hit counter script

الحدث - شارل جبور

الطائف بخطر في حالتين‎

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٦ - 06:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قد يكون اتفاق "الطائف" من الاتفاقات النادرة التي أقرت ولم تطبق منذ لحظة إقرارها بفعل الاحتلال السوري في المرحلة الأولى، و"حزب الله" في المرحلة الثانية، وعلى رغم ذلك كان الاتجاه وما زال إلى الدعوة لتطبيقه باعتبار ان خلاف ذلك يدخل لبنان في المجهول في ظل غياب الظروف الخارجية والداخلية المواتية لإقرار اتفاق جديد.
ولا يخفى على أحد ان اتفاق "الطائف" لا يجسد تطلعات "حزب الله" الذي يريد انتزاع التعديلات التي تعترف بسلاحه وتمنحه حق الفيتو والمزيد من الصلاحيات التنفيذية، ولكنه لا يدفع بهذا الاتجاه طالما ان أهدافه الاستراتيجية غير مهددة من إمساكه بالسلاح إلى قتاله في سوريا.
ولكن على رغم ذلك يبحث "حزب الله" عن الضمانات الدستورية التي لا تتبدل مبدئيا مع تبدل الظروف وموازين القوى، والتي تستبق اي تطورات مرتقبة ومحتملة، ومن هذا المنطلق جاءت الدعوة إلى مؤتمر تأسيسي قبل ان تسحب من التداول.
ولا يفترض استبعاد احتمال العودة إلى هذا المؤتمر من أي باب، خصوصا ان "حزب الله" يدرك حجم التحديات التي يواجهها والتي تبدأ مع سوريا والسعودية ولا تنتهي مع أميركا وإسرائيل، وبالتالي سيلتقط اللحظة المناسبة لإعادة الاعتبار للطرح التأسيسي.
وفي هذا السياق يبدي الدكتور سمير جعجع خشيته من استكمال الانقلاب على اتفاق الطائف في حالتين:
الحالة الأولى تتمثل بمحاولة التمديد لمجلس النواب مجددا والتي ستواجه بمعارضة شعبية عفوية واسعة او منظمة، حيث سيصار إلى استغلال التحركات الشعبية ودفع البلاد للفوضى من أجل تبرير الدعوة إلى مؤتمر تأسيسي، وذلك بحجة ان المنطق التمديدي دل بان النظام القائم لم يعد قابلا للحياة. فالتمديد يقدم "الطائف" على طبق من ذهب لمن يريد الإطاحة به ويتحين اللحظة المواتية لهذه الخطوة.
الحالة الثانية تتمثل بالذهاب إلى انتخابات نيابية قبل الرئاسية في ظل تعذر التمديد مجددا، الأمر الذي سيؤدي إلى تعميق الفراغ لجهة وجود مجلس نواب منتخب، إنما عاجز عن القيام بدوره لناحية إنتاج السلطة إن بانتخاب رئيس جديد للجمهورية أو تكليف رئيس حكومة وتأليف الحكومة، وهذا الوضع سيدخل لبنان بمزيد من الفوضى الدستورية والأزمات الوطنية المفتوحة، ما يشكل أرضا خصبة للدعوات إلى تغيير النظام السياسي.
فكل المناخات تؤشر إلى ان "حزب الله" اقترب من تحقيق أهدافه، وانه وضع الاستحقاق النيابي المقبل كسقف زمني ومحطة للولوج منها إلى المؤتمر التأسيسي، فيما إقفال الطريق أمام محاولة من هذا النوع يكون بإنهاء الفراغ الرئاسي، وخلاف ذلك يعني ان كل الاحتمالات واردة بدءا من تحريك الحزب للوضع الشعبي-السياسي من أجل خلق أمر واقع جديد بحجة رفض التمديد، وصولا إلى دخول البلاد بعد الانتخابات في وضع دستوري غير مسبوق سيقود عاجلا أم آجلا إلى فتح الورشة الدستورية-التأسيسية.
وإذا كان ثمة من يعتبر ان هذا الكلام ينم عن تضخيم، فإنه من الأولى عدم الاستخفاف بخطورة التطورات المرتقبة والسعي الجاد لتجنب الوصول إليها عن طريق إنهاء الفراغ الرئاسي قبل الاستحقاق النيابي، وخلاف ذلك سيكون لبنان أمام مرحلة جديدة، ومن يعتقد ان بإمكانه الهروب من الانتخابات عبر التمديد فهو مخطئ، لأن التمديد سيسرِّع بالسيناريو المرسوم ويُدخل لبنان في المرحلة التأسيسية على وقع حراك الشارع الذي قدّم العام الفائت بروفا ناجحة بقدرته على هز الاستقرار والتي تم تعليقها بانتظار الوقت المناسب.

  • شارك الخبر