hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - هتاف دهام

الموازنة أيضاً تنتظر السَّلّة!

الخميس ١٥ تموز ٢٠١٦ - 06:03

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

البناء

أُدخلت الموازنة العامة في سلة الصراعات السياسية والتناقضات. أخذت رقماً من أرقام عناوين الخلاف. رُبطت بنزاع قديم يدخل في صلبه 11 مليار دولار التي أنفقتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وصراع سياسي في مرحلة ما سُمّي بالحكومة البتراء في العام 2006 على مدى ولايتين.
أثار طرح وزير المال علي حسن خليل هذا الملف النعرات عند كتلة المستقبل عموماً ورئيسها على وجه الخصوص. أعيد طرح مسألة الحساب المؤجَّل، وقطع الحساب.
قطع تيار بيت الوسط الطريق على فكرة الموازنة ربطاً بمجموعة توتيرات حاصلة منها ملف النفط. نظر إلى الثروة الطاقوية من زاوية "تفرّد" عين التينة والرابية فيه. عبّر رئيس الحكومة تمام سلام بعدم وضع مرسومي النفط على جدول أعمال مجلس الوزراء عن الموقف الرسمي المستقبلي.

خلال السنوات الماضية بعد عام 2009، ومع تشكيل الرئيس سعد الحريري حكومته الأولى، فتح الخلاف السياسي القائم، النقاش في لجنة المال والموازنة. شكلت الحساباتُ المالية العامة ومشكلة صحة قطع الحساب و الـ 11 مليار دولار وكيفية إصدار موازنة عامة صحيحة، مادة الخلاف الأساسية وقتذاك.
كُلفت لجنة نيابية خاصة إثر هذه النقاشات. أنيطت بها صلاحيات خاصة شبيهة بصلاحية لجنة تحقيق نيابية. عقدت هذه اللجنة عشرات الاجتماعات لمواكبة أعمال الفرق المشكلة من "المال والموازنة" لإعادة حسابات المالية العامة وتدقيقها.
أدت الحلقات النقاشية إلى انكشاف الكثير من الحقائق والاختلالات في وضعية المالية العامة وحساباتها وتجاوز القانون، ووجود فجوات خطيرة في شفافية الوضع المالي تحتاج إلى تحقيق ومتابعة تقنية وربما مسؤولية جنائية.
لم يُقفل هذا الملف. لكن لم يُعلَن انتهاء العمل فيه، رغم وضع مهل زمنية بدءاً من ولاية وزيرة المال السابقة ريا الحسن، مروراً بالوزير محمد الصفدي، وصولاً إلى الوزير علي حسن خليل.
أعلن وزير المال قبل عشرة أيام، أن ما أُنجز هو ستة حسابات من عشرة. نوقشت موازنة 2010 في لجنة المال والموازنة إلا أنها لم تُقرّ في الهيئة العامة لمجلس النواب. أما الموازنات الأخرى فكان مجلس الوزراء يناقش بعضها ويحيلها إلى مجلس النواب. فيما تنجز وزارة المال البعض الآخر من دون أن يتمكن مجلس الوزراء من إحالته إلى البرلمان.
في المحصلة، لم تُصدَر أية موازنة عامة منذ عام 2006 ولغاية الآن. أُصدرت آخر موازنة عام 2005، وأُصدر آخر قطع حساب لعام 2003 ( قانون رقم 716 تاريخ 31/2/2003).
في غضون هذه الأزمة وهذه الانقسامات، برز موقف حاد للتيار الوطني الحر عبّر عنه أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان داخل اجتماعات اللجنة وخارجها. رفض رئيس لجنة المال إصدار أية موازنة عامة قبل الانتهاء من تدقيق الحسابات، وإمكانية المطابقة بين قطع الحساب وحساب المهمة.
في حين أن الميل عند حركة أمل هو السعي إلى إيجاد مخرج لهذا الأمر، يتيح إصدار الموازنة دون ربطها بالانتهاء من تدقيق الحسابات العالقة. على أن تبقى حسابات الأعوام الثلاثة من عمر حكومة السنيورة عالقة، وعدم إعطائه براءة ذمة عنها.
والمرحلة حالياً تُستكمَل من دون أن تفضح القوى السياسية عن خلفياتها. تسعى حركة أمل مجدداً إلى إصدار موازنة عامة متجاوزة إشكالية الانتهاء من تدقيق الحسابات المالية العالقة. ينطلق خليل في مقاربته من المادة 86 المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 وبالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990 "إذا لم يبت مجلس النواب نهائياً في شأن مشروع الموازنة قبل الانتهاء من العقد المعين لدرسه، فرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة يدعو المجلس فوراً لعقد استثنائي يستمر لغاية نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة، وإذا انقضى العقد الاستثنائي هذا ولم يُبَتّ نهائياً في مشروع الموازنة فلمجلس الوزراء أن يتخذ قراراً، يصدر بناء عليه عن رئيس الجمهورية، مرسوم يجعل بموجبه المشروع بالشكل الذي تقدّم به إلى المجلس مرعياً ومعمولًا به. ولا يجوز لمجلس الوزراء أن يستعمل هذا الحق إلا إذا كان مشروع الموازنة قد طرح على المجلس قبل بداية عقده بخمسة عشر يوماً على الأقل".
يُعيد التيار البرتقالي التذكير بأن لا إمكانية لإصدار موازنة قبل الانتهاء من تدقيق الحسابات الذي يسمح بقطع الحساب، مستنداً إلى المادة 87 "إن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تُعرَض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة". يؤيد التيار كل طرح يحترم الدستور ويأخذ بعين الاعتبار المادتين 86 و87 الدستوريتين، وتحت سقف قانون المحاسبة العمومية. إذ لا يمكن الفصل بين المادتين 86 و 87، أي أن الموازنة لا تُنشر في الجريدة الرسمية من دون قطع حساب.
وبعيداً عن الاجتهادين "العوني" و"الأملي"، يرحّب "المستقبل" بإصدار موازنة عامة يجد فيها فرصة للولوج إلى تسوية مالية تقفل هذا الملف السيف المسلّط على رأس السنيورة.
فهل تُصدَر الموازنة؟ لن يكون هناك موازنة في لبنان بمعزل عن تسوية سياسية تشمل الملفات العالقة كلها. ينتظر السنيورة المستهدَف في أكثر من استحقاق فرصة لـ "رد الإجر"، لذلك من الطبيعي أن يسارع الى العرقلة.
سبق ملف النفط الموازنة. بدا للوهلة الأولى أن التفاهم عليه تحقق، ليتبين سريعاً أنه يتداخل مع الاستحقاقات الأخرى كلها. اللحظة السياسية الآن هي لحظة تناقضات على عناوين كبيرة منها الرئاسة وقانون الانتخاب والغاز والنفط وغيرها، رغم أهمية ملف الموازنة وحيويته للدولة والمواطنين.
 

  • شارك الخبر