hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - دوللي بشعلاني

فرنسا تبحث عن مرشح تسوية

الأحد ١٥ حزيران ٢٠١٦ - 09:01

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

(الديار)

منذ أن شغر الموقع الرئاسي في لبنان بتاريخ 25 أيار 2014، ونحن نسمع بمبادرات في اتجاه التشجيع على انتخاب رئيس للجمهورية، وبتحرّكات ديبلوماسية لملء الفراغ الرئاسي الذي دخل عامه الثالث، حتى بات يُشبه في تعداد أعوامه سنوات الحرب التي تشهدها بعض دول المنطقة ولا يتوقّف العدّ فيها. فهل من مبادرة جدّية للحلّ قد تُشارك فيها الولايات المتحدة الأميركية والمملكة السعودية، أم أنّ التحرّك الفرنسي المستمرّ منذ بدء الأزمة هو لملء الوقت الضائع في انتظار حلحلة دولية وإقليمية؟
تتحدّث بعض المعلومات عن تقارب أوروبي- إيراني ظهر في منتدى أوسلو الذي عُقد أخيراً في النروج تحت عنوان «تحسين الوساطة في النزاعات المسلّحة» وشارك فيه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومنسّقة السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الى جانب وفود من مختلف دول العالم. لكن بدا واضحاً الإهتمام الأوروبي بحضور ظريف، على ما نقلت أوساط ديبلوماسية مشاركة فيه، إذ عُقد اجتماع جمع موغيريني وظريف ووزير خارجية النروج بورغي برندا بحثت خلاله وجهات النظر تجاه تسوية النزاعات الإقليمية في دول المنطقة، بما فيها انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان.
فالجانب الأوروبي لم يقطع علاقته مع إيران، على ما حاولت السعودية أخيراً، وحضّت جامعة الدول العربية على اعتبار «حزب الله» اللبناني منظمة إرهابية كونه تابعاً سياسياً لإيران، كما أدانت طهران لتدخّلها في شؤونها الداخلية إذ اعترضت على إعدام المملكة للشيخ السعودي الشيعي المعارض نمر باقر النمر، ضاربة بعرض الحائط تاثير إيران على الوضع السياسي في لبنان. على العكس تماماً، على ما تضيف، فالدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، تعلم تماماً أهمية إشراك طهران في حلحلة أزمات المنطقة، كما في انتخاب الرئيس اللبناني.
فقد بدأت إيران والإتحاد الأوروبي بخطة العمل المشترك التي دخلت حيّز التنفيذ، سائرة بذلك على خطى الإتفاق الغربي- الإيراني مع مجموعة الخمس زائد واحد وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، ما يعني أنّها قد ركّزت قدماها في الدول الغربية والأوروبية التي تحمل مفاتيح الحلول لكلّ ازمات ليس فقط المنطقة بل العالم. الأمر الذي يجعل السعودية غير مؤثّرة بشكل كبير على قرارات هذه الدول، علماً انّها تبقى قادرة على العرقلة ووضع العصي في الدواليب خصوصاً لدى رؤيتها الجانب الأوروبي يتفق مع إيران على وضع تسويات لأزمات المنطقة بعيداً عن الأخذ بموقفها.
غير أنّ فرنسا تريد أن تبدأ من مكانٍ ما، ولبنان هو الأقرب اليها والأحبّ الى قلبها، على ما تؤكّد الأوساط نفسها، كونها لعبت باستمرار دور «الأم الحنون» له، وإن أصبحت أمّاً عجوزاً في الوقت الحالي، فهي تؤيد القيام بخطوة أو إنجاز ما في الملف الرئاسي بهدف إخراج البلد من الأزمة السياسية التي يتخبّط فيها منذ أكثر من سنتين، وإلاّ لما أجّل وزير خارجيتها جان مارك إيرولت زيارته الى لبنان من 27 أيار الماضي الى 11 و12 تموز المقبل، كما هو مقرّر حتى الآن، الى ما بعد اجتماعه أخيراً بنظيره الإيراني في باريس.
