hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ابراهيم ناصرالدين

«مقايضة» المستقبل «ما بتمشي» عند حزب الله... تفاهمات لا ضمانات للحريري في «السلة»

الخميس ١٥ تموز ٢٠١٦ - 06:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

قبل نحو اسبوعين من الجولة المقبلة من الحوار المحددة بثلاثة ايام في عين التينة ابتداء من الثاني من آب المقبل، لا يتوفر مناخ يبعث على الامل في تسوية رئاسية تسمح في انضاج «سلة» سياسية متكاملة، المناخ الاقليمي غير ناضج، وكذلك الظروف الداخلية، تيار المستقبل منقسم على نفسه، الفريق الباحث عن مخارج يقوم بمحاولات «جس نبض « تجاه حزب الله تحمل مقاربات بعيدة عن الواقع وغير قابلة للنجاح، «التيار الازرق» يبحث عن مقايضة غير منطقية عنوانها «السلطة المطلقة» مقابل عون رئيسا..»بس هيك مش ماشي الحال» ولذلك لا تسوية في الافق ما لم تتغير هذه المعادلة....
هذه الخلاصة لاوساط قيادية في 8 آذار تتحدث عن وجود انقسام جدي بين فريقين داخل تيار المستقبل، ثمة خط يمثله «الواقعيون»وفي مقدمتهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، وبعض المستشارين المؤثرين في دائرة قرار الرئيس سعد الحريري، يعتقد هؤلاء ان الحل الوحيد لازمة رئيس تيار المستقبل هو بعودته الى رئاسة الحكومة، وهذه العودة لن تحصل اذا لم يكن حزب الله موافقاً، والحزب لن يعطي «الضوء الاخضر» الا اذا تم الاتفاق على انتخاب الجنرال عون رئيسا للجمهورية، وفي حساب بسيط للربح والخسارة، يعتقد هذا الفريق ان حاجة الحريري الى التواجد في السرايا الكبير باتت ملحة اكثر من اي يوم مضى، وتستأهل تقديم تنازل «شكلي» رئاسيا بعد ان تم تقديم التنازل الفعلي سياسيا بقبول ترشيح الوزير سليمان فرنجية للرئاسة، اي ان الاستدارة الكبرى حصلت، والاسوأ قد وقع، واذا كان ثمن عودة الحريري الى السلطة يمر من «بوابة» انتخاب «الجنرال» فما الضير من ذلك، فلتحصل «الصفقة» وستغطي عودة الحريري رئيسا للحكومة مع «بهرجة» اعلامية مدروسة على انتخاب عون رئيسا، جمهور المستقبل «سيهضم» الفكرة خاصة اذا تم التركيز على صلاحيات الرئيس المحدودة مقارنة بصلاحيات رئيس الحكومة...
في المقابل ثمة تيار «ازرق» «حاقد» ويتصرف بخبث تجاه كل من الحريري، والجنرال ميشال عون، وحزب الله، هذا الفريق يتزعمه الرئيس فؤاد السنيورة وبعض الشخصيات «المستقبلية» المرتبطة به شخصيا، يعتقد هؤلاء ان القبول بانتخاب «الجنرال» سيكون هزيمة واستسلاماً كاملاً لحزب الله «والمحور» السوري الايراني، ولا يرون مبررا الان لرفع «الراية البيضاء» والاستسلام في ظل بقاء الاشتباك الاقليمي والدولي على حاله في المنطقة، وطالما ان الاستقرار الامني مضمون وكافة القوى ملتزمة «بخطوط حمراء» مرسومة بعناية في الداخل، لا داعي للاستعجال، ليبقى الحال على ما هو عليه علّ التطورات الاقليمية تحمل معطيات جديدة يمكن الاستفادة منها في اي عملية تفاوض على الساحة اللبنانية. اما مسألة عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، فلا يبدو انها تشكل اولوية لدى هذا الفريق الذي يرى في بقائه خارج السلطة مصلحة واجب الحفاظ عليها، فالحريري «الضعيف» يلائم طموحات السنيورة ويكسبه نفوذا داخل «التيار»، والحفاظ على المكاسب الشخصية اهم بكثير من عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، فبعودته سيزداد نفوذ الدائرة المقربة من رئيس «التيار الازرق»، وسيتم تهميش دور السنيورة، خصوصا ان بينه وبين الكثير من هؤلاء «حسابات» قديمة ستجري تصفيتها. وهذا ما يفسر اقدامه مؤخرا على افتعال ازمة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على خلفية تقرير وزير المال علي حسن خليل الى مجلس الوزراء، وجاء توريط تيار المستقبل بالامر عبر «تهريب» الموقف ببيان صادر عن «الكتلة النيابية» محاولة لتفجير العلاقة مع «او مصطفى» احد اكثر المتحمسين لعودة الحريري الى «السرايا الكبير».
