hit counter script

أخبار محليّة

الراعي من العبادية: الفساد العارم وسرقة المال العام لم يعودا يطاقان

السبت ١٥ تموز ٢٠١٦ - 18:53

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بعد ظهر اليوم، العبادية وقتالة، في جولة راعوية يختتمها مساء في رأس الحرف، ويرافقه فيها راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر، أمين سر البطريرك الخوري ايلي خوري ومدير المكتب الاعلامي المحامي وليد غياض.

بدأ الراعي جولته في العبادية التي وصل إليها عند الثانية من بعد الظهر، وقد رفعت في أحيائها صور كبيرة له، وكان في استقباله الأمين العام ل"حزب الوطنيين الاحرار" الياس ابو عاصي، رئيس بلدية العبادية عادل نجد وفاعليات البلدة.

ودخل البطريرك الماروني إلى كنيسة مار الياس، يرافقه كاهن الرعية الخوري ادمون ابو خليل. وألقى المطران مطر كلمة رحب فيها بالراعي قائلا له: "أهل البلدة كلهم، الموارنة والأرثوذكس والدروز يرحبون بغبطتكم، فهذه البلدة لها مركز خاص في الأبرشية لأنها عامرة بأهلها وهي تعمل من أجل الوحدة والسلام. نشكركم على هذه الالتفاته الأبوية، وندعو لكم ان يرعاكم الله لتقودوا سفينة الوطن الى شاطىء الامان في ما نتطلع اليه جميعنا".

وكانت كلمة للراعي شكر فيها لمطر ترتيب الزيارة، لافتا الى انها المرة الأولى التي يزور فيها البلدة "ولا سيما ان الزيارة جاءت لمناسبة عيد مار الياس الذي نلتمس منه الحماية وفيض النعم الالهية وقول الحق والدفاع عنه". وهنأ المجلس البلدي الجديد في البلدة، وقال: "باستطاعتنا اجراء الانتخابات النيابية وممارسة الديموقراطية والحفاظ عليها وما الانتخابات البلدية سوى الدليل على ذلك".

وتابع: "هذه الزيارة الراعوية واجب قانوني، على البطريرك ان يقوم بزيارة الابرشيات كل خمس سنوات، بمحبة كبيرة وفرح نقوم بهذه الزيارات في الداخل والخارج لنتعرف الى ابنائنا المؤمنين ونؤكد لهم انهم في قلبنا وفي صلاتنا. همومكم يحملها المطران الينا كدلالة على اننا جسم واحد متكامل رأسه يسوع المسيح والرباط الذي يجمعنا هو الروح القدس".

أضاف: "أزوركم اليوم تحت شعار خدمتي "شركة ومحبة" شركة في الله والاتحاد معه بصلاتنا ومن خلال الاسرار ولكن الملاحظ ان هذه العلاقة مع الله تشهد تغييرا للاسف، لذلك كان عزيزا على قلبي القيام بهذا العمل الراعوي التشديد على أهمية الارتباط بالله. لبنان بحاجة الى هذا الرباط، الخلافات والنزاعات فيه ادت الى الفراغ الرئاسي لان لا وحدة ونحن يجب الا نعيش في الخلافات بل بالوحدة والتكامل والتضامن، وما من وحدة نبنيها مع بعضنا من دون المحبة. بلدة العبادية متميزة بتعدد طوائفها وهنا لا بد من أن أشيد بزيارة سيدنا البطريرك (مار نصرالله بطرس) صفير منذ 15 سنة في اطار مصالحة الجبل ونحن نؤكد متابعة هذه المصالحة لكي تشمل كل الفئات".

وفي الختام، قدمت الرعية هدية تذكارية للراعي الذي توجه وسط الزغاريد والترانيم الى قاعة الكنيسة حيث التقى الاهالي.

بعد ذلك توجه الراعي إلى قاعة البلدة، حيث التقى أبناء العبادية من طائفة الموحدين الدروز. وكان في استقباله ممثل شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن الشيخ غاندي مكاري، ممثل رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط هادي ابو الحسن، النائب حكمت ديب، النائب آلان عون، ممثل النائب طلال ارسلان نجله مجيد ارسلان، رئيس البلدية عادل نجد، عضو المجلس المذهبي الدرزي الشيخ عماد فرج، رئيس اتحاد بلديات المتن الأعلى مروان صالحة، فاعليات سياسية وعسكرية ودينية وعدد من مشايخ البلدة والمنطقة والاهالي.

