hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - المحامي بول كنعان

عن سد جنة... والعميد ريمون اده

السبت ١٥ حزيران ٢٠١٦ - 11:03

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

المحامي بول يوسف كنعان - عضو لجنة العلاقات الدولية في نقابة المحامين في بيروت

كما جرت العادة في لبنان، وهي من المظاهر غير الصحّية عندنا، يدخل كل ملف، واي ملف، في النقاشات العشوائية والمزايدات والزواريب التي لا تخلو من النكد السياسي والمصلحة الشخصية في غالب الأحيان.
وفي الآونة الأخيرة، لم يرتقِ النقاش في شأن سد جنة الى المكان الذي يسمح، للمتابع المهتم، بفصل المقال ما بين المفيد والأقل فائدة أو حتى الأكثر ضرراً. إنما دخلت المسألة في سجال كلامي بين من مع ومن ضد، واصطفّ كل طرف بحسب انتمائه السياسي، أو رغبته في تسجيل النقاط على هذا الفريق أو ذاك.
لا بد من الإشارة بداية، الى أنّ السدود ليست اختراعاً لبنانياً مستجداً، لتتعامل معه شريحة كمن يتعامل مع اكتشاف جديد، تتطلّب مقاربته العودة الى الف بائه، بل إن لبنان كان من البلدان المتقدمة والسباقة في المنطقة، لناحية وعي أهمية السدود من نواحي تخزين المياه وتوليد الطاقة والمحافظة على الثروة الطبيعية، مع المحافظة على البيئة، وتحويل المساحات المحيطة بالسدود مناطق سياحية.
ولا يحتاج الراغب في الاطلاع على هذا الصعيد، الى أكثر من تصفّح كتب المنهج الرسمي للمرحلة الابتدائية، ليقع على معطيات ومعلومات عن القرعون وأنان والليطاني وسواها من المشاريع التي ابصرت النور قبل عقود، وشكّلت مشاريع حيوية للقرى والبلدات واهاليها.
فماذا عن ماهية سد جنة؟ في الواقع، اتخذ قرار إنشاء هذا السد في الرابع والعشرين من نيسان 2009، فوافقت الحكومة على المشروع وتلزيمه بمناقصة عمومية، بحسب الاصول، بعدما استكملت كل الدراسات على انواعها، والتي استند اليها قرار الحكومة في حينه. ويأتي سد جنة ضمن منظومة سدود مؤلفة من ٨ سدود هي: بسري وبقعاتا والمصيلحة وبلعا واليمونة والعاصي والقيسماني، بالاضافة الى سد جنة الذي تبلغ كلفته الاجمالية حوالى ٣٠٠ مليون دولار، بينما تصل كلفة سد بسري الاجمالية مثلاً الى مليار دولار أميركي. ويؤمّن هذا السد حوالى ٩٥ مليون متر مكعب اضافي كتخزين متحرك لتأمين مياه الشفة والري لجبل لبنان وبيروت، حيث يشكل هذا المخزون حوالى ثلث معدل المياه التي تجري سنوياً في نهر ابرهيم نحو البحر، والتي تبلغ ايراداته المتوقعة حوالى ٥٤ مليون دولار اميركي سنوياً.
كما تظهر الدراسات، أنّ هذا السد سيوفر كلفة استيراد النفط وتشغيل معامل الطاقة الحرارية لانتاج ١٠٠ ميغاوات، أي حوالى ١٠ ملايين دولار اميركي. كما يوفر مئة ميغاوات باستحداث معمل كهرمائي جديد، إضافة الى امكان تأهيل المعامل الحالية بحيث يبلغ الاجمالي ١٤٠ ميغاوات سنوياً.
ومنذ عام 2009، تاريخ موافقة الحكومة مجتمعة عليه، استثمرت الدولة اللبنانية حوالى ١٠٠ مليون دولار، بما في ذلك استقصاءات ودراسات وتنفيذ واشراف واستملاكات، في هذا المشروع، فأين المصلحة في عرقلته وتكبيد لبنان هذه الخسائر، فيما ميزان إيجابيات السد "طابش"؟
من الطبيعي أن يراعي أي مشروع البيئة، بل من الواجب والضروري أن يحصل ذلك، لكن السؤال: هل من مبنى يشيّد في آخر بلدة من لبنان من دون قطع الأشجار؟ واذا كانت الاعمال في سد جنة، ستضطر القيمين على المشروع الى اقتلاع أشجار، فسيتم التشجير بنسبة ثلاثة اضعاف هذا العدد، كخطوة عملية للتعويض عن الاشجار المقطوعة.
قبل عقود، كان لبنان متقدماً على صعيد اللجوء الى السدود، ولكنّه تأخّر عن محيطه، كما في ميادين وقطاعات عدة. وتكفي جولة سريعة على سوريا والعراق والأردن وقبرص وتركيا، ليتبيّن لنا أننا وبعدما كنا من السبّاقين، بتنا من المتأخّرين على هذا الصعيد. رحم الله ضمير لبنان العميد ريمون اده الذي طالما نبّه الى أن لبنان مقبل على الشح ما لم يبادر الى إقامة المشاريع التي تسمح له باستغلال مياهه والمحافظة عليها...فتراه ماذا يقول لو سمع أو قرأ عن أن مياهنا تذهب إهداراً في البحر، وتسطو عليها إسرائيل، ونحن نتلهى في قشور السياسة وبهلوانيات حسابات الدكنجية؟

  • شارك الخبر