فالرجلان توافقا على متابعة البحث في مبادرة لتسهيل حلّ الأزمة الدستورية، غير أنّ أسس هذه المبادرة لم توضع بعد على نارٍ حامية، على ما عقّبت الأوساط، سيما أنّ الأطراف السياسية في الداخل لم تتفق بعد على قانون الإنتخاب الجديد الذي يجب على أساسه أن تُجرى الإنتخابات النيابية. ويبدو أنّ الأفرقاء في الداخل لا زالوا يحتاجون الى المزيد من الحوار لتبيان حقيقة المواقف الفعلية ليس فقط من هذا القانون، بل من ملفات عدّة عالقة لا يجدون قاسماً مشتركاً حولها ليعملوا على حلّها، الأمر الذي يُصعّب المهمة على دول الخارج إذ لا يُمكنها أن تفرض الحلّ من دون موافقة المسؤولين اللبنانيين عليه.
من هنا، فإنّ زيارة إيرولت المرتقبة للبنان لن تحمل مبادرة واضحة، على ما اشارت الاوساط، بقدر ما ستُشجّع اللبنانيين على متابعة الحوار فيما بينهم لإيجاد مفتاح الحلّ الذي أياً يكن، فإنّها سوف تدعمه انطلاقاً من سعيها لإعادة السلام الى دول المنطقة، وفي لبنان قد لا يتحقّق الأمن والاستقرار الفعليان من دون انتخاب رئيس للجمهورية، إن من مجلس النوّاب الحالي، أو من المجلس الذي سيُنتخب وفق القانون الجديد الذي يجب التوافق على وضعه ليُصار الى الانتخاب على أساسه.
وتقول الاوساط انّه إذا ما كانت فرنسا تتقارب مع إيران لتسهيل حلّ الأزمة اللبنانية، فلا بدّ لها من أن تسعى لدى السعودية أيضاً لما لهذه الأخيرة من تأثير مباشر على بعض السياسيين في الداخل الذين يُمثّلون شريحة كبيرة من الشعب، إذ لا يكفي موافقة إيران على اي مبادرة لأنّها تدعم جهة دون أخرى، ولا يمكنها الضغط سوى عليها. وقد أثبتت التجارب في لبنان أنّه لا يُمكن لأي طرف أو مكوّن سياسي أن يُقرّر بنفسه دون رأي الطرف الآخر، الأمر الذي يجعل اي مبادرة سوف تُطرح ناقصة لأنّها لن ترضي جميع الأطراف، ولن تتمّ بالتالي الموافقة عليها.
من هنا، فإنّ دعم الإتحاد الأوروبي، وفرنسا من ضمنه، للبنان ومؤسساته وحكومته الحالية التي يرأسها تمّام سلام رغم الضعضعة التي تشهدها مع استقالة بعض الوزراء منها، لا يكفي إذا لم يكن مرفقاً بمبادرة يُمكن أن يُوافق عليها الجميع، تجعلهم يتخطّون خلافاتهم السياسية ويُبادرون الى وضع حدّ نهائي للشغور الرئاسي. وإذا كان الإتحاد مقتنعاً بأنّ إيران هي التي تُعرقل الإنتخابات الرئاسية في لبنان، فعليه إذاً أن ينتزع منها موقفاً بأنّه سيعمل على تسهيل هذه العملية ويُترجم ذلك في مجلس النوّاب، لكي يظهر الطرف الذي يُعطّل فعلياً.
ولعلّ مفتاح الحلّ الذي تبحث عنه فرنسا، ليس الحلحلة من الجانب الإيراني فحسب، كما من الجانب السعودي، بقدر ما هي تفتّش عن «مرشح تسوية»، على ما شدّدت الأوساط ذاتها، لأنّ العقدة برأيها هي في عدم موافقة غالبية النوّاب على أحد المرشّحين الجديين المطروحين حالياً، الأمر الذي يُحتّم إمّا طرح إسم رئيس توافقي يُوافق عليه الجميع وهنا لا بدّ من تقديم تنازلات على المستويات كافة بهدف إنقاذ البلاد، أو إجراء إنتخابات نيابية تسبق الرئاسية، علّ المجلس الجديد يُوافق على انتخاب إمّا رئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون أو رئيس «تيّار المردة» النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية.
 

  • شارك الخبر