وقد رحب مقدم الحفل مروان النمر بالراعي والوفد المرافق، معددا مزايا البلدة "النموذجية". وقال: "يؤمن أبناء العبادية، في خضم موجة الارهاب التي تجتاح منطقتنا، ان صخرة الحياة لن تقوى عليها شياطين العالم، واننا اما ان نكون معا كجناحي طائر الفينيق او لا نكون، بمنطق الموروث الثقافي الحضاري لا بمنطق الثنائيات والاقليات".

ثم ألقى رئيس بلدية العبادية عادل نجد كلمة شدد فيها على أهمية زيارة البطريرك الماروني الى البلدة. وتوجه له بالقول: "بعد 9 عقود من الزمن على زيارة البطريرك مار انطونيوس بطرس عريضة، نعلن من العبادية، ونؤكد شراكتنا الكاملة الثابتة الدائمة معكم ومع رعيتكم. ان بلدتنا المتواضعة يا صاحب الغبطة تعايشت في ما بينها منذ بداية التاريخ كعائلة واحدة، ورغم الصعاب التي مر بها الوطن، وبعد المصالحة التاريخية، عاد الأبناء الى ربوعهم".

أضاف: "لقد دأب أبناء هذه البلدة، بعد نهاية الحرب، على تسهيل عودة اخوتهم. ولا زالوا بانتظار اكتمال هذه العودة افرادا ومؤسسات. وكنا نأمل من بعض الذين ولاهم الشعب ليتولوا مساعدته ان يكون لهم دور أكبر ومساهمة عملية في الوقوف على حاجات القرى التي لا زالت تعاني آثار الحرب. نشكركم على زيارتكم الكريمة".

وألقى الشيخ عماد فرج، كلمة مشايخ الموحدين الدروز وأهالي البلدة، فرحب بالحضور، خاصا بالذكر البطريرك الماروني والمطران بولس مطر. ونوه بالزيارة التي قام بها البطريرك انطون عريضة للبلدة العام 1936 "كدلالة على اهتمام البطريركية المارونية بالعبادية منذ القدم" وقال للراعي: "زيارتكم اليوم تضفي على بلدتنا رونقا، وتبارك وترسخ القيم التي عشناها على مر السنين. نتمنى عليكم دعوة الذين تركوا البلدة قسرا ان يعودوا اليها لأنها بحاجة لوجودهم".

وتابع مؤكدا للراعي ان "لقاء المصالحة التاريخي بين البطريرك مار نصرالله بطرس صفير والنائب وليد جنبلاط، سيبقى محطة مضيئة في تاريخنا المعاصر، وانتم مستمرون بهذه المصالحة". وهنأه على تعيينه عضوا في المجلس الحبري للاعلام والتواصل من قبل البابا فرنسيس كدلالة على دوركم الفاعل، والكفاءة والثقافة التي تتمتعون بهما، وتأثيركم البالغ في المنطقة وفي الكنيسة".

وختم قائلا للراعي: "يؤسفنا، بما يخص الوطن، ان جميع نداءاتكم وتمنياتكم لم تلق آذانا صاغية من بعض نواب الأمة لانتخاب رئيس. ونحن نضم صوتنا إلى صوتكم ونقول لهم: إن سكت الشعب عجزا، فالتاريخ لن يسكت ولن يرحم".

بدوره، شكر البطريرك الماروني المتكلمين، وكذلك الحضور من ممثلي أحزاب ورؤساء روحيين، ورؤساء بلديات ومخاتير ومشايخ وآباء، وفاعليات مدنية وعسكرية، واهالي البلدة

وقال: "نعم، فرحي كبير اليوم بهذا اللقاء، في بلدة التعددية في الوحدة وصورة لبنان الحقيقية، انها أرض معطاء، تعرفنا إلى تاريخها الجميل ونتمنى ان تبقى ارض عبادة وتلاق. هذا ما نحن بحاجة اليه اليوم في بلدان الشرق، ولكن للبنان دور اساسي أكبر من غيره. تنوعنا نعيشه في هذه اللحظة، ليس من الناحية الدينية فحسب، بل من الناحية السياسية أيضا مع وجود كل أطياف المجتمع بيننا".

