاً فشيئاً.

  • شارك الخبر