مقالات مختارة - عبدالله بو حبيب
الاستفتاء البريطاني: ميزان الربح والخسارة
السبت ١٥ حزيران ٢٠١٦ - 07:16
السفير
1ـ الضحية الأولى لحصيلة الاستفتاء البريطاني للخروج أو البقاء في الاتحاد الأوروبي هي ديفيد كاميرون، الذي جازف بالدعوة إلى الاستفتاء طمعا بتقوية مركزه وسلطته في حزبه المحافظ والمنقسم على نفسه.
2ـ الضحية الثانية قد تكون وحدة بريطانيا، خاصة أن الإسكتلنديين معروفون تاريخياً بعلاقاتهم الوثيقة والدائمة مع أوروبا. خروج بريطانيا من أوروبا قد يشجع القوى الانفصالية هناك على الدعوة مرة أخرى لاستفتاء يُخرِج هذه المرة إسكتلندا من بريطانيا العظمى.
3ـ الرابح الأول لتلك النتائج تقوية الشعور القومي المغلف بالعنصرية، خاصة أن قادة الخروج من أوروبا أخافوا البريطانيين بادعائهم أن انضمام تركيا (70 مليون نسمة) القريب إلى الاتحاد سيغير وجه بريطانيا.
4ـ أظهر الاستفتاء الفروقات العميقة بين البريطانيين حول القضايا الأساسية التي يواجهونها. فبينما اقترع الإسكتلنديون ومدينة لندن والمدن الإنكليزية الكبرى للبقاء مع أوروبا، اقترع الريف الإنكليزي وويلز للخروج منها.
5ـ الاقتصاد البريطاني سيتأثر سلبا في المدى القريب، إذ إن الأجور سترتفع بعد الحد من هجرة الأوروبيين الشرقيين إلى بريطانيا، وإلغاء الاتفاقات التجارية والمالية والاستثمارية مع الاتحاد الأوروبي، ومن ثم خسارة بريطانيا منطقة موحدة اقتصاديا يزيد عدد سكانها عن الـ400 مليون نسمة.
6ـ لن يكون هناك تغيير مؤثر في السياسة الخارجية لبريطانيا، إذ إن دورها في الاتحاد لم يكن مميزاً. فبينما تصدرت ألمانيا علاقة الاتحاد مع دول أوروبا الشرقية ومنها روسيا الاتحادية، قادت فرنسا بالتعاون مع إسبانيا وإيطاليا علاقات الاتحاد بدول المتوسط. أما في ما يخص العلاقات الأطلسية التي يُدار معظمها بالحلف الأطلسي، ستفقد لندن بعضا من دورها المنسق بين شمال أميركا والاتحاد الأوروبي.
7ـ لن تستعيد بريطانيا دورها القيادي عالمياً بعد خروجها من أوروبا، خاصة أن للاعبين الدوليين اليوم كتلا سكانية كبيرة ومنها الصين والهند والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا وإمكانية قيام سوق اقتصادية لدول أميركا اللاتينية. إن عدد سكان بريطانيا اليوم يبلغ حوالي 75 مليون نسمة، اقترع منهم حوالي 33.5 مليونا.
8ـ نتائج الاستفتاء ستقوي اتجاه الأحزاب الأوروبية اليمينية نحو التطرّف القومي المغلف بالعنصرية، وربما أثرت إيجابيا على حظوظ المرشح الجمهوري في الانتخابات الأميركية، دونالد ترامب الذي دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
9ـ ستتأثر سلبا دول أوروبا الجنوبية، خاصة اليونان وإسبانيا، التي تواجه أزمات اقتصادية كبيرة، وذلك لأن لندن تدعم سياسة النمو لتلك الدول بعكس ألمانيا التي تدعو إلى عصر النفقات.
10ـ سيكون من الصعب جداً تطبيق الانفصال في شمال أيرلندا وجبل طارق البريطانيين، خاصة أن المنطقتَين محاذيتَين لجمهورية أيرلندا وإسبانيا العضوين في الاتحاد الأوروبي.
11ـ ربما كان دخول حوالي 350 ألف مهاجر العام 2015 إلى بريطانيا، نصفهم من الاتحاد الأوروبي، قد أثر سلبياً على بقاء بريطانيا في الاتحاد لاعتبار المعارضين أن هؤلاء يشكلون عبئاً كبيراً على الخدمات الصحية والتعليمية والخدماتية التي توفرها الدولة لسكانها.