أضاف: "الشرق ممزق وهم يريدون من ذلك ان يقولوا انه لا يمكن للناس ان تتعايش. نحن نأسف للحرب المدمرة في سوريا والعراق واليمن، ولكن لبنان مدعو لكي يلعب دور الرسالة بهذا الشرق، لهذا يقتضي علينا المحافظة على هذا التنوع، كما انتم فاعلون. معكم نجدد قولنا من أجل حماية هذه التعددية لكي يكون عندنا رئيس للجمهورية، فالبلد من دونه كقصر من دون أبواب مشرع للسرقة والنهب".

وأردف قائلا: "كلنا نرى ان الاعتداء على خزينة الدولة يتزايد، ويتزايد معه فقر الشعب، ما دفع الكثير إلى الهجرة. وحفاظا على البلد والتنوع، نطالب السياسيين بانتخاب رئيس ليستمر لبنان كصاحب رسالة".

ووجه نداء إلى أبناء العبادية "ليعودوا إلى أرضهم الطيبة، فالقرية هي المدرسة التي تساعدنا على الحفاظ على طهارة ونقاوة شعبنا. من هنا أوجه نداء للبنانيين ان يحافظوا على أرضهم وممتلكاتهم ولا يبيعونها، الأنظمة السياسية تتغير وكل شيء يتغير ولكن مالك الأرض سيدها. حافظوا على ارضكم رغم كل الصعاب، ورغم وجود اخوة نازحين عددهم يغرق الشعب اللبناني، ولكن أؤكد لكم ان هناك علامات دولية تشير الى ان لبنان يبقى اللؤلؤة، لذلك يجب المحافظة على مؤسساته وشعبه وتراثه".

وختم مشددا على انه مهما تآمرت السياسات ومهما استعمل الحديد والنار، فلبنان سيواجه هذه التحديات ويبرهن انه قادر على تجاوزها".

وقدم رئيس واعضاء البلدية درعا تكريمية للراعي الذي بارك الحشود.

بعد ذلك زار كنيسة مار جرجس للروم الأرثوذكس، حيث استقبله كاهن الرعية الخوري متى السيقلي وابناء الرعية.

وبعد رفع الترانيم البيزنطية، رحب السيقلي بالراعي، معربا عن تقديره لهذه الزيارة، وقال له: "أهلا وسهلا بالأب الكنيسي لأنه أثبت انه لا يتفقد خراف كنيسته فقط وانما كل المؤمنين". وتمنى ان تتكرر هذه الزيارة.

ورد الراعي قائلا: "كنيسة مار جرجس هي كنيستنا أيضا، ونحن نلتمس شفاعته بفيض الخير والنعم على العبادية". وحيا بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي والمطران جورج خضر، ثم تسلم هدية تذكارية من كاهن الرعية.

ثم زار الراعي كنيسة مار يوحنا المعمدان، حيث استقبله كاهن الرعية ادمون ابو خليل، الذي رحب به وبالوفد، معتبرا ان الزيارة "تثبت الايمان بيسوع المسيح، والبقاء قلبا واحدا في أصالتنا. وقال له: "اليوم أنتم خليفة البطاركة، تحملون المحبة والعطف، ونؤكد شراكتنا مع الكنيسة كلها".

بدوره أشار الراعي إلى ان لهذه الجولة "أبعادا روحية ثقافية"، فهي "تندرح في إطار احتفالين: الأول، اليوبيل الفضي للمطران بولس مطر، والثاني مرور 15 سنة على مصالحة الجبل، مناسبتا فرح نعيشهما اليوم ونتجاوز من خلالهما الهموم والمشاكل التي نعيشها".

وقال: "تاريخنا غني بصعوباته ولكن شعبنا صمد في هذا الجبل، واستطاع بناء وطن نفتخر به. في العالم العربي، لبنان واحة رجاء ينظر اليه الجميع ويتنفسون به الحرية. الصعوبات التي نمر بها تقتضي منا التكاتف والتعاون للصمود أمام العاصفة التي لا بد ان تنتهي، تعبنا بالنتائج سنة 1948 وللأسف ننال اليوم نتائج ما يدور في هذا الشرق".

