hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - اسعد بشارة

«الكتائب» و«نموذج سجعان»

السبت ١٥ حزيران ٢٠١٦ - 06:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

يخضع وصف تعامل حزب الكتائب مع «نموذج سجعان»، لأكثر من تحليل لكنّ الأبرز لا يرتبط بصراع بين حرس قديم وقيادة جديدة، بل برؤيتين مختلفتين، لا يمكن أن تلتقيا، ولا يمكن أن تصطلحا.من هنا يصحّ القول إنّ خروج الوزير سجعان قزي من حزب الكتائب كان أشبه بنهاية مرحلة وبداية أخرى مختلفة، يمثّلها رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل.

خروج قزي من الكتائب وبقاؤه في الحكومة كان أشبَه بتظهير خريطة جديدة وفرز جديد للخيارات. الجميّل ارتأى أن لا مكان له في حكومة تحوّلت عنواناً للفشل والفساد، أما قزي فاعتبر أنّ الفرصة السانحة بالبقاء داخل الحكومة تُشكّل فرصة للاستمرار.

وتعكس طبيعة الخلاف غير المعلن على أداء قزي الذي مثّل الكتائب داخل الحكومة، جزءاً من التأرجح بين القديم والجديد، بين الحسم واللاحسم، بين الجرأة في البداية من الصفر، والرغبة في البقاء.

منذ فترة، وجد الجميّل نفسه غريباً عن هذه الحكومة. قبل أن يفتى لهذه الحكومة بأنّ شرط معارضة مكوّنين لأيّ قرار شرط ضروري لوقف القرار، كان هناك إحساس لدى الجميّل مطعّم بالمعطيات، يقول بوجود تفاهم رباعي، يتشاور داخلياً ومسبقاً على القرارات والمشاريع والمناقصات، فإذا وصَل الى اتفاق مرّ القرار في مجلس الوزراء، وإذا تعذّر الاتفاق عطّل عمل الحكومة.

شمل هذا التفاهم ملفات كثيرة، على طريقة المقايضة، وأصبح وزراء الكتائب في نهاية المطاف مجرّدين من حق الاعتراض أو تعطيل أيّ قرار أو ملف، فكان خيارهم الانسحاب.

نضج قرار الجميّل بالاستقالة من الحكومة قبل أيام قليلة من تقديم الاستقالة، ونوقش القرار. كان الجميل متوجّساً من موقف قزي، ومستعداً في الوقت نفسه لإجراء اللازم في حال العصيان.

العلاقة بين رئيس الكتائب ووزير الكتائب لم تكن سلسة. كان وزير العمل يُصوّت في مرات كثيرة داخل مجلس الوزراء وفق ما يراه مناسباً، علماً أنّ فريق عمل محترفاً كان يُحضّر جدول أعمال كلّ جلسة، والموقف من كلّ بند وقرار.

وعند اتخاذ القرار بالاستقالة كان قزي في البيت المركزي، وبعد الإعلان سُئل من صحافيين عن طبيعة هذه الاستقالة، فأجاب بوضوح: استقالة كاملة وعدم تصريف أعمال.

في اليوم الثاني فوجئ الحزب بموقف مغاير لقزي. فالوزير الذي استقيل، غير راض، ولا يرغب في ترك وزارة العمل، فكان اتجاه لا مفرّ منه لإقالته من الحزب أيضاً. قبل اجتماع المكتب السياسي لاتخاذ القرار، وصلت اصداء عن مواقف قزي كأنه غير متيقن من أنّ قراراً سيصدر بفصله.

لكن عندما تأكد، أرسل للحزب موافقة كاملة على الاستقالة، يعني بها بوضوح: «لا أشارك في جلسات مجلس الوزراء، لا أذهب الى مكتبي في الوزارة، لا أدير الوزارة من منزلي، لكن احتفظ بالتوقيع والختم على المعاملات». عند ذاك اتخذ الحزب القرار بفصله نهائياً.

ختم حزب الكتائب ملف الوزير الذي يرى في نفسه حزب كتائب مكتملاً، واستمرّ قزي في وزارته، وفي الحكومة، وزيراً يرسم برفضه الاستقالة موقفاً يعتبر فيه أنه ممثل الموارنة في السلطة التنفيذية. أما الكتائب فقد بدأت مسيرة مختلفة تماماً، حيث لم تعد المعارضة تجدي من الداخل، بل أصبح من الضروري ترتيب مواجهة من الخارج، تأخذ في الاعتبار ضرورة إحداث تغيير جذري في الأدوات والأشخاص والوسائل. 

  • شارك الخبر