hit counter script

مقالات مختارة - كبريال مراد

هل يقرّب بري موعد سلّته؟

الأربعاء ١٥ حزيران ٢٠١٦ - 07:57

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

البلد
يروي نائب مواكب عادة لحركة الاتصالات البعيدة من الاعلام والآذان والأعين، انه كان في زيارة مسائية لمرجع سياسي في الساعات الماضية، عندما وصلته رسالة نصّية تعلمه بهجمات انتحارية جديدة في بلدة القاع، فسارع الى اعلام مضيفه بالأمر، فلم يتأخّر بالقول "الله يرحم الشهدا...بركي بدمن بيفطروا الكل عن صومن عن عدم الحلول المطلوبة".

لا تبدو هذه الحادثة بعيدة عما يحكى في الساعات الماضية بين الكتل النيابية المختلفة، عن الحاجة الى دفع الامور بجدّية وسرعة نحو الحوار المنتج والبناء. فبينما تستمر الأزمات الداخلية، تبرز الملفات الامنية المتفجّرة من بوابة الازمة السورية ونزوحها، وهو ما يمكن ان يكبر ككرة الثلج، ويصعب ضبط تداعياته لاحقاً. الامر الذي يتطلّب فتح صفحة جديدة من عدم المماطلة والتمييع.

فمن جهة، تظهر المعلومات والوقائع، ان المجموعات المسلّحة المتمركزة في الجرود اللبنانية، لجهة البقاع الشمالي، تستمر في خططها لضرب الاستقرار. واذا ما عجزت عن ايصال رسائلها النارية في بيروت وضواحيها، فإنها لن تتوانى عن تمرير رسائل البارود والنار عبر المناطق الحدودية. وفي هذا الاطار، يذهب اصحاب وجهة النظر هذه الى حد القول إن هجمات القاع يمكن ان تكون اول عنقود هذا التوجّه.

في هذا الوقت، لا تبدو الحلول الاقليمية قريبة، ليقطف اللبنانيون ثمارها داخلياً، رئاسياً وحكومياً. في جلسة الحوار الأخيرة، اراد رئيس المجلس النيابي نبيه بري تزويد عربة "السلّة المتكاملة" بوقود الاتفاق السياسي، فنقل افكاره الى ثلاثية الجلسات في آب المقبل.

اعتاد بري في السنوات الماضية، منذ الحوار الاول والتشاور، وصولاً الى الحوار بنسخة العام 2016، على اعطاء جرعات من الامل. لكنه يأمل هذه المرة ان لا تكون افكاره مجرد اقوال، بل تترجم عملياً بخطوات متلاحقة، فيترافق ما يتفق عليه المتحاورون، مع "كتيّب الاستخدام" الذي يسمح بالتطبيق العملي.
وكما جرت العادة، يرافق بري طروحاته وتفاؤله او تشاؤله مع الاشارات الاقليمية والدولية. مرّة لضبط الايقاع، وأخرى للتهدئة والتحصّن ضد الاسوأ، ومرة للانتقال من مرحلة الى أخرى. هذه المرة، تقول اوساطه إن كل هذه الاسباب والموجبات تلتقي مع بعضها البعض. ويتحدّث المواكبون عن اجواء اقليمية وغربية مشجّعة لهذه المساعي، "حتى لا يفلت الملق" في لبنان، وسط ما يشكّله من مصالح للاقليم والغرب على حدّ سواء.

في الساعات الماضية، خرج من يتحدّث عن امكان تقريب موعد ثلاثية الحوار، الى تموز، كسباً للوقت، وتعجيلاً في الوصول الى الحلول، على الرغم من ان اوساط رئيس المجلس تقول إن "لا شيء جاهزاً على هذا الصعيد". علماً أن مثل هذه الخطوة تحتاج الى اجواء داعمة، "حتى لا تحترق الطبخة".

ووفق معلومات "البلد"، فإن قنوات بري ستفتح الاتصال في الساعات المقبلة مع المعنيين لجس النبض والاستماع الى ما سيقولونه. فإذا لمس جدّية ورغبة، فعندها "خير البر عاجله"، خصوصاً أن لا رئاسة من دون "السلّة"، ولا عودة للعمل الطبيعي للمؤسسات من دون الاتفاق على رزمة بنود وحلول واجراءات.

حتى اللحظة، يقرأ المتابعون توزّع المواقف بحسب اللآتي: وجهة نظر تروّج "للتسوية الشاملة" التي تحمل معها الحلول لملفات رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب وتركيبة الحكومة الجديدة واللامركزية الادارية، في مقابل وجهة نظر أخرى متحفّظة، تريد اعتماد منطق "الخطوة خطوة"، تستهل برئاسة الجمهورية، خوفاً من ان توصل "السلّة" الى ما يصطلح على تسميته "بالمؤتمر التأسيسي".

من هنا، لا تزال المواقف على حالها، لاسيما أن احداً ليس بوارد التنازل قبل اوانه. وتذهب اوساط المستقبل الى حد القول "إنها ومع وثوقها بصدق نيات رئيس المجلس، الاّ ان العقدة الاساس لا تزال لدى حزب الله المتصلّب بمواقفه".

وتقول اوساط "المستقبل" ل"البلد" "إن اي اتفاق يتطلّب تنازلاً من جميع الأطراف، وما نشهده من مواقف حزب الله، يدفعنا الى عدم التسليم لمشيئته، وعدم التوقيع على وثيقة التنازل له عن البلد".

ورداً على هذه المخاوف والمحاذير، تكرر اوساط بري ما يقوله رئيس المجلس رداً على متهميه بتمهيد الطريق امام "المؤتمر التأسيسي، معتبرة أن "عدم السير بالسلّة، سيقود الى اسوأ من المؤتمر المزعوم، الى الفراغ الشامل الذي قد يقود الى الدمار الشامل للبلاد والمؤسسات، وعندها فليتحمل كل مقصّر مسؤولية افعاله".

وأمام هذه المراوحة بالمواقف، واذا ما استمر تحصّن كل طرف عند مقاربته، فإن "خلوة آب"، او ما قبلها، لن تكون اكثر من تمرير اضافي للوقت، ما لم يطرأ تطوّر نوعي يفرض إنجاز التسوية الداخلية.

يذهب بعض المتشائمين الى حد القول إن تفجيرات القاع لن تبدّل في المشهد الداخلي شيئاً، ما خلا بعض الاجراءات الامنية. فللاسف، ودائماً بحسب هؤلاء، من وزراء ونواب، فساعة الحل اللبناني لا تزال تسير بتوقيت خارج بيروت.
 

  • شارك الخبر