وختم بالقول: "نصلي على نية الكتل السياسية والنيابية، ليصلوا إلى تفاهم يؤدي إلى انتخاب رئيس للبلاد، لأن الفساد العارم لم يعد يطاق، وكذلك سرقة المال العام".

بعدها زار كنيسة مار بطرس، حيث كانت كلمة للمطران مطر نوه فيها بجهود ابناء البلدة "وسعيهم لتثبيت العيش المشترك". ووجه تحية لأبناء الرعية، داعيا إياهم إلى "تثبيت إيمانهم بربهم وببعضهم". وقال: "لبنان مريض ونحن من علينا ان نعالجه، لأننا مسؤولون".

بعد ذلك توجه الراعي إلى قتالة.

ومن العبادية انتقل الراعي إلى قتالة، حيث أقيم له استقبال شعبي حاشد وسط عزف لفرقة كشافة الأرز، ودخل الى قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان التي هي قيد الإنشاء، ليمنح البركة للمؤمنين والحضور من فاعليات رسمية وإجتماعية.

وألقى المختار طوني أبو حيدر كلمة ترحيبية نوه فيها ب"الزيارة الأولى في تاريخ البلدة لبطريرك ماروني، والتي جاءت اليوم لتؤكد وجودنا المسيحي في هذه المنطقة، وتزرع الأمل والرجاء".

وسأل أبو حيدر الراعي "الدعم والبركة لإستكمال بناء الكنيسة"، شاكرا المطران مطر على اهتمامه بأبناء الرعية، وسأله العمل على "تعزيز الوجود المسيحي في قرى الجبل".

ثم ألقى كاهن الرعية منير عون كلمة أكد فيها "أن البلدة خالية من المشاكل ولا ينقصها الا الدعم لتشجيع أبنائها على العودة اليها". وقدم للراعي كتابا عن الفن الأيقوني.

ثم تحدث الراعي فثمن جهود المطران مطر لمساعدة أبناء رعيته على البقاء في الجبل والإهتمام بهم، وقال "قتالة بلدة صغيرة لكنها كبيرة بشعبها الذي بإيمانه أعاد إعمار بيوته".

ودعا أبناء البلدة إلى الحفاظ على أرضهم "لأن المستقبل واعد رغم الظروف الصعبة". وأكد "أهمية التعاون مع الكنيسة والمسؤولين للحفاظ على بلدنا". وشكر فوج كشافة الأرز على مرافقته وعزفه الأناشيد الترحيبية، آملا أن "تبقى هذه الأرض الطيبة علامة أمل ورجاء لأبنائها، لأنه ليس صدفة أن تتخذ منها مطرانية ببيروت مركزا لإستقرارها".

ويزور الراعي بعد ذلك رأس الحرف حيث يترأس قداسا في كنيسة السيدة، ثم يستقبل أهالي البلدة، ويلي ذلك عشاء في قاعة الكنيسة. وبعد محطة في دير مار الياس الكحلونية للرهبانية البلدية، يختتم جولته عند الساعة العاشرة مساء.  

ووصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مساء اليوم، إلى بلدة رأس الحرف، المحطة الثالثة في جولة راعوية بدأها بعد الظهر من بلدة العبادية وصولا إلى قتالة.

وقد ترجل الراعي من موكبه عند مدخل البلدة وتوجه سيرا على الأقدام حتى كنيسة سيدة الانتقال، وسط استقبال رسمي وشعبي، تقدمته فرقة "المتين" الموسيقية والكشافة المسيحية والحركات الكشفية والرسولية والاخويات، ورفعت الاعلام البطريركية واللبنانية وصور الراعي وحرق البخور، ليترأس بعدها الراعي قداسا.

وقبيل الاحتفال بالذبيحة الالهية في كنيسة البلدة، القى رئيس بلدية رأس الحرف طوني الاسمر كلمة قال فيها: "حيث يكون غبطة البطريرك الماروني يتجلى الشرق بأجمعه، مصغيا ومتأملا بهذا الحضور. نفتخر بكم لانكم على كرسيكم تحملون امان الكنيسة والارث الوطني دون ان تنسوا المشرقية".