 وبحسب تلك الاوساط، فان الجناح «الواقعي» في المستقبل حاول «جس نبض» حزب الله، اكان ذلك في الحوارات الثنائية او عبر «اصدقاء» مشتركين وطرح تصورا لحل الازمة الرئاسية انطلاقا من «سلة» افتراضية تبدا بالموافقة على انتخاب ميشال عون رئيسا، مقابل ضمانتين رئيسيتين من الحزب الاولى تتعلق بالموافقة على عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، والثانية ضمانة باستمراره في السرايا خلال العهد الجديد، مع اعطائه هامشا واسعا من ما اسموه «الاستقرار السياسي» الذي يسمح له تنفيذ اجندته السياسية والاقتصادية دون المساس بالاستراتيجية الامنية المتفق عليها اليوم..
ويرى هؤلاء ان تنازل تيار المستقبل «رئاسيا» ان حصل، فيجب ان يقابل بثمن يوازي اهميته، واذا كان الدستور يمنح الرئيس الجديد ست سنوات من الحكم المستقر، فان رئاسة الحكومة لا تتمتع بهذه الميزة، وفي غياب الضمانات الجدية باستمرارية الحريري في رئاسة الحكومة لا شيء يمنع من اسقاطه بعد فترة طالت، او قصرت، وفي الخلاصة رئيس الجمهورية محمي بالدستور ورئيس الحكومة يحتاج الى «مظلة» سياسية لا بد من التفاهم عليها قبل اقرار اي تسوية..
الرد العلني جاء عبر كتلة الوفاء للمقاومة في بيانها الاخير حين حملت المملكة العربية السعودية وتيار المستقبل مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية، وهو ترجمة عملية لخارطة طريق ابلغها الحزب لتيار المستقبل خلال جلسات الحوار الثنائي، ورحلة «الالف ميل» تبدا بالمعادلة الاتية «اذهبوا الى المملكة العربية السعودية واحصلوا على رفع صريح وواضح «للفيتو» السعودي عن ترشيح الجنرال ميشال عون للرئاسة، وبعدها يمكن ان يبدأ الكلام المفيد حول «السلة»، ودون هذه الخطوة ستبقى الجهود مجرد تضييع للوقت وهدر للجهود».
اما طرح «المقايضة» فهو غير منطقي،لا شكلا ولا مضمونا، فالمطالبة بالموافقة على فترة زمنية محددة مسبقا لرئيس الحكومة بحيث لا يمكن محاسبته او اقالته، مخالفة دستورية لا يمكن القبول بها، اما من حيث المضمون فلا يعقل ان يحصل الحريري على «شيك» على بياض ليقرر هو وتياره السياسي السياسات المالية والاقتصادية في البلاد، «المقايضة» هنا غير متكافئة، فالموافقة على انتخاب عون قد يقابلها فقط موافقة على عودة الحريري الى رئاسة الحكومة «ونقطة على السطر»، اما باقي التفاصيل فتحتاج الى حوارات جدية واتفاقات شاملة على تفاصيل الحكم في العهد الجديد، في السياسة والاقتصاد والامن، ودون ذلك تبقى مطالب «المستقبل» غير منطقية، حزب الله لا يعتبر انتخاب عون منّة من احد بل واقعية تفرضها موازين القوى في الداخل والاقليم، وليس في وارد تقديم تنازلات مقابل ما هو حق مكتسب..
وفي الخلاصة، قد يكون الرهان على الوقت هو سمة المرحلة المقبلة، الحريري لم يستعد بعد «حظوته» السابقة في السعودية، يحتاج الى اقناع الامراء هناك باهمية عودته رئيسا للحكومة، عليه بذل جهود مضنية لاقناعهم برفع «الفيتو» عن «الجنرال»، لديه ازمة مالية معقدة، وازمة تنظيمية داخل تياره السياسي تزداد خطورة يوما بعد يوم، يضاف اليها ازمة ثقة مع الحلفاء في 14 آذار.. «الكرة» الآن في «ملعبه»، بامكانه انتظار حل ازماته للبدء جديا في البحث عن تسويات مع «خصومه»، او الاستمرار بعمليات «جس نبض» غير مفيدة، او الذهاب الى حلول منطقية وواقعية تراعي موازين القوى السائدة...مع التذكير ان اي من هذه الخيارات لن يكون متاحا الا بعد الحصول على «ضوء اخضر» سعودي.
  

  • شارك الخبر