أضاف "من ينكر ان البطريركية شاءت لبنان الكبير متعدد الطوائف وجعلته رسالة للشرق والعالم. انتم يا صاحب الغبطة هذا الجبل الاشم وقمم الشرق المطلة على الحضارة، تصرخون بوجه الرياح العاصفة بالكراهية لتعيدوا الحق لاهله. قلوبنا عاجزة من الاحاطة بالفرحة، التي تغمرنا بحضوركم بيننا، في هذه البلدة نفتح بيوتنا ال 450 لكم انتم يا صاحب الدار لتكتبوا صفحة من تاريخ ضيعتنا المجيدة، وننحني امامكم مقدمين الطاعة، فوجودكم بيننا تكرار لعرس الخلاص".

بعدها، ترأس الراعي الذبيحة الالهية يعاونه المطران بولس مطر، في حضور عدد من نواب المنطقة وفاعليات سياسية وعسكرية ودبلوماسية واجتماعية ورؤساء بلديات ومخاتير من المنطقة ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات وحشد من المؤمنين من البلدة والبلدات المجاورة.

وبعد قراءة الانجيل القى الراعي عظة، قال فيها: "الزرع الجيد هم أبناء الملكوت. القديس شربل الذي نحيي عيده اليوم، هو هذا الزرع الجيد، الذي تكلم عنه الانجيل، لقد زرعه الله في حقل الكنيسة والرهبانية ولبنان تلألأ في الملكوت وفي كنيسة الارض والسماء، ونحن بمعمودية الميرون زرعنا الله في ملكوته، اي في الكنيسة".

أضاف إن "لبنان بقديسيه وشعبه ونظامه ورسالته هو زرع جيد في هذه المنطقة المشرقية، ونحن اليوم نصلي مستشفعين سيدة الانتقال ومار شربل لكي يحافظ كل واحد منا على كيانه فيكون الزرع الجيد حيث هو، وان نحافظ على وطننا لبنان ليظل هذا الزرع الجيد في بيئته المشرقية".

وتابع: "يسعدني ان نحتفل بالذبيحة الالهية في رأس الحرف، بعد ان بدأنا زيارتنا في العبادية حيث زرنا كنائسها الأربعة وانتقلنا الى بلدة قتالة. نشكر الرب على هذه المنطقة التي تنقت بدماء شهدائها وانطلقت من جديد، والدليل هو هذه الكنيسة الجديدة الشاهدة على ان دم الشهداء هو بذار لحياة جديدة في مجتمعنا. نقدم الذبيحة عن كل من زرناه ونصلي من أجل فيض الخير والازدهار على هذه المنطقة".

وجدد التهاني "للمطران بولس مطر على اليوبيل ال 25، ونصلي للرب ان يواصل رئاسته على الأبرشية بؤازرة كهنة الرعية"، مردفا "كما نحتفل بمرور 15 سنة على المصالحة في الجبل. نذكرها اليوم لنواصل هذه المصالحة بحيث يعود كل ابناء الجبل الى ارضهم ويعيدون الحياة الى الجبل قلب لبنان النابض".

وقال: "لقد اكشفنا هنا شعبا طيبا محبا مؤمنا، وقرأنا ذلك على وجوههم. نشكركم على استقبالكم الحار وكل الجهود التي بذلتموها، ولا سيما على محبتكم العظمى التي تشجعني كبطريرك وتقويني لأن البطريرك يقوى بمحبة شعبه. نحن فخورون بكم في هذه المنطقة، التي أعطت وجوها مشرقة على كل المستويات. لقد عشتم خبرة، الحرب المريرة دمرت بيوتكم وكنائسكم، ولكن بصلابة ايمانكم، نهضتم من جديد".

أضاف: "وبعودتنا للانجيل، فإن القديس شربل هو رزع جيد زرعه الله في بقاعكفرا فحافظ على نفسه وعاش مخلصا مؤمنا. نما بالقداسة وتلألأ اليوم والى الابد في ملكوت الاب واصبح عابرا للقارات ومعروفا في كل مكان ومكرما من كل الشعوب في القارات الخمس، من خلاله يعرف العالم لبنان، وهو مع القديسين الجدد: نعمة الله، رفقا، اسطفان، يعقوب، الاخوة المسابكيين، يذكروننا اننا ايضا مثلهم يوم اعتمدنا بالماء ومسحنا بالميرون، زرعنا كزرع جيد، وهم يدعوننا لنكون مثلهم، كما اننا مدعوون للعيش على مستواهم ولا شك انهم هم من يحمي لبنان. فلنكن على مثالهم على جوهر طبيعتنا وهويتنا فلا مكان لزؤان الشر والخطيئة والكذب في حياتنا الشخصية، ولبنان مدعو اليوم للحفاظ على قيمته على كل المستويات".

وكرر دعوته الى انتخاب رئيس للجمهورية "من جديد ومعكم نوجه الدعوة الى الجماعة السياسية والنيابية لتتحمل مسؤولياتها، وتصل الى تسوية وتفاهم للخروج من ازمة فراغ الرئاسة بالارادة الطيبة والمسؤولية الوطنية، يمكنهم اخراج البلاد من هذه الأزمة التي تعطل عمل المؤسسات والحكومة وتفتح الباب امام كل نوع من الفساد".

وختم "كلنا مدعو للتكاتف لنحمي هذا الزرع الجديد، الذي اسمه لبنان ليقوم بدوره ورسالته في هذه المنطقة من العالم. معكم نرفع صلاتنا ونسأل الرب يسوع ان يعطينا لنحافظ على طبيعة هذا الزرع الجيد، زرع الحقيقة والمحبة والسلام ونحافظ على وطننا لبنان".  

اختتم الكاردينال الماروني مار بشارة بطرس الراعي زيارته الراعوية لعدد من أبرشيات بيروت المارونية، في بلدة الكحلونية، حيث كانت محطته الأخيرة في دير مار الياس- الكحلونية، وكان في استقباله فوج "الكشافة المسيحي" وكاهن الرعية الأب انطوان حويس وعدد من الآباء والراهبات وحشد من المؤمنين من ابناء البلدة.

وبعد رفع الصلاة داخل كنيسة الدير، رحب الاب حويس بالبطريرك الراعي والوفد المرافق وقال: "انه يوبيل 250 سنة على تأسيس دير مار الياس - الكحلونية، كم هي سعيدة هذه المناسبة التي شكلت زيارتكم لهذا الدير اليوم، محطة تاريخية مشرقة له وللمنطقة".

أضاف "انتم الغيمة البيضاء التي تحمل البركات والخير، ولعلها تمطر بإعادة ترميم الدير، الذي بقي وحده مهدما من بين كل اديار المنطقة"، مؤكدا ان "هذا الدير هو ضرورة للمسيحيين، لا بل هو ضرورة وطنية في منطقتنا، حيث يتعايش فيها الجميع بسلام وامان، وعدم اعمار هذا الدير يمثل احباطا لابنائنا الموجودين والغائبين".

وختم بالقول إن زيارة الراعي هي "لترسيخ الدير وامن المنطقة وتطبيقا لشعاركم البطريركي "شركة ومحبة".

بدوره، أعرب الراعي في كلمة ألقاها عن تقديره العميق ل"محبة ابناء الرعية الذين نظموا هذا الاستقبال، ولو في ساعة متأخرة وبعد هذا النهار"، شاكرا لكهنة الدير "خدمتهم للرعايا في المنطقة".

وقال: "كما الام، هكذا هو ديركم، الذي بقي ترميمه للاخر، لقد أراد على غرار الام ان يؤمن حاجات ابنائه ويطمئن عليهم ومن ثم يهتم بنفسه. هكذا انتم سهرتم على ترميم كنائس واديار المنطقة، لانكم كما الام لا تهتمون بنفسكم، الا بعد تقديم كل ما يلزم لابنائكم، ومن المؤكد ان الدير سوف يرمم، لانني فوجئت بإعادة ترميم كنائس المنطقة، ولكنني لم افاجأ بإيمان الشعب".

أضاف "نطلب من مار الياس الحي شفيعكم ان يحميكم، ويعلمنا ان نتحرر من كل الاصنام، وان نشهر سيف الحق والحقيقة في هذا الشرق، الذي يحتاج الى حضورنا المسيحي".

بعدها توجه الراعي مع الحضور الى الدير، حيث التقى المؤمنين وقدمت له الهدايا التذكارية. 

  • شارك الخبر